رسالة خاصة إلى فعاليات الحركة الأمازيغية بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم

أحمد أرحموش

لم يعد خافيا على أي متتبع نبيه خطورة مستوى تأزيم وعرقلة وضع الأمازيغية ضدا على اصالتها بوطنها ومركزها القانوني الجديد بدستور 2011, وما يستدعيه ذلك من مبادرات حتمية استعجالية للتفعيل المنصف والعادل لها.

كما لم يعد خافيا ثبوت وقائع تعزز استمرار تقاطر قرارات حكومية وشبه حكومية مؤلمة تعمق في جراحات ونزيف مقومات الامازيغية بوطننا.

هذا الوضع الأمازيغي المراد بوعي تأزيمه، من جهة لخير دليل على حجم ومنسوب المقاومة الشرسة الذي تبديه القوى المحافظة، والتيارات القومية الشوفينية، أمام جميع إرادات تقعيد الوضع الدستوري للأمازيغية حتى تقوم بوظائفها السياسية والتنموية ، لكن بالمقابل و من جهة أخرى يسائل مناطق الظل في تفكير مسؤولي ومناضلي وقواعد مكونات الحركة الامازيغية كما الحركة الثقافية الأمازيغية بكل فعالياتها ورؤاها وتنظيماتها وكدا انشغالاتها بل ويلزمنا جميعا البحث عن السبل الممكنة باستغلال الفرص السياسية المتاحة بهدف معالجة هده الجراحات، وبالنتيجة وقف هدا النزيف المدمر.

سياقات هذه المقالة، هي سياقات ممتدة في الزمان وأيضا في المكان. لكن سياقها الحالي مرتبط باحتفال العالم باليوم العالمي للغة الأم (21 فبراير من كل سنة)، وبالمقابل تواتر معارك القصف ضد الأمازيغية، عبر ما اتخد من قرارات سياسية مند اكثر من عقد من الزمان، وما تتبعناه مؤخرا من اتخاد منتخبون تابعين للحزب الحاكم (البيجدي) بالحكومة وبجماعات ترابية وبمباركة اغلبيتهم المتحالفة معهم لقرارات عنصرية وعرقية مغلفة بخلفية ايديولوجية تروم “وهبنة” (من الوهابية ) واستيلاب الدولة والمجتمع ، ونكس أعلام بناء دولة بمواصفات مبنية للدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.
وهنا اذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

تغريب أو تعريب الفضاءات العمومية خلال الشهرين الأخيرين بكل من اكادير والدشيرة وايت ملول والعروي وتزنيت والرباط والقنيطرة …الخ ومقابل ذلك تهميش واقصاء الموروث اللامادي اللغوي والثقافي والحضاري المحلي والجهوي لوطننا.

ما يعتمل بالسياسات العمومية للحكومة ( المنتخبة ) والتشريعات المفبركة ضدا على الدستور والتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان.

قرصنة الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة بقانون التنظيم القضائي للمملكة،( رفض مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية وارجع للغرفتين البرلمانيتين لإعادة تكييفهما مع الدستور ) . وقانون الإطار للتربية والتكوين( قانون عادي تكرس مقتضيات فصله 31 للدولة احادية الهوية،). وقانون الملتمسات والعرائض ، وقانون وكالة المغرب (العربي) للأنباء و قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وقانون النيابة العامة ، وقانون المجلس الوطني لحقوق لإنسان ،وقوانين مؤسسات الحكامة المقررة بالدستور، وغيره.

فرملة من اجل ربح الزمن السياسي للحزب الحاكم للمسارات الإستعجالية للقانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، علاوة على تعمد اختزالهما للنقاش الدائر حولهما في “هيئة الإنفتاح على اللغات الأجنبية وحرف كتابة اللغة الأمازيغية”. وتهميش جميع مقترحات وبدائل الحركة الأمازيغية.

وصول الخصوم الى المساس بقضايا اراضينا وما فوقها وما تختزنه تحتها، باعتماد قوانين غير منصفة باهداف غير عادلة.

الإخوة:

لا يمكن لعاقل أن يشك في ان ما تباشره الحكومة وعدد كبير من نواب الأمة بالغرفتين علاوة على عدد لا يستهان به من الجماعات الترابية ( المنتخبة) وما تتخده من قرارات يدخل في عداد سياسة ممنهجة اتخدت بوعي وبهدف.تأزيم/تدمير ما يمكن تأزيمه بمقومات القضية الأمازيغية، بمنطق (قانوني) يبررونه بكونه يدخل ضمن اختصاصاتها الشكلية. وهو واقع معاش بامتياز ارى انه يجب ان نتعامل معه كحركة امازيغية بواقعية وعقلانية وبعد قانوني وحقوقي بغاية اعداد وسائل ورؤى تمكننا من استئصال اسباب ومصدر احتضار الامازيغية أمام اعيننا.

الأخوات بمكونات الحركة الأمازيغية ومعها مجمل أجيالنا القادمة بالحركة الثقافية الامازيغية، اتوجه اليكم هده المرة بهذا النداء من أجل ان نمنح لأنفسنا فترة قصيرة للتفكير الجدي في خطورة ما يجري ضد ملف نحلم ولا زلنا نحلم ونؤمن بشرعيته ومشروعيته، ملف يحترق ويدمر امام اعيننا وبشكل علني .انه (أي النداء)دعوة لقراءة وضعنا الأمازيغي برؤية نضالية تغييرية مفتوحة. و بالتالي، يبقى ما يطرحه من مواقف و أفكار مفتوحة للتطوير والإغناء بغاية بلورة مبادرات للقطع مع اسباب احتضار هويتنا الأصيلة.

أتوجه إليكم هده المرة لكي نبادر جميعا للحيلولة دون استكمال الخصوم لمخططهم التدميري لمقومات هويتنا، والحيلولة دون بلوغ القوى المحافظة والعرقية الذين يسعيان لتثبيت أطروحة تفكيك الدولة وإسقاطها في شباك الجماعة الدينية والعرقية لمبتغاهم.

شخصيا لم يعد لدي ادنى شك في ان وقف نزيف واحتضار الامازيغية لا يمكن ان يتحقق الا بانتقالنا البرغماتي الواقعي والشجاع الى المعارك السياسية المباشرة من اجل التاثير على منظومة الحياة السياسية داخل المجتمع ،وانتقالنا الى هدا الأخير، يستدعي منا جميعا وبشكل أولي ما يلي:

القطع أو الحسم مع التردد في ولوجنا لعالم ممارسة السياسة المباشرة من أبوابها الكبيرة.

الابتعاد ما أمكن عن النرجسية أو الصنمية أو التحنيط.

التمييز بين الصراع الثانوي والرئيسي، وإعطاء الأولوية لهذا الأخير.

الوعي الآني بأن المدخل الممكن عمليا وبكل استعجال لن يكون إلا باقتناعنا بحتمية نقل رؤانا وتصوراتنا إلى مرحلة جديدة تروم ممارسة الصراع من داخل دواليبه وأنسجته ومؤسساته وبهاجس التقدم نحو مستقبل سياسي ونضالي وعملي أفضل للأمازيغية.وهي فرضية ممكنة قابلة للتحقق، على المدى القريب.

كيف ومتى وأين وبأي مخطط؟ ذلك ما يجب على الجميع الإجابة عنه قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضا

“الصحافة والإعلام في ظل الثورة الرقمية: قضايا وإشكالات” شعار المؤتمر الدولي الأول بوجدة

تنظم شعبة علوم الإعلام والتواصل الاستراتيجي التابعة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *