بقلم: ذ. عبد الله نعتي
هذا المقال عبارة عن استئناف للمقالات التي كنا قد بدأناها منذ شهور، والتي خصصناها للرد على المغالطات التي يمررها الدارودي في كتاباته، معتمدين في ذلك على منهج علمي موضوعي.
في تلك المقالات وضحت الأخطاء المتعمدة و أسلوب التزوير و الكذب الذي يمتهنه الدارودي و يعتمده كمنهج له في كتاباته، إلا أن الكاتب لازال مصرا على كذبه و متشبثا به، و يعتبر مقالاتنا دون أن يرد عليها بأن فيها اتهام له زورا و بهتانا، و ندعوه بدورنا أن يتحلى بالشجاعة “العلمية” و يوضح لنا مكامن الإتهام فيها، فكل ما أوردته في مقالاتي أستند فيه إلى مصادر و مراجع.
و للإشارة فإن صاحبنا الدارودي بعد اطلاعه على تلك المقالات تغيرت نظرته في نقطتين أساسيتين و اللتان تدور حولهما كتابات الدارودي و باقي القومجيين:
النقطة الأولى : أن صاحبنا الدارودي أصبح يستعمل لفظة أمازيغ كلفظة أصلية و يستعمل لفظة بربر و يضعها بين قوسين ، و هو ما نراه في تدوينته الأخيرة على صفحته في شبكة التواصل الإجتماعي الفايسبوك، هذا بعد اطلاعه عن معنى لفظة أمازيغ و معنى لفظة بربر، حيث كان قبل ذلك يدعو إلى عدم استعمال لفظة أمازيغ لأنها بدعة و صرعة جديدة و يحث على استعمال لفظة بربر و عدم تجاوزها، لذا ندعوه أن لا يستعمل لفظة أمازيغ و أن يحذفها من قاموسه إن كانت بدعة حسب قوله، و إلا فكيف تنهي الناس عن فعل و أنت مرتكبه؟
النقطة الثانية :هي أن صاحبنا أصبح مقتنع بأن الأمازيغ ليسوا من أصل عربي و هو ما نقرأه في إحدى تعليقاته قائلا : ” لم أقل أن الأمازيغ أصلهم عرب و لم أقل أن العرب أصولهم أمازيغ، ما أقوله هو أنهما معا يشكلان كتلة واحدة متجانسة…” و نجد عكس ذلك في كتاباته حيث يقول في الصفحة 338 من كتابه حول عروبة (البربر) : “… وأن يستمر هذا الشباب المجاهد في التعريف بالحقيقة المغمورة لقدماء المغرب الكبير، وهي أنهم عرب أقحاح سواء أطلقنا عليهم اسم الليبيين أو البربر أو الأمازيغيين، وكل قول غير هذا القول هو ادعاء زائف يتحتم علينا أن نعريه، فلقد شاعت أكذوبة “البربر غير العرب” ثم استفحلت، لذا صار من واجب الجميع كشفها الآن، دون انتظار ودون تهاون” انتهى كلام الدارودي.
بعد هذا هل يملك الدارودي تفسيرا لمثل هذه التناقضات التي يقع فيها ؟ أم أن هناك جهة أخرى تقوم بتأليف مثل تلك الكتب و تقوم بتسويقها باسم الدارودي؟
عموما إن المقالات السابقة أتت أكلها و وجهت بوصلة صاحبنا الدارودي ليجلس مع نفسه و يعيد النظر في أسلوبه و منهجه البعيد كل البعد عن المنهج العلمي، فزمن الكذب و الإفتراء و الأساطير قد ولى، و نحن في زمن أصبحت فيه كل الوسائل العلمية متوفرة.
و أما الموضوع الذي سنتحدث عنه في هذه المقالة هو الأبجدية (البربرية) كما سماها الدارودي، و سنناقش ما جاء به الدارودي في هذه الموضوع، ونبين للقارئ أن صاحبنا الدارودي لا يدخر جهدا في ممارسة الكذب و كل هذا باسم العلم ، و نترك للقارئ فرصة الحكم على الدارودي من خلال ما سنأتي به في هذه المقالة.
استهل الدارودي حديثه عن الأبجدية الأمازيغية بأنها عربية الأصل، و قال بأنه لا يريد أن يطيل على القارئ بأقوال العلماء الذين يؤكدون أن الأبجدية الأمازيغية عربية الأصل ، و هنا نقول لصاحبنا الدارودي أن ذكر أقوال هؤلاء العلماء – إن وجدت – ليس بإطالة و إنما لإضفاء الطابع العلمي على ما تكتبه و لدعم أطروحتك.
و بعد ذلك انتقل الدارودي للحديث عن حروف ظفار، حيث يقول الكاتب في الصفحة 333 من كتابه : “… وفضلنا ـ بدلا عن ذلك ـ أن ْ نرفق جدولين للمقارنة ما بين الحروف البربرية بشقيها التيفيناغي والليبي القديم وبين الحروف الظفارية، وضعهما الباحث الظفاري (علي أحمد الشحري) المتخصص بالنقوش والكتابات القديمة، وهو مكتشف هذه الأحرف في مواقع كثيرة بجبال وصحاري ظفار عام 1986ميلادية، ومن المهم أن نذكر بأن هذه الحروف الظفارية لم يحدد عمرها بعد”. انتهى كلام الدارودي
إن القارئ لهذه الفقرة التي ذكرها الدارودي سيعتقد أن الدارودي سيقوم بمقارنة حروف الأبجدية الأمازيغية مع الحروف الظفارية التي اكتشفها الباحث علي أحمد الشحري، لكن هذا ليس صحيحا ، فكلام الدارودي في الفقرة أعلاه ليس إلا نوع من الكذب و الإفتراء الذي يتقنه الدارودي ، وهو نوع من الأساليب الماكرة التي يمرر بها أكاذيبه و بالتالي ليتمكن من خداع القارئ و إيهامه بأن كتاباته علمية تستند إلى مراجع و مصادر، لكن الحقيقة عكس ذلك، و سنبين للقارئ الكريم أن صاحب هذا الكتاب متقن للكذب و التحريف و التزوير، و أدلتنا على ما نقول هي كالتالي:
أولا : إن الكاتب قال بأن الحروف الظفارية التي سيقارنها بالحروف الأمازيغية هي تلك الحروف التي اكتشفها الباحث علي أحمد الشحري، لكن إذا نظرنا إلى جدول المقارنة الذي أورده الدارودي في كتابه (أنظر الصورة رقم 1 المأخوذة من كتاب حول عروبة “البربر” صفحة 334 للدارودي) نجد أن الحروف التي قدمها لنا الدارودي على أنها حروف ظفار لا علاقة لها بما ذكره الباحث علي أحمد الشحري ( أنظر الصورة رقم 2 و الصورة رقم 3 المأخوذتين من كتاب “لغة عاد” صفحة 84 و 85 للباحث علي أحمد الشحري).
و لك أخي الكريم أن تقارن بنفسك بين حروف ظفار الأصلية الذي ذكرها الباحث علي أحمد الشحري و بين حروف ظفار الذي ذكرها الدارودي و هل هناك علاقة بينهما.
ثانيا : قول الكاتب بأن هناك تطابق بين حروف ظفار و حروف اللغة الأمازيغية، و هو ما نقرأه في الصفحة 333 من كتابه حيث يقول : ” بقي أن نذكر بأن الناظر إلى هذين الجدولين سيندهش لمَا يراه من تطابق تام في الشكل ما بين حروفنا نحن أهل ظفار والحروف القديمة لأهل المغرب العربي، مع التنويه إلى أن هناك أحرف من اختراع الباحثين المغاربة المعاصرين، وضعوها كي يكملوا تمثيل بقية الأصوات البربرية التي ليس لها ما يمثلها في الحروف البربرية الأصلية القديمة، لذا من الطبيعي ألا نجدها ضمن الحروف الظفارية”.
هذا القول غير صحيح نهائيا، و هو من أكاذيب الدارودي، نعم هناك تطابق بين الحروف التي ذكرها في الجدول ، و هذا شيء عادي جدا، لأن صاحبنا الدارودي قام فقط بإعادة كتابة حروف تيفيناغ في الجدول و كتب فوقها حروف ظفار، أما حروف ظفار الأصلية لم يذكرها الدارودي نهائيا في الجدول. ونقول للدارودي أننا لم نندهش بسبب التطابق بين الحرفين لأنه في الأصل حرف واحد تمت إعادة كتابته تحت اسم حروف ظفار، أما ما جعلنا نندهش هو حجم الفرية التي اكتشفناها في كتابك و التزوير الذي تمارسه مع سبق الإصرار، و ما اندهشنا له أيضا هو شجاعة الدارودي في ممارسة الكذب و التزوير علانية دون حياء و حشمة.
ثالثا : و أخيرا إن صاحبنا الدارودي فضح نفسه بنفسه في الفقرة الأخيرة من الصفحة 334 حيث يقول : ” ومن المهم أن نشير بأن الحروف الظفارية لم تقرأ إلى الآن، ولذا نحن في حاجة إلى تظافر جهود المتخصصين العرب في النقوش والكتابات القديمة للقيام بهذا العمل بحثا ً وتنقيبا ودراسة ومقارنة، بصفته مشروعا قوميا لا مشروعا قطريا يخص القطر الظفاري”. من خلال هذه الفقرة نستنتج أن حروف ظفار لم تقرأ إلى يومنا هذا و لم يحدد تاريخها حتى يومنا هذا، فكيف تمكن الدارودي من قراءتها؟ مع العلم أن القراءة التي افترضها مكتشف تلك الحروف مجرد افتراض منه، و هي مختلفة لما قدمه الدارودي علما أن هذا الأخير يقول بأنه أخذ هذه الحروف عن أحمد علي الشحري ، لكن بمقارنة ما ذكره الدارودي مع ما جاء به الشحري نجد أنه لا علاقة بينهما نهائيا لا من حيث الشكل و لا من حيث القراءة.
و في الأخير نقول للقراء الذين سقطوا ضحية أكاذيب الدارودي أن لا يصدقوا أي معلومة يأتي بها هذا الكاذب في كتاباته إلا بعد أن يتحقق بنفسه من المعلومة من مصدرها الأصلي، فهؤلاء يريدون استحمار الشعوب بأفكار القومية العربية التخريبية و التي لا تدخر جهدا في لَيِّ عنق الحقائق و تزويرها، فهؤلاء الزنادقة ليسوا من العرب أصلا، منهم أمازيغ تبربروا ثم تعربوا، و شركس معربين ، و صاحبنا الدارودي إفريقي صومالي من قبائل الدارود تنكروا لأصولهم فأرادوا أن ينقلوا عدواهم لباقي مكونات المجتمع، لذا يجب الإبتعاد عن كتابات هؤلاء الزنادقة و خصوصا من لا دراية له بالتاريخ و بعلوم اللغة.