مهن الصيف…. طفولة على سفوح الجبال، وشعاب الاودية….


ماست ياغن ايوسف؟ ار تسكيري؟ ومعناه، ماذا بها تصضر صوتا رقيقا اشبه بصوت “ابينضر” في عز ليالي الصيف… الحديث هنا عن الفصت، او الفصة، وهي نبتة تستعمل في تغدية الحيوانات الأليفة من الأرنب الى العجل، وهم نزلاء في حضائر البهائم الإسمنتية، -ولا شك انها تعاني من فرط الحرارة هذه الأيام كما مالكوها الذين خربوا بيوت الطين وشيدوا عوضها بيوت من الاسمنت المسلح اشبه ما تكون بمسالخ صيفية وبرادات شتوية- تستعمل كعلف في تسمين العجول وعلى وجه الخصوص الثيران الاسبانية، والبلحيكية، والفرنسية الاصل. الكل اجنبي اذن في حضيرة البهائم. ولكن المحظوضة هي بقرة “أضاروش” سلالة البقر الاصلية لشمال أفريقيا، التي بقيت في الجبل ولم تنزل السهل، الم يتوجس الأمازيغي دائما من السكن في السهل؟ كما أتوجس من عبارة ” تبخيس اشياء الناس” التي غدت اليوم مطية مقبولة من طرف الجميع لمصادرة أي شكل من اشكال التعبير عن الرفض بمعناه الإيجابي في تقييم وتصويب سياسات عمومية تشوبها نواقص العمل واخطاء الممارسة، الكل مدعو اليوم في مغرب الصيف، الى التعبير عن الرأي في موضوعات الكسب من الاقتصاد الصيفي الذي يشكل مورد رزق الالاف سكان الهوامش والبوادي. وهنا لا مناص بتذكير السواد الاعظم من اعضاء منتدى النخبة المثقفة المغربية بفضل اقتصاد الصيف عليها، ومنهم بائعوا فواكه البحر على جنبات الطرق والمسالك، بائعوا الثين “تزارت” والثين الشوكي “تكناريت”، وهم جيرانهم، بائعوا الاعشاب الطبيعية بالقرب من الفجاج وشعاب الاودية، بائعوا الاكسسورات الفخارية في محطات الوقود القديمة، ففضل اقتصاد الصيف كبير عليكم وعلينا. هذه العبارات ليست هنا لتذكير كل واحد منا بما فعلته فيه الأيام الخوالي وهو على درب تعلم ابجديات عالم الاقتصاد والمال الذي تعتبر التجارة عصبه الرئيسي بل هي دعوة تحمل أساسا هما كبيرا وتذكيرا لزملاء بمسارات ناجحة قياسا الى ما هو متوفر لذى اجيال وحرمت منه اخرى، انها شحن اخلاقية تحاول التعبير عن احساس جميل تجاه مدرسة شعبية تعلمنا منها الكثير احساس بضرورة رد الجميل إلى هذه الفضاءات الاقتصادية الهشة والتي تحتفظ بجزء مهم من ذاكرة طفولتنا وساهمت في تكويننا، نحن الذين حرمنا من العطلة المدرسية ومن المدارس العليا…. وهي سبيل ونهج لازالة الجحود والنكران، لفضاءات اصبحت تقدف به نقط البيع تلك والتي لولاها لضاع مستقبل الكثير منا. وبصرف النظر عن مضمون هذا الكلام واسبابه الآنية والبعيدة، وعملا بخصلة استعمال النقد تقبله بمختلف مستوياته، وتلطيفا للتجريح الضروري في مثل هذه الحالات. لابد ان نقول ان كبح ما يمكن أن ينبثق عن التعبير عن اراء مخالفة تشكل بالنسبة الينا مداخل اساسية ومقدمات قد تضيء مسالك احياء سلسلات الإنتاج الفلاحي والزراعي الثي تم اقبارها اثناء ارساء النموذج الجديد للإنتاج الزراعي والفلاحي والبحري بالبلاد ومن هنا وجب اعادة تطوير التجارب السابقة وإثرائها بالشكل الذي يمكنها من ممارسة دورها كاملا في سلسلة الإنتاج. إن اعدام تلك السلاسل ومحاصرتها وتفقيرها، هو ضرب في العمق لحلقة مهمة في سلسلة انتاج النخب بالمغرب وعلى الخصوص نخب العالم القروي، فلا نكهة ولا خصوصية لنخبة مغربية لا تتقن الاعمال اليدوية ولم تجرب العيش والاعتماد على النفس في مراحل حاسمة من تطورها العمري. هذا من وجهة نظرنا وسيلة من بين وسائل اخرى في ترجمة انفلاتنا الايحابي من مشترطات الإلغاء الجسدي والذهني الذي يخوض اليوم سمارت فون علينا، وتعبير صريح عن دينامية حية فينا وفي المجتمع ككل. اما الآراء الاخرى التي تصدر عن ذهنية التحريم السياسي فستجد دوما مسالك وشعاب، وبحار مفيدة لها لوحدها، وستضل تحتفض عليها على الدوام.
الحسين بوالزيت صحفي
وباحث في التاريخ. في 25 يوليوز 2023

شاهد أيضاً

كيف تستمر الجزائر في عرقلة اتحاد المغرب الكبير وزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي؟  

حذر رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا في رسالة وجهة إلى برلمان مجموعة من الدولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *