جرى، يوم أمس الأربعاء، التدشين الرسمي لفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجماعة أغبالو نكردوس (إقليم الرشيدية).
وترأس المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، تدشين هذا الفضاء بحضور، على الخصوص، الكاتب العام لولاية جهة درعة تافيلالت ورئيس المجلس العلمي المحلي بالرشيدية، وعائلات ذوي حقوق قدماء المعتقلين بأغبالو نكردوس.
وتأتي تهيئة هذا الفضاء في سياق المبادرات التي تقوم بها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لصيانة وتثمين الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية، والتعريف بأمجاد ملحمة العرش والشعب في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، ولإبراز الموروث التاريخي والتراث الثقافي والحضاري للمغرب وتعريف الناشئة والأجيال الجديدة بفصوله وملاحمه.
وينضاف إلى فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، ويعد ثمرة تعاون وشراكة بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وولاية جهة درعة تافيلالت، والمجلس الإقليمي للرشيدية، والجماعة الترابية لأغبالو نكردوس، وكذا برنامج التنمية المجالية المستدامة لواحات تافيلالت.
وترى المندوبية السامية أن إعطاء انطلاقة هذا الفضاء، الحاضن للذاكرة التاريخية، يجسد إرادة تثمين هذه الذاكرة التي هي ملك للمغاربة جميعا كمكون أساسي للتراث اللامادي الوطني.
وأكدت أن هذا السجن القديم، الذي يعود تاريخه إلى فترة التمرد أو ما سمي في الأدبيات الاستعمارية بزمن “السيبة”، شكل معتقلا لاستقبال أفواج الوطنيين البارزين والقياديين السياسيين ونخب العلماء والوجهاء والمصلحين من مختلف الفئات السوسيو-ثقافية والمهنية، ومن سائر مدن وربوع الوطن.
وتم بناء المعتقل بمنطقة جبلية وعرة وعصية المنفذ بسفح جبل بادو الشهير لمعارك 1933 التاريخية التي خاض غمارها المجاهدون والمقاومون من قبائل تافيلالت الأشاوس في مواجهة التسلل الاستعماري منذ مطلع القرن الماضي قبل عقد الحماية في 30 مارس 1912.
وأضافت المندوبية أن سلطات الاحتلال الفرنسي خططت “لتجعل من المعتقل النائي والمعزول مكانا منقطعا عن أية امكانية الاتصال والتواصل مع المحيط من المدن والحواضر”، مذكرة بأن الوطنيين استطاعوا، بفضل ذكائهم وحنكتهم وحضور بديهتهم، أن يحولوا المعتقل إلى فضاء للتواصل والنقاش السياسي والنضالي ومدرسة لنشر المعرفة والفكر الوطني والمبادئ النضالية.
وفي كلمة بالمناسبة، عبر السيد مصطفى الكثيري عن امتنانه لكل المساهمين والشركاء في إنجاز هذا الفضاء الذي يتزامن تدشينه مع تخليد أسرة المقاومة وجيش التحرير للذكرى 88 لمعركة جبل بادو.
وأشار الكثيري إلى أن هذا الفضاء يعد معلمة تاريخية، تجسد ما يزخر به المكان من أمجاد وروائع رجال الحركة الوطنية الذين تم إبعادهم عن ديارهم والزج بهم في هذا المعتقل.
وأكد أنه تضافرت الجهود لإنجاز أشغال ترميم وتهيئة فضاء الذاكرة التاريخية، وذلك على غرار سائر الفضاءات التي تشرف عليها المندوبية السامية التي وصلت إلى 97 فضاء للذاكرة التاريخية.
وذكر أن افتتاح هذا الفضاء يأتي من أجل المشاركة في تنظيم أنشطة ثقافية وتربوية لفائدة أطفال وتلاميذ الجماعة الترابية لأغبالو نكردوس، مشيرا إلى أنه سيساهم في تعريف الأجيال المقبلة بالتاريخ المغربي.
واعتبر الكثيري أن هذا الفضاء ناطق بموجوداته ومعروضاته، وهو أداة داعمة لسبر أغوار التاريخ المغربي، مضيفا أنه حاضن للذاكرة التاريخية ومشتل للثقافة والتربية على منظومة القيم الدينية والوطنية والإنسانية والكونية.
من جانبه، اعتبر رئيس الجماعة الترابية أغبالو نكردوس، مراد فوزي، أن هذا الفضاء سيساهم في التعريف بنضالات الحركة الوطنية والمجهودات التي قامت بها لتحرير ربوع المغرب.
وعبر فوزي عن شكره لجميع الشركاء في ترميم وتهيئة هذا الفضاء التاريخي الهام الذي سيؤرخ لفترة زمنية هامة من النضال الوطني.
وأشادت مليكة مشهوري، باسم عائلات ذوي حقوق قدماء المعتقلين بأغبالو نكردوس، بتدشين هذا الفضاء التاريخي، مشيرة إلى أنها التفاتة هامة وعربون وفاء للمقاومين المغاربة.
وعبرت مشهوري عن الأمل في استمرار جسور التواصل بين الأجيال المتعاقبة من أجل التعريف بنضالات رموز الحركة الوطنية، ولإحياء الذاكرة التاريخية المشتركة.