وفاة ابراهيم أخياط هو خسارة للعمل الجمعوي وللفعل النضالي ببلادنا

بقلم: عبد اللطيف أعمو*

تلقيت صباح يومه الأربعاء 7 فبراير 2018، بعميق الأسى وبالغ التأثر والحزن، النبأ المؤلم لوفاة المشمول بعفو الله ورضاه، الأستاذ ابراهيم أخياط، بمصحة أمل بمدينة الرباط بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 77 سنة.

وبهذه المناسبة الأليمة أعرب لأسرة الفقيد الجمعوية والفنية والأكاديمية، ولكل أقاربه وذويه، وأصدقائه ومحبيه عن أحر تعازينا وخالص عبارات مواساتنا مقدرين فداحة الرزء في رحيل قيدوم الحركة الأمازيغية، الذي نذر حياته لخدمة الثقافة الوطنية بكل تفان وإخلاص ونكران ذات. مما أهله ليكون عضوا في المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

إن هذا المصاب الجلل هو خسارة للعمل الجمعوي وللفعل النضالي ببلادنا، حيث ارتبط اسم الفقيد ب”الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي”منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي، فأبان خلال مساره النضالي عن كفاءة تواصلية وقدرات تدبيرية هائلة مليئة بالتجارب النضالية الرائدة، حيث يعد الفقيد من مؤسسي الجامعة الصيفية في أكادير سنة 1979 وكان رئيس اللجنة التنظيمية لدوراتها الأربع 1980 – 1982 – 1988 – 1991، وانتخب كأول منسق وطني للجمعيات الأمازيغية بالمغرب 1993 – 1996، وكان رئيس أشغال الكونغريس العالمي الأمازيغي المنعقد بمدينة ليون الفرنسية صيف 1999.كما ساهم الراحل في تأسيس مجموعة “أوسمان” سنة 1974.

وخسارة بلادنا جسيمة كذلك في مجال الإنتاج الفكري، حيث خسرت قلما بارزا في التأليف شعرا ونثرا، ومن أعماله الفكرية والثقافية نذكر ديوان “تابرات” (الرسالة) بالأمازيغية سنة 1992، وكتاب “لماذا الأمازيغية؟” سنة 1994، وكتاب “رجالات العمل الأمازيغي: الراحلون منهم” سنة 2004، وكتاب “الأمازيغية هويتنا الوطنية” سنة 2007 و”النهضة الأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها” سنة 2012، وهو عبارة عن سيرة ذاتية للراحل.كما أشرف الراحل على إدارة “أمود” (بذور)، أول مجلة أمازيغية مغربية صدر عددها الأول بتاريخ أبريل 1990، وعمل مدير جريدة “تامونت” (الاتحاد)، التي صدر عددها الأول بتاريخ فبراير 1994.

وخسرت بلادنا كذلك فاعلا يحظى بتقدير واحترام الجميع في مختلف المجالات السياسية منها والثقافية والمدنية، بفضل انفتاحه على الجميع وتملكه لأساليب الإنصات والاقناع.

كما خسر المغرب الحقوقي والجمعوي إنسانا صبورا وقنوعا يعرف معنى التضحية والعطاء، حيث أدار ظهره في عز شبابه لمهنة التدريس لما كان استاذا للرياضيات، ليعانق النضال المرير من أجل الحقوق الثقافية للمغاربة، والذي أثمر الاعتراف برسمية الأمازيغية في دستور 2011. وقاوم المرض بشجاعة في نهاية حياته ليذهب بمشروعه إلى أبعد إمكانيات التحقق… ويرى ثمرة نضالاته المريرة تتحقق بخطى ثابتة وأكيدة.

وإننا إذ نستحضر بهذه المناسبة المحزنة، هذا الرصيد الجمعوي والنضالي والإنساني، وما كان يتميز به الفقيد في مختلف محطات حياته النضالية، منذ ستينات القرن العشرين، من خصال إنسانية عالية، وما قدمه من تضحيات من أجل النهوض بالأمازيغية كرصيد وملك لكل المغاربة، وهو ما أهله عن جدارة واستحقاق ليكون أحد الرواد الأوائل الذين بصموا مسلسل رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، نحيي فيه، رحمه الله، وفاءه للمثل العليا، ووطنيته وسمو أخلاقه وقوة وصلابة عوده . ونرجو من العلي القدير أن يوفي الفقيد الكبير أحسن الجزاء، على ما أسدى للثقافة المغربية من خدمات جليلة، وأن يتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه.

وإذ نشاطر، ابناءه ياسين و توفيتري أخياط، وكل أقارب الفقيد، أحزانكم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، نسأل الله عز وجل أن يلهم أسرته الجمعوية وأقرباءه وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

*عبد اللطيف أعمو: مستشار برلماني

 

 

شاهد أيضاً

الإعلام الأمازيغي المكتوب إلى متى يبقى نضاليا ؟

من الجبهات النضالية التي اخترتها الحركة الأمازيغية بالمغرب منذ النشاة، الإعلام المكتوب وذلك لأهميته في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *