كل المغاربة يعرفون فرنسا الجمهورية، والتي تعود علاقتها بالمغرب إلى بداية القرن الماضي حينما طلبها أحد ملوك العلويين لحمايته من بطش القبائل وقوادها، قبل أن تحول الحماية إلى الإستعمار والبطش بالأسرة الحاكمة وكل مكونات المغرب في ذلك الوقت.
ثم سخرت الجمهورية الفرنسية إستعمارها للمغرب في إحداث سوق دولية لها، وتسخير كل الثروات الطبيعية والمائية والبشرية لخدمة الجمهورية ونموها وتقدمها، حتى في الحروب والازمات تمت الإستعانة بالعنصر المغربي.
ثم فتحت مدارسها للنخب المغربية من أجل التكوين والتنشئة السياسية والاقتصادية والعسكرية لكي ترثها بعد ان تقرر منح الإستقلال لهذا الشعب ، وهي تاركة في الإدارة والإقتصاد والعسكر والتعليم النموذج الفرنسي للمستعمرة تريد الإنفراد بنفسها في ظل عالم جديد .
ومن هنا جاء الإختلاف في رؤية فرنسا من طرف مكونات المجتمع المغربي من النخب وعموم الشعب.
فالنخبة السياسية التقليدية رغم تشبتها بالحركة الوطنية، وإدعاء النضال من أجل الإستقلال ، بقيت وفية للنموذج الفرنسي والتكوين الفرنسي، لأنها من تلاميذة هذا البلاد، خاصة اليمين منهم، بينما اليساريين وإن كانوا تلاميذ المدارس الفرنسية إلا أنهم تجاوزوا المسموح به منذ البداية فكانوا ضحية عدم الإمتثال للأوامر وأداء اللعبة كما تم رسمها، فكانوا ضيوف في السجون إلى أخر أيامهم.
والإسلامييون ، وإن كانوا غير بعيدين تكوينا من المدرسة الفرنسية، إرتبطوا بالمشرق في إطار العروبة والإسلام وبدعم من فرنسا أحيانا ، من أجل محاربة اليسار واليمين، قبل أن يتشبعوا بالفكر الإسلامي ويحاولوا البروز والإنفراد داخل اللعبة، وتعود إليهم فرنسا لتلقينهم دروس في الأدب والإمثتال فكان مصيرهم الإرهاب والسجون وتجربة فاشلة في الإدارة والتسيير الحكومي قبل أن يموتوا سياسيا في إنتظار جرعة دواء سياسية من فرنسا من جديد .
والحركة النسائية بالمغرب، تبقى حركة بمرجعية تقدمية ودروس من المدرسة الفرنسية الماركسية واللينينية بحثا عن تحقيق الأهداف والمراد يوما ما في مجتمع مازال محافظا منفصم الشخصية.
والحركة الأمازيغية التي ترى في فرنسا من حاول القضاء على نظام القبيلة في بداية عهد الحماية، وشرع قوانين لنزع الأراضي من السكان الأصليين إنتقاما من رجال قادوا حركات ضد الإستعمار ولقنوه دروسا في سفوح الجبال وفي السهول قبل أن يغادر تاركا رزمة من القوانين مازالت تحمل طابع الإستعمار تشكل ضربة قاضية لإمازيغن بالمغرب وعموم شمال إفريقيا.
لكن فرنسا كذلك في نظر بعض ءيمازيغن هي من أنقدت الآلاف من المواطنين من بطش الفقر المدقع والحاجة بنقلهم عبر ” موغا” إلى الجنة الفردوس بفرنسا لأنهم يملكون الصحة الجسدية، للعمل بالمناجم والمصانع خدمة لفرنسا، وبعد التقاعد كانوا حركة اقتصادية مالية قوية بربوع المملكة.
إذن فرنسا في نظر المغاربة تقف بين سيدة حنونة تصفع ابنها ثم تهدي حلوة من أجل أن يحس أنه الابن البار رغم قسوة الضرب أحيانا، وفي ظل تاريخ مازال يدعوا إلى طلب الصفح والإعتذار خاصة للشعب الأمازيغي بشمال إفريقيا.