“رايتس ووتش”: شبهات تعذيب نشطاء “حراك الريف” تشوّه محاكمة جماعية وعلى محكمة الاستئناف إنصاف النشطاء

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم الجمعة 30 نونبر، محكمة الاستئناف، بإعادة النظر في الأدلة التي تفيد بتعذيب الشرطة للمتهمين، عندما تراجع أحكام الإدانة ضد متظاهرين ونشطاء الحراك الشعبي بالريف.
وقال أحمد بن شمسي، مدير التواصل والمرافعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “هيومن رايتس ووتش”: “لا يجوز لمحكمة أن تتجاهل، بكل بساطة، أدلة تفيد بوقوع تعذيب. على محكمة الاستئناف رفض أي اعترافات مشبوهة، وضمان عدم إدانة أي شخص، إلا لجرائم حقيقية”.
ودخلت قضية معتقلي حراك الريف مرحلة الاستئناف في 14 نونبر 2018. بعد أن أدانت المحكمة الابتدائية جميع المتهمين الـ53 في 26 يونيو، وأصدرت ضدهم أحكاما بالسجن بلغت 20 عاما، بعدما ارتكزت أساسا على “اعترافاتهم”، ورفضت ادعاءاتهم بالتعرض للتعذيب وإنكارهم لما نُسب إليهم في محاضر الشرطة. لم تشرح المحكمة الابتدائية، في حكمها المكتوب ذي الـ3,100 صفحة، لماذا تجاهلت التقارير الطبية التي أشارت إلى أن بعض المتهمين على الأقل تعرضوا للعنف على أيدي رجال الشرطة خلال أو بعد اعتقالهم”. تقول المنظمة الدولية
ونظّم نشطاء الحراك الشعبي بالريف، في عام 2016، العديد من المظاهرات الجماهيرية السلمية، إلى أن أدت حملة أمنية في مايو 2017 إلى اعتقال أكثر من 400 ناشط. نُقل 53 منهم، من بينهم قادة الحراك، إلى الدار البيضاء حيث واجهوا محاكمة جماعية استمرت أكثر من عام. أدانت محكمة الدار البيضاء الابتدائية الجميع في 26 يونيو 2018 بتهم مختلفة شملت المساس بالأمن الداخلي للدولة وإضرام النار في الممتلكات والتمرد ومهاجمة رجال الشرطة أثناء أداء مهامهم وإلحاق أضرار بالممتلكات العامة وتنظيم تظاهرات غير مصرح بها، وحكمت عليهم بالسجن من سنة إلى 20 سنة.

وأصدر الملك محمد السادس في غشت الماضي عفوا عن 116 من نشطاء الحراك، بمن فيهم 11 من مجموعة الدار البيضاء، لكنه لم يشمل أيا من القادة.
وفي 17 و18 يونيو 2017، فحص أطباء شرعيون بتكليف من “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، 34 من متظاهري الحراك المحتجزين، ومن بينهم 19 من مجموعة الدار البيضاء. أشارت تقارير المجلس الطبية إلى أن الإصابات التي تعرض لها بعض المحتجزين كانت إما “شديدة الاتساق” أو “متوسطة الاتساق” مع ادعاءات التعرض للعنف على أيدي الشرطة. في 3 يوليو/تموز 2017، سربت وسائل الإعلام المغربية تلك التقارير.
قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان حينها إن التقارير لم تكتمل، وبالتالي أنها غير رسمية. لكن بعد يوم واحد، أعلن وزير العدل محمد أوجار أنه طلب إرسال نسخ إلى النيابة العامة في محكمتي الحسيمة والدار البيضاء، اللتين كانتا تحاكمان متهمي “الحراك”، “من أجل إدراج هذه التقارير في ملفات القضية… [و] اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.

وراجعت هيومن رايتس ووتش الأجزاء ذات الصلة من الحكم القضائي، كما راجعت 41 تقريرا للطب الشرعي، منها 19 من إنجاز طبيبين كلفهما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و22 من إنجاز طبيب كلفته المحكمة الابتدائية للدار البيضاء. وحضرت هيومن رايتس ووتش 17 من جلسات المحاكمة الـ86، ودرست 55 من وثائق المحاكمة، وأجرت مقابلات مع 10 من محاميي الدفاع و6 من أقارب النشطاء المسجونين.
استنادا إلى محاضر الجلسات أمام قاضي التحقيق المكلف بالقضية، قال 50 من أصل 53 متهما إن الشرطة في مقر “الفرقة الوطنية للشرطة القضائية” في الدار البيضاء ضغطت عليهم بطريقة أو بأخرى لتوقيع محاضر استنطاق تدينهم من دون قراءة محتواها. قال 21 منهم إن الشرطة هددت باغتصابهم أو زوجاتهم أو بناتهم الصغار. قالت محامية الدفاع بشرى الرويسي إن 17 من المتهمين أخبروها بأنهم تعرضوا للعنف البدني أثناء الاستنطاق، بما في ذلك الصفع والضرب واللكم على الوجه مع تقييد أيديهم، أو إدخال جفافات (مماسح) قذرة في أفواههم.
هكذا “اعترف” المتهمون بارتكاب أعمال عنف ضد رجال الشرطة وإضرام النار في سياراتهم وإحراق مبنى لعائلات موظفي الشرطة في إمزورن، بلدة صغيرة قرب الحسيمة، وتنظيم احتجاجات غير مرخص لها. لكنهم نكروا “اعترافاتهم” أمام قاضي التحقيق ثم أثناء المحاكمة.
قالت المحكمة في حكمها المكتوب إن ادعاءات المتهمين بالتعرض للتعذيب “غير جدية وعارية من كل إثبات”، وبالتالي إن طلب الدفاع لإبطال اعترافاتهم “يتعين رفضه”. استندت المحكمة في هذا القرار إلى 22 فحصا طبيا أمر بها قاضي التحقيق وأجريت في 6 يونيو/حزيران 2017، وفي بعض الحالات، إلى فحوص أجراها طبيب يعمل في سجن عكاشة في الدار البيضاء. لكن تتفاوت تقارير الطبيب المكلف من قبل المحكمة وطبيب السجن بشكل كبير مع تقارير فريق المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
تنصّ “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لحقوق الإنسان”، التي صدق عليها المغرب، على أنه لا يجوز “الاستشهاد بأية أقوال يُثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في أية إجراءات”. ينص قانون المسطرة الجنائية المغربي على عدم الاعتداد بكل اعتراف “ثبُت انتزاعه بالعنف أو الإكراه”.

قال الدفاع إن المحكمة انتهكت حقوق المتهمين بطرق أخرى، ورفضت سماع شهود اعتبرهم الدفاع عنصرا حاسما في توفير أعذار لمتهمَين إثنين على الأقل. استمعت المحكمة إلى 3 شهود قدمهم الدفاع، لكنها قالت إن شهاداتهم غير مقنعة. كما منعت المتهمين من الوصول إلى عشرات أشرطة الفيديو وتسجيلات التنصت على المكالمات الهاتفية، التي يستند الحكم إليها باعتبارها أدلة أساسية، حسبما قال محمد المسعودي، أحد محامي الدفاع الرئيسيين، لهيومن رايتس ووتش.
قال بن شمسي إن “عدم اعتبار أدلّة التعذيب والاعترافات القسرية، وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة، شوّه المحاكمة الابتدائية في قضية الحراك. مجريات محاكمة الاستئناف ستُظهر لنا ما الغرض من كل هذا: تحقيق العدالة، أو سحق النضال من أجل العدالة الاجتماعية”.
ادعاءات التعذيب والتهديد بالاغتصاب
تسرد تقارير الطب الشرعي التي طلبها المجلس الوطني لحقوق الإنسان روايات المعتقلين الدقيقة لما حدث لهم، بما في ذلك سوء المعاملة الذي يقولون إنهم تعرضوا له، وتقيّم حالاتهم النفسية بالتفصيل. تقتضي المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توثيق التعذيب وعواقبه، المعروفة أيضا باسم “بروتوكول إسطنبول”، إجراء مثل هذه التقييمات المفصلة. لكن تقارير الطب الشرعي التي أمرت المحكمة بإعدادها لا توفّر من هذه المعلومات المفصلة إلا القليل.
وجد جمال العباسي، الطبيب الشرعي المكلف من المحكمة، علامات عنف على أجساد 3 من أصل 22 معتقلا فحصهم، بمن فيهم ناصر الزفزافي، قائد الحراك. مع ذلك، لم يربط الطبيب بين هذه العلامات وبين عنف الشرطة غير القانوني الذي قال الرجال الثلاثة إنهم تعرضوا له. رفضت المحكمة طلب الدفاع إبطال اعترافات الرجال الثلاثة.

جاء في الحكم، بناء على تقييم الطبيب المكلف من المحكمة، أن سبب إصابات الزفزافي هو “مقاومته العنيفة لعناصر الأمن” خلال اعتقاله في 29 مايو/أيار 2017، وليس عنفا غير قانوني من قبل الشرطة. لم يتطرق الحكم إلى أسباب الإصابات التي وجدها الدكتور العباسي على الرَجلين الآخرين.
فحص هشام بنيعيش وعبد الله الدامي، طبيبان شرعيان كلفهما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 34 سجينا من الحراك. من أصل الـ34، فحص الطبيب الشرعي المكلف من المحكمة 16 ، 10 أو 11 يوما قبل ذلك. وجد الطبيبان بنيعيش والدامي آثار عنف على أجسام 9 رجال (من أصل الـ16 المذكورين أعلاه) قالوا إنها تتسق بدرجات متفاوتة مع رواياتهم عن عنف الشرطة. وصف الطبيبان “الإجهاد الحاد” و”المحنة النفسية الكبيرة” التي كان يعاني منها العديد من المحتجزين عند فحصهم، وذكرا أن “بعض الادعاءات [المتعلقة بالعنف البدني والنفسي خلال الاحتجاز] هي ذات مصداقية لأن العديد من الشهادات المتزامنة تتفق بشأنها”.

ربيع الأبلق (31 عاما)
جاء في المحضر الرسمي لجلسة 17 يوليو/تموز 2017 أمام قاضي التحقيق عبد الواحد مجيد أنّ الأبلق، ومهنته صحفي، قال إنه، في اليوم السادس لاستجوابه في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء، نقله أحد رجال الشرطة إلى غرفة أخرى حيث كان 5 رجال مجهولين مقنعين واقفين يهددون باغتصابه بقنينة إذا رفض توقيع محضر استنطاق قدمته له الشرطة. فوقّعه. كما قال الأبلق للقاضي إن شرطيا أجبره على أن يحمل العلم المغربي ويهتف “عاش الملك!”
يفيد تقرير طبيب مكلف من المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنّ الأبلق، لدى فحصه في 15 يونيو/حزيران 2017، زعم أنه تعرض للضرب على وجهه بينما كان مقيد اليدين أثناء استنطاقه في مقر الشرطة في الدار البيضاء، وأمره أحد رجال الشرطة بنزع قميصه، ثم وضع جفافا (ممسحة) قذرا في فمه وهدد باغتصابه. رغم أن التقرير خلُص إلى أن “الفحص الطبي لم يُظهر علامات عنف على جسده”، وجد أن الأبلق “يعاني من اكتئاب حاد ويبكي باستمرار”، وأن مزاعمه بالتعرض لسوء المعاملة “موثوقة بشكل عام لتماسكها وتوافقها”.
أمر قاضي التحقيق بفحص طبي، أجراه في 6 يونيو/حزيران 2017 طبيب شرعي عينته المحكمة، وخلُص تقريره إلى أنّ “الفحص الطبي في هذا اليوم لا يُظهر علامات عنف بدني”. لم يعلّق القرير على الحالة النفسية للمتهم. رفضت المحكمة في حكمها الخطّي ادعاءات الأبلق بالتعرض لسوء المعاملة، مشيرة إلى أنه لم يتم العثور على أي علامات على جسده أثناء الفحوص الطبية. لا يتناول الحكم الترهيب والتهديدات المزعومة التي وصفها لقاضي التحقيق. حكمت المحكمة على الأبلق بـ5 سنوات سجنا.

محمد بُهنوش (21 عاما)
جاء في محضر الجلسة الإضافية لقاضي التحقيق في 28 يونيو/حزيران 2017 أنه خلال استجواب محمد بُهنوش، ومهنته كهربائي، صفعه رجال الشرطة وضربوه على رقبته وشدّوا لحيته. عندما رفض التوقيع على محضر الاستنطاق الذي قدومه له، هدد رجال الشرطة باغتصابه بقنينة وإحراق لحيته بولاعة. وقّع بُهنوش المحضر.
فحص الطبيب المكلف من قاضي التحقيق بُهنوش في 6 يونيو/حزيران 2017. ذكر تقريره أن بُهنوش يعاني من خدار وألم في الظهر ويصعب عليه تقويم رأسه. لم يتطرق التقرير لأسباب هذه الأعراض، ولم يربطها بسوء المعاملة الذي قال بُهنوش إنه تعرض له.
أفاد الطبيب الشرعي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في 14 يونيو/حزيران 2017 أن العلامات البدنية التي وجدها على جسد بُهنوش تتفق مع ادعاءاته، التي “ترقى إلى التعذيب وسوء المعاملة، إذا ثبتت”.
في حكمها الخطي، رفضت المحكمة ادعاءات العنف بناء على فحص ثالث أُجري في 6 يوليو/تموز 2017 من قبل طبيب في سجن عكاشة في الدار البيضاء كتب أنه لم يعثر على أي آثار للعنف على جسد بُهنوش. حكمت المحكمة على بُهنوش بـ15 سنة سجنا.

يوسف الحمديوي، (34 عاما)
جاء في محضر الاستماع في جلسة 13 يوليو/تموز 2017 أن يوسف الحمديوي، ومهنته مدرّس، قال لقاضي التحقيق إنه خلال استنطاقه من طرف الشرطة، صفعه رجال الشرطة على وجهه وشدّوا شعره وهددوا باغتصابه بقنينة وبحبسه في خزانة، علما أن الحمديوي يعاني من رهاب الاحتجاز (الخوف المرضي من الأماكن المغلقة). قال لقاضي التحقيق أنه وقّع على محضر يُدينه من دون قراءة محتواه.
لم تأمر المحكمة بإجراء فحص طبي ولم تتطرق في حكمها لادعاءات الحمديوي بالتعرض للاعتداء البدني. اكتفى الحكم بالإشارة إلى أن طبيب سجن عكاشة ذكر في 6 يوليو/تموز 2017 أن الحمديوي يعاني من اضطرابات نفسية. حكمت المحكمة على الحمديوي بـ3 سنوات سجنا.

رشيد أعماروش، (28عاما)
جاء في محضر جلسة الاستماع الإضافية لـ19 يوليو/تموز 2017 أمام قاضي التحقيق أن رشيد أعماروش، ومهنته بائع متجول، أفاد أنه عندما نفى لرجال الشرطة الذين استنطقوه مشاركته في احتجاجات الحراك، أجبروه على أن يهتف “عاش الملك!”. قدم له رجال الشرطة في وقت لاحق محضرا قرأه ورفض التوقيع عليه. قال إن أحد رجال الشرطة آنذاك ضرب رأسه على الطاولة بعنف وسأله: ” إياه؟ علاش، ما كتّيقش فينا؟” (حقا؟ ألا تثق بنا؟) عندها، وقّع أعماروش على المحضر.

خلال جلسة الاستماع التمهيدية لأعماروش، كان قاضي التحقيق قد أمر بإجراء فحص طبي. فحصه طبيب بتكليف من المحكمة في 6 يونيو/حزيران 2017، ثم كتب أن السجين قال إنه “لم يتعرض للعنف”، وخلُص إلى تقريره أن “الفحص الطبي لهذا اليوم لا يكشف عن علامات عنف بدني”. 11 يوما بعد ذلك، فحص طبيب شرعي عيّنه المجلس الوطني لحقوق الإنسان أعماروش. في تقريره، كتب الطبيب ادعاءات أعماروش بأن رجال الشرطة صفعوه ولكموه وركلوه عند استنطاقهه، ولاحظ أن أحد أصابعه كان مخلوع المفصل.
في حكمها الخطي، رفضت المحكمة ادعاءات التعذيب، استنادا إلى الفحص الطبي الأول، ولم تذكر نتائج الفحص الثاني. حكمت المحكمة على أعماروش بسنتين سجنا.

حسين الإدريسي، (27 عاما)
جاء في محضر جلسة الاستماع الإضافية لـ19 يوليو/تموز 2017 أمام قاضي التحقيق أن الصحفي حسين الإدريسي قال إن شرطيا ضربه بعنف بدباسة على ظهره، قبل أن يصفعه ويلكمه شرطي آخر. قدموا له محضرا من 150 صفحة وطلبوا منه التوقيع عليه. رفض التوقيع من دون قراءته أولا. هدد رجال الشرطة باغتصابه بقنينة. فوقّعه.
أخبر الإدريسي قاضي التحقيق بأن رجال الشرطة أخذوا عينات من لعابه وبصمات أصابعه وشريط فيديو له في ملابسه الداخلية من دون موافقته. كان نفس القاضي قد أمر بإخضاع الإدريسي لفحص طبي بعد جلسة تمهيدية معه أسابيع قبل ذلك. لم يكشف هذا الفحص، الذي أُجري في 6 يونيو/حزيران 2017، “عن أي علامات للعنف البدني”، وفقا لتقرير الطبيب. 11 يوما بعد ذلك، فحص طبيب آخر الإدريسي، هذه المرة بتكليف من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأفاد تقريره بوجود إصابات في 3 أصابع من يده اليسرى، “بما يتسق مع التاريخ الذي يزعم فيه أنها (الإصابات) وقعت (…) بسبب ضربات بالجزء الحاد من دباسة”. أخذت المحكمة في حكمها الخطي بادعاءات الإدريسي بالتعرض لسوء المعاملة على يد الشرطة، لكنها رفضتها استنادا إلى التقرير الطبي الأول، ولم تذكر التقرير الثاني. حكمت المحكمة على الإدريسي بـ5 سنوات سجنا.

زكرياء أظهشور، (27 عاما)
جاء في محضر جلسة الاستماع الإضافية أمام قاضي التحقيق في 28 يونيو/حزيران 2017، أن زكرياء أظهشور، ومهنته گباص (عامل جبس)، قال إنه عندما رفض التوقيع على محضر الاستنطاق الخاص به، صفعه رجال الشرطة على وجهه ولكموه وأشعلوا ولاعة قرب لحيته، مهددين بحرقها. فوقّع.
فحص طبيب شرعي أظهشور بتكليف من قاضي التحقيق في 6 يونيو/حزيران 2017، وأشار إلى أن الفحص “لا يكشف عن علامات عنف بدني”. 11 يوما بعد ذلك، فحصه طبيب مكلف من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وسجل شهادته، وأبلغ عن علامات على ذقنه قال إنها تؤكد صحة رواية أظهشور وكذلك شهادات معتقلين آخرين بشأن التهديد بحرق لحيته. في حكمها الخطي، ذكرت المحكمة أقوال أظهشور المتعلقة بسوء معاملة الشرطة، ولكنها رفضتها استنادا إلى التقرير الطبي الأول، ولم تذكر التقرير الثاني. حكمت المحكمة على أظهشور بـ15 سنة سجنا.

عمر بوحراس، (27 عاما)
يقول محضر جلسة الاستماع أمام قاضي التحقيق إن عمر بوحراس، ومهنته ميكانيكي، أخبر القاضي في 3 يوليو/تموز 2017، أنه أثناء توقيفه في الحسيمة، ضربه رجال الشرطة على وجهه وكسروا إثنين من أسنانه. قال إنه أثناء استنطاقه في الدار البيضاء، ضربه رجال الشرطة على وجهه، وطلبوا منه الإفصاح عن “30 شخص من نشطاء الحراك”، وأسقطوا اثنين من أسنانه. عندما رفض بوحراس التوقيع على المحضر الذي قُدّم له، حسبما قال للقاضي، هدد رجال الشرطة باغتصابه بقنينة، وصفعوه ولكموه على وجهه عدة مرات وهو مكبّل الأيدي. فوقّع المحضر.
لم يأمر القاضي بإجراء أي فحص طبي لبوحراس، ولم يذكر الحكم الخطي للمحكمة الإساءات البدنية المزعومة. وأشار الحكم إلى أن طبيب الأسنان في سجن عكاشة “قدم (لبوحراس) العلاجات الضرورية (بعد أن) أحس بألم حاد على مستوى أسنانه (…) وأزال جذور ضرسه المتعفنة” في 6 يونيو/حزيران 2017. حكمت المحكمة على بوحراس بـ10 سنوات سجنا.

محمد المجاوي، (47 عاما)
جاء في محضر جلسة الاستماع أمام قاضي التحقيق أن محمد المجاوي، ومهنته مدرّس، قال إنه بعد استنطاقه، قدمت له الشرطة محضرا وطلبت منه التوقيع عليه. بعد قراءته، حلى حد قول المجاوي، أدرك أن محضر استنطاقه يتضمن أقوالا لم يتلفظ بها أبدا، تدين قائد الحراك ناصر الزفزافي. عندما رفض المجاوي التوقيع، هدده أحد رجال الشرطة باغتصاب زوجته وبنتيه الصغيرتين، اللواتي وضع الشرطي صورا لهن على مكتبه. فوقّع المجاوي. لم يأمر قاضي التحقيق بأي تحقيق في تلك الادعاءات، ولم يشر الحكم الخطي للمحكمة إلى تهديدات الاغتصاب المذكورة. حكمت المحكمة على المجاوي بـ5 سنوات سجنا.

عبد الخير اليسناري، (39 عاما)
جاء في محضر جلسته أمام قاضي التحقيق في 19 يوليو/تموز 2017 أنه في نهاية استنطاقه، رفض عبد الخير اليسناري، ومهنته جزار، توقيع محضر قدمه له رجال الشرطة، لأنه يضمنت أقوالا تدين الزفزافي لم يدلِ بها أبدا. قال اليسناري لقاضي التحقيق إنه في وقت لاحق من تلك الليلة، هدد أحد رجال الشرطة باغتصابه بقنينة، في حين بدأ آخر ينزع ملابسه وكأنه يشرع في تنفيذ التهديد. فوقّع اليسناري. فيما بعد، نفى مضمون المحضر أمام قاضي التحقيق، الذي لم يأمر بإجراء أي تحقيق في ادعاءاته. لم تذكر المحكمة ادعاءات التهديد بالاغتصاب في حكمها الخطي، وحكمت على اليسناري ب سنتين سجنا.

قال إبراهيم بوزيان (32 عاما)،ومهنته بائع، وكريم أمغار (34 عاما)، ومهنته جزار، لقاضي التحقيق بحسب محضرَيْ جلستي الاستماع في 13 و17 يوليو/تموز 2017، إن الشرطة هددت باغتصابهما بقنينة إذا رفضا التوقيع. فوقّعا. وجاء في محضر جلسة عبد العزيز خالي (33 عاما)، ومهنته خباز، في 17 يونيو/حزيران 2017، أنه أخبر قاضي التحقيق أن رجال الشرطة قالوا له بعد أن رفض التوقيع على محضر استنطاقه: “غادي نجيبو ليك مراتك هنا وغادي تشوف شي حوايج ما تشوفهم غير فسوريا” (“سنحضر زوجتك إلى هنا وسترى أمورا تحدث فقط في سوريا”). وقّع خالي المحضر من دون قراءته. لم تفتح المحكمة تحقيقا في مزاعم التهديد بالاغتصاب هذه، ولم تذكرها في الحكم الخطي. حكمت المحكمة على بوزيان بـ3 سنوات سجنا، وعلى أمغار بـ10 سنوات، وعلى خالي بسنتين.
اطلعت هيومن رايتس ووتش أيضا على محاضر جلسات الاستماع الخاصة بـ10 سجناء آخرين أمام قاضي التحقيق: وسيم البوستاتي (25 عاما)، بائع؛ وصلاح لشخم (27 عاما)، طالب؛ وسمير إغيد (31 عاما)، گباص (عامل جبس)؛ ومحمد حاكي (32 عاما)، مدير مقهى؛ وعبد الحق صديق (27 عاما)، بائع؛ وفؤاد السعيدي (32 عاما)، تقني؛ وعثمان بوزيان (29 عاما)، بائع؛ وسليمان الفحيلي (31 عاما)، حارس أمن؛ وبلال أهباض (20 عاما)، طالب؛ وجمال بوحدو (43 عاما)، عاطل.
قال الرجال العشرة جميعهم لقاضي التحقيق إنه أثناء استنطاقهم، صفعهم رجال الشرطة على وجوههم ولكموهم وركلوهم، وهددوهم بالاغتصاب عندما رفضوا التوقيع على أقوال مكتوبة. جميعُهم وقعوا. أبلغ الطبيب المكلف من المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي فحص أهباض والفحيلي والسعيدي وصديق عن علامات بدنية قال إنها “قد ترتبط بادعاءات (العنف) أو قد تكون حدثت في سياقات أخرى”.

11 يوما قبل ذلك، كان الطبيب الشرعي الذي كلفه قاضي التحقيق قد فحص نفس الرجال، وخلص إلى أن أهباض والفحيلي والسعيدي “لم تبدُ عليهم أي من علامات العنف البدني”، بينما كان صديق يعاني من إصابة فوق عينه اليسرى، أشار التقرير أنها “قد تكون نتيجة للعنف البدني”. مع ذلك، لم يربط التقرير بين الإصابة ومزاعم صديق بالتعرض للتعذيب. رفضت المحكمة في حكمها الخطي ادعاءات إساءة معاملة السجناء العشرة جميعهم، وحكمت عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 3 سنوات و20 سنة.
ادعاءات ضغوط وتزوير شهادات

نبيل أحمجيق (34 عاما)، طالب؛ ومحمد الأصريحي (31 عاما)، صحفي؛ وعبد المحسن أتاري (25 عاما)، عامل بناء؛ وعبد العالي حود (29 عاما)، نادل، أبلغوا قاضي التحقيق بأن رجال الشرطة خدعوهم بجعلهم يوقعون محاضر تتضمن أقوالا تدينهم.
جاء في محضر جلسة الاستماع أن أحمجيق قال في 12 يوليو/تموز 2017، إنه بعد 4 أيام وليال من الاستنطاق شبه المتواصل، جاء عناصر الشرطة إلى زنزانته في الثانية صباحا وأيقظوه وأخذوه للاستنطاق مرة أخرى، ثم ضغطوا عليه للتوقيع على وثيقة من 200 صفحة على الرغم من حالته المرهَقة الواضحة للعيان. فوقّع.

قال الأصريحي إن عناصر الشرطة في 11 يوليو/تموز 2017 أعطوه نسخا عديدة عن محضر استنطاقه وضغطوا عليه لتوقيعها بسرعة بسبب اقتراب ساعة الإفطار (كان شهر رمضان). فوقّع، واكتشف فيما بعد أن المحضر يتضمن أقوالا تدينه لم يُدلِ بها.
وصف أتاري في 11 يوليو/تموز 2017 وحود في 28 يونيو/حزيران 2017 تجارب مماثلة. بعد عدة أيام وليال من الاستجواب المتواصل، قدم لهما رجال الشرطة محاضر استنطاقهما قبل دقائق من موعد الإفطار في رمضان. قال المتهمان إنهما كانا منهكين للغاية وضُغط عليهما للتوقيع بسرعة، وهو ما فعلاه، بعد قراءة الصفحات الأولى فقط.

رفض الرجال الأربعة أمام قاضي التحقيق محتويات محاضر الشرطة الخاصة بهم. مع ذلك، لم تأمر المحكمة بإجراء تحقيق في مزاعم الضغط والتزوير، ولم تشِرْ إليها في الحكم الخطي. حكمت المحكمة على أحمجيق بـ20 سنة سجنا، والأصريحي وحود بـ5 سنوات، وأتاري بسنتين.
رفض السماح لشهود دفاع رئيسيين بالإدلاء بشهادتهم
اتهم ممثل النيابة العامة بلال أهباض (20 عاما)، طالب، بإضرام النار في سيارة شرطة ومبنى سكني لعائلات رجال الشرطة في إمزورن، وهي بلدة صغيرة قرب الحسيمة، في 26 مارس/آذار 2017. واتهم سمير إغيد (31 عاما)، گباص، بمحاولة قتل رجل شرطة، بدعوى أنه ألقى عليه طوبة إسمنتية من سطح منزل في الحسيمة في 26 مايو/أيار 2017.

نفى المتهمان هذه الاتهامات. قال إغيد إنه في وقت الحادث، كان يحضر جنازة أحد أقاربه، بينما قال أهباض إنه كان في الشاطئ مع صديقين. طلب محامو الدفاع من المحكمة استدعاء أقارب إغيد وصديقي أهباض للإدلاء بشهاداتهم. لكن المحكمة رفضت الطلبين بدون تبرير، ولم تذكر الطلبين أصلا في حكمها الخطي. حكمت المحكمة على أهباض بـ10 سنوات سجنا، وعلى إغيد بـ20 سنة.
اتُهم زكرياء أظهشور، (27 عاما)، ومهنته گباص، بنفس عمليات الحرق في إمزورن التي اتُّهم بها أهباض، في 26 مارس 2017. استدعى الدفاع خلال المحاكمة 3 من زملاء أظهشور الذين شهدوا بأنه كان في وقت الحادث برفقتهم في مكان عملهم المشترك في الحسيمة، على بعد حوالي 20 كيلومترا من إمزورن. مع ذلك، رفضت المحكمة في حكمها الخطي شهادتهم، بالتعليل التالي: “وحيث إن شهود النفي (…) أفادوا جميعا بأنهم لم يحضروا و لم يعاينوا (…) أحداث إضرام النار (…) وليس لهم علم بالأشخاص الذين تسببوا في الأحداث الدامية المذكورة، مما يجعل شهادتهم غير مجدية.” حكمت المحكمة على أظهشور بـ15 سنة سجنا.

حرمان المتهمين من الاطلاع على الأدلة
يشير الحكم إلى أن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء اعتمدت أيضا في إداناتها على عشرات أشرطة الفيديو والتسجيلات الصوتية، تم بث بعضها خلال جلسات المحاكمة. قال محمد المسعودي، أحد المحامين الرئيسيين عن سجناء الحراك، لهيومن رايتس ووتش، إنّ المحكمة رفضت تقديم التسجيلات المذكورة إلى الدفاع، رغم طلباته المتكررة بذلك، كتابيا وشفويا خلال الجلسات. لم يبرر الحكم أو حتى يشِر إلى رفض المحكمة تمكين الدفاع من الاطلاع على هذه الأدلة، التي قالت المحكمة إنها تدين المتهمين.
اكتفت المحكمة بتوفير تفريغات مكتوبة لعمليات التنصت على مكالمات هاتفية بين نشطاء الحراك، تُرجمت إلى العربية من لهجة “تاريفيت” المحكية في منطقة الريف والمتفرعة من اللغة الأمازيغية . قال المسعودي إن عدة متهمين، ومن بينهم الزفزافي، أبلغوا قاضي التحقيق وممثل النيابة العامة ورئيس المحكمة بأن النصوص الواردة في التفريغات المكتوبة تحتوي على ترجمات عربية مغلوطة للمكالمات المسجلة. أضاف المسعودي أن هذه النصوص كتبها وترجمها رجال شرطة وليس مترجمون محلفون، كما ينبغي حتى تُعتبر أدلة مقبولة في المحكمة.
يحق للمتهمين، بموجب الحق في محاكمة عادلة على النحو المنصوص عليه في معاهدات حقوق الإنسان الخاصة بالأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، تقديم شهودهم الرئيسيين في المحكمة على نفس الأساس الذي يحظى به الادعاء. كما للمتهمين الحق في الاطلاع على جميع الأدلة الرئيسية في القضية المرفوعة ضدهم، وإمكانية فحصها والطعن فيها.

شاهد أيضاً

بنصفية يوضح تجربة المعهد العالي للاعلام والاتصال مع الأمازيغية

بخصوص ما راج في وسائط التواصل الاجتماعي على أن المعهد العالي للاعلام والاتصال اقصى الأمازيغية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *