لحسن تاوشيخت: الموقع الأثري الجديد بسلا يكشف عن بقايا الحضارة الامازيغية 

اجرت جريدة العالم الامازيغي حوار مع الاستاذ لحسن تاوشيخت، رئيس البعثة الأثرية ورئيس شعبة الآثار الإسلامية بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الرباط، حول اكتشاف الموقع الأثري بمدينة سلا.

 ما هو التحديد التاريخي والجغرافي لهذا الاكتشاف الاثري الجديد؟

يوجد موقع فندق القاعة القديمة بمدينة سلا العتيقة جوار دار القاضي في نهاية قيسارية الذهايبية. وقد تم العثور على هذا الموقع بالصدفة لما حاولت إحدى المقاولات حفر أساسات مشروع مركز التعريف بالتراث، حيث صادفت وجود بناية من الآجر البلدي مشيدة على شكل قبب، ونعتز بهذه المقاولة المواطنة التي لم تسكت عن هذا الاكتشاف كما يقع عادة خشية تدخل الجهات المختصة وخشية تضييع الوقت في البحث. 

هذه البناية من خلال طريقة بنائها قد تعود إلى الفترة الموحدية بينما اللقى الأثرية تقدم تاريخا يبدأ بالعصر المريني وينتهي بالقرن العشرين.

 ثم ما هو دوركم كمؤرخ في هذا الاكتشاف ضمن فريق العمل؟

 دوري كباحث أثري أولا وكمؤرخ ثانيا من هذا الاكتشاف هو تقديم معطيات جديدة وغير مسبوقة عن موقع مدفون تحت الأرض لعب دورا مهما في تاريخ سلا وبالتالي إبراز جوانب غميسة من هذا التاريخ وإلقاء الضوء على الحياة المادية للسلاويين وعلاقاتهم مع جيرانهم وأيضا مع المتربصين بهم من الأعداء الأجانب. والأهم من ذلك أن هناك رغبة ملحة لدى كل المتدخلين وقناعة لدى المجتمع المدني قصد إعادة الاعتبار لهذا الموقع الاثري من خلال ترميمه وصيانته وتثمينه كذاكرة حية من حضارة حاضرة سلا سواء كمتحف أو مكان للتنشيط الثقافي ومزار سياحي.

ما هي أبرز مميزات هذا الموقع الأثرية وما هي اضافته الثقافية؟

أهم ما يميز هذا الموقع الأثري أنه لحد الآن الوحيد من نوعه،  ذلك أنه إذا كانت مناطق الأطلس الكبير عامة ومنطقة سوس بالخصوص تعرف بالمخازن الجماعية “إكودار”، فهذا الموقع يعتبر اول أول مخزن جماعي “حضري” كانت تحتفظ به المواد الغذائية لتوفير الأمن الغذائي لمدينة سلا أيام الأوبية والمجاعات والحصار. هذا كان في مرحلة امتدت من العهد المريني إلى غاية ما يعرف بجمهورية سلا أو الجهاد البحري أو قراصنة سلا. حيث أصبح في الفترة الأخيرة وخاصة خلال القرن 17 الميلادي سجنا للأسرى الأجانب حيث أكدت المصادر المكتوبة والنقوش المكتشفة على حائط البناية أن مثلا الأسير مويط كان معتقلا هنا حيث ذكر اسم مدينته “De Pier” وسنة 1671. المرحلة الثالثة لاستغلال الموقع تنتمي إلى فترة وجود الفندق الذي شيد فوق جزء من البناية الأصلية. أما المرحلة الرابعة فأستعملت البناية كمطرح محلي.

هل يكشف هذا الموقع عن أي بقايا من الحضارة الأمازيغية؟

 الموقع في هندسة بنائه واستعماله يستمد أصوله من الحضارة الأمازيغية التي برعت في تشييد المخازن الجماعية والدور الذي كانت تقوم به في تأمين الغذاء وفي التكافل الإجتماعي، وإذا اعتبرنا أن البناية تعود إلى العهد الموحدي او المريني وكلها أسر حاكمة أمازيغية.

 ما هي الصفحات التاريخية التي بإمكانها الاستفادة وتعبئة فراغاتها من خلال هذا الاكتشاف الاثري؟

هذا الاكتشاف الأثري مكن من تغطية عدة فراغات من تاريخ سلا منها أن هذه المدينة كانت دائما مهددة من طرف الأخطار الأجنبية نظرا لسمعتها في الجهاد البحري كما كانت تتعرض لأخطار داخلية من طرف القبائل المجاورة (بني حسن وزعير…) فضلا عن الكوارث الطبيعية من مجاعات وأوبئة، مما أدى إلى تشييد هذه البناية تحت أرضية  والسرية لتخزين المؤونة الأساسية في تغذية الساكنة من زيت وسمن ودقيق…إلخ. ثم جاءت المرحلة الثانية التي أصبحت فيه البناية كمعتقل للأسرى الأجانب الذين يتم تحريرهم بعد أداء تكلفة او القيام بأشغال لذى مالكيهم أو يتم تبادلهم مع أسرى مغاربة “سلاويين” المحتجزين لدى الدول الأوربية. وفي مرحلة ثالثة كانت البناية عبارة عن فندق للحرف التقليدية مثل نسج الزرابي وطحن الدقيق…

اقرأ أيضا

في الدفاع عن العلمانية المغربية: رد على تصريحات ابن كيران

اطلعت على تصريحاتك الأخيرة التي هاجمت فيها من وصفتهم بـ”مستغلي الفرص لنفث العداء والضغينة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *