هذه مراحل ترسيم اللغة والثقافة الأمازيغيتين.. من خطاب أجدير إلى إقرار العيد الوطني

People celebrate the Amazigh new year, also called “Yennayer”, in front of the Parliament in Morocco’s capital Rabat on January 14, 2024. (Photo by AFP)

مرَّ ترسيم اللغة والثقافة الأمازيغيتين بعدد من المراحل الأساسية منذ الخطاب الملكي لأجدير 2001، الذي أكد فيه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على أهمية هذه اللغة كمكون أساسي للهوية المغربية، قبل أن تعرف طريقها إلى الترسيم الفعلي من خلال دستور 2011.

وقدم الخطاب الملكي لأجدير يوم 17 أكتوبر 2001، المبادئ الرئيسية التي أعادت الاعتبار للهوية والمكون الثقافي الأمازيغي باعتباره مكونا من مكونات الثقافة المغربية.

خطاب تاريخي ودَستَرة

وقال جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ضمن ذات الخطاب: “ولأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية، فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية”.

وأبرز جلالته “أن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة”.

ويعتبر الخطاب التاريخي، بمثابة انطلاقة لمسار حافل من أهم مراحله، ترسيم اللغة والهوية الأمازيغية في دستور فاتح يوليوز عام 2011، حيث نصَّ الفصل الخامس من دستور 2011 على ما يلي: “تُعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”.

لجنة ملكية وقانون تنظيمي

بعد ذلك وفي الـ 12 من أكتوبر 2015، تم تعيين لجنة ملكية تولت مهمة صياغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والذي يهدف إلى حماية وتطوير اللغتين العربية والأمازيغية ومختلف أشكال التعبير الثقافي المغربي. وصولا إلى 26 شتنبر 2019، تاريخ صدور القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، في الجريدة الرسمية.

تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

الحكومة ومنذ تنصيبها، قبل سنتين، التزمت بتنزيل هذا الورش الملكي، والعمل على أن لا يقتصر على الحقوق الثقافية واللغوية بل يشمل كذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتزَمت الحكومة في برنامجها بإحداث صندوق تمويل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. واتخذت ا حُزمة من الإجراءات والتدابير لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.

وفي هذا الإطار، تم الإطلاق الرسمي للمشاريع المتعلقة بتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية وإدماجها بمختلف مجالات الحياة العامة، حيث تم توفير خدمة الاستقبال باللغة الأمازيغية في مجموعة من الإدارات العمومية، عبر تخصيص 460 موظفا مكلفين باستقبال وتوجيه المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية لتسهيل ولوجهم للخدمات العمومية، وإدراج اللغة الأمازيغية في اللوحات وعلامات التشوير بمقرات الإدارات والمؤسسات العمومية، وتوفير خدمة الاستقبال الهاتفي باللغة الأمازيغية في تسعة مراكز للاتصال تابعة لبعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المرتفقين من خلال توفير 63 مكلفا بالتواصل الهاتفي باللغة الأمازيغية.

1 مليار درهم.. لأول مرة

التزمت الحكومة بتنزيل هذا الورش الملكي، وخصَّصت غِلافا ماليا يناهِز 200 مليون درهم برسم سنة 2022 وبرمَجَتْ 300 مليون درهم برسم قانون المالية لسنة 2023، على أَن يَتِم رَفْعُهُ تدريجيا خلال السنوات المقبلة ليبلغ 1 مليار درهم في أفق سنة 2025 في سابقة من نوعها.

وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال كلمته بحفل الإطلاق الرسمي لإجراءات المخطط المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الثلاثاء 10 يناير 2023، أن هذه الخطوات مَكَّنَت الحكومة من الشُّرُوع في تَنْزِيل خارطة الطَّريق لتفعيل هذا الوَرْش الذي يضُم 25 إجراء في المحاور المتعلقة بالإدارة والخدمات العمومية، والتعليم والعدل والثقافة والإعلام السمعي البصري.

ومن جُملة الإجراءات المنجزة، تَسْخِير أَعْوَان اسْتِقبَال لإرشاد وتوجيه المرتَفِقين الناطِقِين باللغة الأمازيغية (تريفيت وتشلحيت وتمزيغت) وتسهيل تواصلهم بالمحاكم ومؤسسات الرعَاية الصحِية الأَولِية والمستشفيات وكذا المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة والتواصل والشباب، وتوفير أَعوان مكَلفِين بالتواصل الهاتفي باللغة الأمازيغية، يوَزعون على عدد من مراكز الاتصال التابعة لبعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، والتي تَشهد إِقبالا كبيرا من طرف المرتَفِقين، في أُفق تَعمِيمه على جميع مراكز الاتصال.

وعملت الحكومة على دعم الأنشطة الأمازيغية وكذا المعارض الفنية والمبادرات التي من شأنها تَثْمِين التراث المادي واللامادي للثقافة الأمازيغية، ثم تعميم إدراج اللغة الأمازيغية داخل مَقَرَّات الإدارات وعلى لَوَحَات التَّسْمِيَة والتَّشْوِير ووسائل النقل وكذا المواقع الإلكترونية. كما تم عَقْدُ اجتماعات تَشَاوُرِيَّة في إطار المقاربة التَّشَارُكِيَّة مع فعاليات أمازيغية مختلفة، تَكَلَّلَتْ باعتماد مجموعة من المُقترحات.

كما عملت الحكومة على تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية بالإدارات العمومية، حيث تم التوقيع على اتفاقيات شراكة تهم تعزيز إدماج اللغة الأمازيغية بجميع مصالح قطاعات وزارة العدل، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل. لتيسير استفادة المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية من الخدمات المقدمة.

رأس السنة الأمازيغية.. عطلة وطنية

في الـ3 من ماي 2023، تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بإقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.

وفي هذا الإطار، أصدر جلالته، توجيهاته السامية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي السامي.

رئيس الحكومة، عبَّر عن اعتزازه بهذا القرار التاريخي ذي الدلالات العميقة، الذي يجسد الإرادة الملكية السامية التي مكَّنت من قطع أشواط كبرى خلال العشرين سنة الماضية، ونوَّهت الحكومة بالقرار الملكي السامي القاضي بترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنها، والتزَمت باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل تفعيله السليم، تنفيذا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

وإلى نونبر 2023، قررت الحكومة اعتماد تاريخ 14 يناير رأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا مؤدى عنه في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية.

واحتفل المغاربة والمغربيات قاطبة، في الـ 14 من يناير 2024، ولأول مرة، في مختلف جهات وأقاليم ومدن وقرى بلادنا، برأس السنة الأمازيغية، رسميا، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. ليستمر التزام الحكومة الثابت بالمضي قدما في تفعيل طابعها الرسمي في مختلف مناحي الحياة العمومية.

عن “الصفحة الرسمية للحكومة المغربية”

شاهد أيضاً

الصحراء المغربية.. المغرب يرحب بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار 2756

رحبت المملكة المغربية بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، للقرار 2756، الذي يمدد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *