في مسألة تعديل مدونة الأسرة

بنضاوش الحسن

في عصر السرعة، والتغير السريع في نمط العيش، والثورة المستمرة في المجتمع على المستوى الإجتماعي والمعيشي، وفي العلاقات، يبقى من الضروري التأقلم بين التشريع والوضع الاجتماعي في جميع المجالات، خاصة المتعلقة بالشؤون الإجتماعية بإعتبارها يومية، وذات الصلة بالحياة والعيش، وحفظ الإستقرار الإجتماعي.

ومدونة الأسرة المغربية، والتي لم تكن حتى في سنة 2004، تحضى بإجماع كل الفرقاء سواءا من حيث المطالب والتطلعات، ولا من حيث الإيديولوجيات والمرجعيات المختلفة لكل مكونات المجتمع المغربي .

وأكيد أنه مهما كان من الإجتهاد، والعمل، وإعتماد المقاربة التشاركية، وإشراك كل الفرقاء ومكونات المجتمع المدني والمؤسسات لن يكون التعديل إجابة نهائية وذلك لعدة أسباب يعرفها الصغير والكبير وأهمها:

أولا: تطور سريع ويومي، وتغير في العيش والعلاقات ، وتحولات مجتمعية لا يتحكم فيها إلا السوق والرقمنة.

ثانيا: تنوع مكونات المجتمع المغربي وبالتالي صعوبة الإجماع على بعض القضايا التي قد تكون أمرا عاديا لدى البعض ومحرمة لدى الأخر.

ثالثا: إعتبار الأسرة مجالا لصراع إيديولوجي ديني وسياسي قديم، بإعتبارها الأساس في المجتمع، وبالتالي إستغلال كل فرصة لإعادة الصراع إلى الواقع، وحشد الدعم، والإستقواء ببعض مكونات المجتمع ضد أخرى.

رابعاً: الطبقية في المجتمع المغربي، وتأثيرها على توجيه ورسم السياسات العمومية بالبلاد .

خامسا: إجماع كل الفرقاء على عدم صلاحية مدونة الأسرة بصيغتها الحالية، مما يستدعي المراجعة الجذرية، دون الإجماع على أهم النقط السوداء في هذا المشروع، أو لنقول وجود خلاف جذري عميق على تلك النقط بين الحلف التقليدي والحداثي.

وفي إنتظار عمل اللجنة، وما ستجود به الإجتماعات واللقاءات من أفكار ومقترحات، أرى أن مشروع مدونة الأسرة المغربية المقبل، يجب أن يكون مغربيا بإمتياز، لأنه سيستهدف الأسرة المغربية والمجتمع المغربي ، وإن كان دائما هذا المجتمع ضحية استنساخ التجارب، وإعتباره مختبرا للغير، ومجال إستعراض العضلات بين الاقطاب من أجل كسب رضا إما الشرق أو الغرب، دون إعتماد مقاربة وطنية مجالية، محلية، تأخذ بعين الإعتبار الخصوصية المغربية العريقة، والعرف الأمازيغي الغني والمتطور، وتجربة الأجداد والأباء في تدبير الأسرة وخلق التوازن بين مكوناتها.

إننا جميعاً أمام تحدي كبير، يجب أن نربح الرهان، ونحمي الأسرة ، ونحافظ عليها، ونرسخ قيم ءيمازيغن الكونية في مجال الأسرة وتدبير المجال والمحافظة عليه.

مهمة اللجنة ليست بالسهلة، والمساهمة الفعالة والإيجابية في إنجاح الورش مهمة الجميع بدون استثناء لأن الأسرة هي الأساس والأصل والضامن للإستقرار والسلم الإجتماعي والوطني.

شاهد أيضاً

فلسطين في الوجدان المغربي: من واجب قومي إلى قضية إنسانية شاملة

في كتابه “تمغربيت… محاولة لفهم اليقينيات المحلية” (2022)، يتناول سعيد بنيس موقف المغاربة من القضية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *