خلال العقد الأخير من السنوات الماضية ظهرت الى الأفق تحديات متصلة بحجم الاشكاليات التنموية بدائرة تالوين المجسدة في المعاناة والعزلة وضعف الوسائل الضرورية الملحة لمواكبة التوجهات الوطنية في ملامسة برامجها التنموية ،بفعل عوائق مرتبطة بتدبير مجال شاسع ومؤهل وفق مؤهلات طبيعية وجغرافية وتاريخية ووطنية وثقافية مهمة وغنية تستدعي فقط مبادرة القرب الاداري والتدبيري بتقطيع وتقسيم يخلص ساكنة تالوين من غول وكابوس اقليم تارودانت ،الغير القادر تماما من الاضطلاع بتحديات مجال الاقليم ،لعدة اعتبارات يمكن تلخيصها في تعقد المشاكل التنموية بالاقليم وتفاقم حجمها امام عجز الادارة في استيعاب وثيرة الحاجيات المرتبطة بتأهل تالوين من حيث ضرورات لم يعد بالامكان التنازل عنها وفق ما تحمله التوجهات العامة للمغرب في تيسير الولوج الى المصالح المرتبطة بالعمالة المكلفة حاليا ،بالاضافة الى صعوبة تدبير القطاعات الحيوية في تشابك مغاير يقوض فرصة الاهتمام والاستثمار الملح .
تفاقم المعضلات الادارية والمساطر المكلفة في تنقل بين مقر الجماعة والقيادة والدائرة والعمالة بتارودانت حسب الكثير من المتتبعين حجرة عترة وانسداد افق التحدي الذي تمليه التوجهات الوطنية وبرامجها وشعاراتها ومختلف الانظمة القانونية ،وتكريس غير عادل ومنصف للحديث عن العدالة المجالية والانصاف والمساوات بين اعضاء البلد الواحد المغرب .
مع العلم ان المنطقة ليست وليدة سنوات قليلة من الزمن لتحجب غنى تاريخها القادر فقط من الناحية الرمزية لترجمته لواقع يستحق ذلك البريق من حجم ما تعنيه تالوين في التاريخ السكتاني من نبوغ وقيمة تعود اثارها ومخلفاتها الى تاريخ الدول الحاكمة بالمغرب من امثال الدولة السعدية وبزوغ شخصيات اثرت المشهد العلمي والفقهي والقضائي والصوفي والسياسي ،على سبيل الذكر سيدي عيسى بن عبد الرحمان السكتاني الركراكي قاضي القضاة في عصر دولة السعدين ،وشيخ الزاوية الأورستية احد اعمدة الفقه والتصوف بالمغرب ،بحيث تشد اليه الرحال لزوار من مختلف اقطار المغرب وافريقيا وشمال افريقيا ،وعلاقاته مع السلطة المركزية ظلت دائما قائمة ،ولها تأثير في قيمة المجال التالويني في المغرب .
وقد رافق ذلك التوهج عناية وتقدير لسمعة البلاد التالوينية في اطار الاسم التاريخي سكتانة ،وفي التراجم والرحلات والمراسلات كوثائق ارشيف كافي لبلورة تصور عن مدى اضطلاع المنطقة لتحضى بعمالة واقليم يضم مختلف القطاعات الموازية ،دون حاجة الى معرفة مدى التقهقر الذي خيب مكانة منطقة كان من المفروض تعبئة كل الوسائل لبلوغ الأنسب لها كقيمة تاريخية وكمركز حضاري له اسس ايضا في بلورة الحركة الفكرية الوطنية بأعمدة خالدة في الابداع والتوثيق القضائي والأثر السياسي الجاد .
الأمر الذي جعل السلطات الفرنسية تتخده مركزا اداريا للأقامة الفرنسية ومتابعة اعمالها منها كغيره من المراكز في بقاع سوس والمغرب المعروفة بمراكز الاقامة الاستعمارية ،حيث الادارة تمارس بشكلها العصري دي النمط الأوربي ،الى جانب مؤسسات مختلفة كالمدرسة العصرية المركزية التي تأسست سنة 1950ومستشفى محلي ومحكمة شرعية بها قضاة .هذه المعطيات كلها تصب منحى الاختيار الغير الاعتباطي في كون الادارة في تالوين وتجسيد سياسة القرب بها له ما يبرره من حيث المؤهلات وعلاقة المركز بالمحيط الجبلي المتنوع والممتد على مساحة شاسعة تمتد من اقايغان الفايجة جنوبا الى توبقال بامكانياته المعدنية اهمها منجم الزكندر والفلاحية والمياه النابعة من جبل سيروا وجبل توبقال من تلوج تكسوا قممها على مدى السنة وتضخ المياه على وادي زكموزن الدائم الجريان ،والغني بالاشجار والنباتات والذي يشغل نسبة مهمة من الساكنة في الفلاحة وتربية المواشي ،ومنتوجاته تسد حاجيات السوق المركزي تالوين الاثنين.
لا تخلوا الذاكرة الشعبية ايضا بتالوين من اثار ايجابية نحو فضول واسف في ذات الشعور مما حفلت به الموروث الغني الذي يتحف اجيال متعاقبة من حزن عميق لما طال المجال من تهميش وانسداد افق تثمين ذلك اللمعان بقدرات وقيم جديدة تنصهر لتشكل اسمى سبل الازدهار والحضارة ،والحلول واردة وممكنة ينقصها مجرد مبادرة لتثمين بحل اصل المشكل المتمثل في الظفر باقليم مندمج حامل لوحدة قائمة الذات والطموح والاهذاف ،ينيرها المشعل الفكري والوطني بعيدا عن ما تعيشه الساكنة اليوم من تييه في الرؤية ،وبعد عن العقل المدبر لا من ناحية المسافة الطرقية ،ومن الارتباط الشعوري للأجابة عن اسئلة وحاجيات التنمية بتالوين ..
وفي الختام ،لذلك اطلق نشطاء مدنين بتالوين عريضة توقيعات قصد تحقيق حلم طال امده ،واصبح اكثر الحاحا لما ينتظر المنطقة من تحديات ،جسدتها التوجهات الوطنية والخطب الملكية ومقتضيات الدستور الجديد ،وما تمنحه اللامركزية من اسلوب واعد في تحيق تنمية مستدامة ومندمجة تصب في توفير اسسها التنافسية.
# ابراهيم توفيق
تشكراتنا للمجتمع المدني بتارودانت الشمالية والساكنة من جميع القبائل والجماعات