المعروف عن المناطق الجبلية منذ عقود أنها مصدر الهجرة، ومجال جغرافي لإنتاج اليد العاملة التي تتجه مع بلوغها سن العمل نحو المدن، أو إلى خارج الوطن.
وتتبرع الهجرة بفعل العمل في المرتبة الأولى في سلم الهجرات، وذلك لغياب فرص العمل بالمناطق الجبلية، وصعوبة الولوج إلى الخدمات الأساسية.
ولا أحد يمكنه نكران كون المناطق الجبلية، وساكنتها التي اختارت الهجرة هي النواة الأساسية لخلق وبناء المدن الكبرى والصغرى والهوامش، والبناء العشوائي والصفيح، وبالتالي تبقى نظرية إبن خلدون راسخة والتي تؤكد أن أصل المدينة هي القرية.
واليوم، وأمام اكراهات تنموية ومجالية بالمجال الحضري، وصعوبة تدبير المجال الحضري أمام تزايد عدد السكان بالمدن، وظهور مدن هامشية، وأخرى في طور البناء، يبقى رهان إعادة النظر في مفهوم دور المناطق الجبلية والنائية، والاشتغال على تغير الدور من مجال يصدر اليد العاملة إلى مجال يحافظ على الإستقرار البشري مع ضمان فرص الشغل والولوج إلى الخدمات الأساسية .
إن تحدي الجبل بأبنائه مستقرين فيه، ينتجون ، ويستهلكون، ويساهمون في خدمة المجال والمساهمة في التنمية المستدامة، وتحويله إلى مجال ترابي يستقطب ويوفر الفرص الإستثمار والانتاج، مسؤولية الجميع، مع تأكيد مسؤولية السياسات العمومية الوطنية والمركزية، والتي تملك امكانيات مالية ولوجستيكية يمكن الإعتماد عليها للخروج من الإشكال وضمان التكافؤ والمساواة المجالية .
تحويل المناطق الجبلية من مصادر إنتاج وتصدير بشري إلى مناطق منتجة للفرص والاستقرار البشري ثروة يجب قيادتها بسياسات عمومية هادفة ومواطنة ستنعكس إيجابا على مستقبل الدولة.