أمازيغ المهجر يشجبون إرهاب “باريس” ويتمسكون بالأمازيغية لمواجهة التطرف المتنامي بأوروبا

731a1d96-2029-47e8-8030-6a94fd997c64

شجب عدد من نشطاء الحركة الأمازيغية بأوروبا، التفجيرات “الإرهابية” الأخيرة التي استهدفت العاصمة باريس وأودت بحياة العشرات من الفرنسيين الأبرياء، معتبرين أن الهجمات الإرهابية المتكررة على الدول الأوربية تسعى إلى خلق الفوضى وضرب أمن هذه البلدان التي يُعتبر فيها الأمازيغ عنصرا فاعلا، والتي تمثل نموذجا في قيم الحرية وتعايش الثقافات المختلفة.

النشطاء الأمازيغ بأوروبا ممن تحدثت مع “العالم الأمازيغي” عبروا عن أسفهم لغياب الاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغيتين من لدن الحكومات الأوربية المتعاقبة، مشدّدين على أن الأمازيغية وقيمها السمحة يمكن لها أن تكون بديلا للفكر “الداعشي المتطرف” المتنامي في عموم تراب أوروبا.

الناشط الأمازيغي بفرنسا، إلياس أزكُاغ، عبر عن استيائه الشديد من التفجيرات الإرهابية التي هزت باريس، معبرا عن صدمته من هول الكارثة و حجم الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في تلك “الليلة المشؤومة”،” لأننا نعتبر جزءا من النسيج المغاربي بفرنسا الذي تضرر وسيتضرر أكيد من هذه الأعمال الإرهابية، التي تستهدف خلق البلبلة وضرب الوحدة الوطنية الفرنسية التي يعتبر الأمازيغ عنصرا فاعلا فيها” يضيف قبل أن يردف قائلا “أسهل شيء بعالم الإرهاب بالنسبة للإرهابيين هو استهداف مدنيين عزل أمينين”.

 بدوره قال الناشط الأمازيغي، بألمانيا، مصطفى محمدي بأنه لم يكن يتوقع هول “الجريمة” التي وقعت بفرنسا بعد التفجيرات الإرهابية وأن يصل عدد الضحايا إلى 130 قتيلا وأزيد من مائتي جريح،  مذكرا في ذات السياق بأن “الإرهاب” ليس وليد اليوم.

وحول أسباب الهجمات المتكررة على باريس، أوضح أزكاغ أن السبب الوحيد “للإرهابيين” هو السعي للانتقام من النموذج الفرنسي في التعايش والحريّة لأنهم يضيف الناشط الأمازيغي، “ينشدون بتكرار تلك العمليات بث الهلع والخوف وبالأخص نثر بذور التفرقة بين الفرنسيين مسلمين وغير مسلمين، وما يبرر التخوفات المشروعة من طرفنا كأمازيغ هو أن نسبة لا يستهان بها من الجالية المسلمة من الأمازيغ”.

وعلى منواله سار الناشط الأمازيغي “محمدي” وأكد هو الآخر أن الأسباب التي تدفع تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصارا “بداعش” للتركيز على تنفيذ عملياتها الإرهابية في فرنسا، راجعة إلى كون باريس منخرطة بقوة في محاربة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في مناطق مختلفة من العالم، وهذا ما جعل أكبر الضربات الإرهابية تستهدف فرنسا”.

وحول إقصاء الأمازيغية أوضح الناشط الأمازيغي أن الدول الأوربية تعترف بجميع الثقافات، مردفا “أنا سجلت لدى السلطات الألمانية أنني أمازيغي ولغتي الثانية هي الفرنسية ولم أجد أي اعتراض أو تضييق”مضيفا أن الأمازيغ هم من ينسبون أنفسهم”لوهم العروبة”.

أما الناشط الأمازيغي بفرنسا “الياس أزكاغ” فقد إعتبر من وجهة نظره، أن السبب في غياب الثقافة الأمازيغية المؤمنة بقيم التعدد واحترام الآخر هو الاهتمام الرسمي من حكومات شمال إفريقيا باللغة العربية فقط، وذلك من خلال تدريسها بالمساجد والجمعيات التي لديها علاقة بالحكومات، مصرحا: ” فمثلا المدارس المغربية التي ترسل مدرسين لفرنسا لتعليم أبناء الجالية تهتم فقط باللغة العربية وبذلك تضرب بعرض الحائط كل المكتسبات الدستورية التي تحصل عليها الأمازيغ منذ سنوات قليلة، واللغة الأمازيغية هي الضحية مع أن نسبة أمازيغ شمال إفريقيا بفرنسا تشكل تقريبا 75% من المغاربيين”.

المتحدث ذاته، عزا تغييب الأمازيغية كذلك إلى ما قال عنه “ضعف التنسيق الأمازيغي، معبرا عن أسفه لغياب خارطة طريق لاستيعاب الأطياف الأمازيغية المختلفة بفرنسا، مبرزا أن غياب تنسيق أمازيغي يستعمل كطوق النجاة بالنسبة للطرف الآخر الذي يحتكر المشروع الثقافي المغاربي ليظهر بأنه المكون الثقافي الوحيد.

مصطفى محمدي اعتبر أن “العودة إلى الأصل فضيلة”، فجميع الأمازيغ الحاملين للجنسية الأوربية على حد قوله يفتخرون بأصولهم الأمازيغة ولا يعتبرون أنفسهم أروبيين ولا عربا وإنما أمازيغ، عكس الأمازيغ المقيمين بوطنهم (يقصد المقيمين ببلدان شمال إفريقيا) وهذا بسبب التاريخ المزور الذي يدرس في مدارس هاته البلدان.

وحول أسباب إقدام عدد من الأمازيغ على اعتناق “الأفكار المتطرفة” قال الناشط الأمازيغي بألمانيا،  بأن نسبة الأمازيغ المتطرفين قليلة جدا، والأسباب حسب المتحدث دائما هو “تلقيهم  تعليمهم إما في مدارسنا أو في مدارس عربية مشرقية، إلى جانب الحرية التي يتمتع بها رجال الدين المسلمين بمساجد أروبا، إذ لا يترددون في الدعوة إلى محاربة من يسمونهم “الكفار” بحجة و”أعدو لهم ما استطعتم من قوة”، دون أن ننسى السبب الرئيسي وهو تزوير وتهميش تاريخ وقيم الأمازيغ السمحة التي تؤمن بالدين الإسلامي المعتدل والتعايش بين الأديان والأجناس المختلفة.

بدوره أوضح الناشط الأمازيغي بفرنسا أن الصورة النمطية عن المواطن المغاربي عموما باعتباره عربيا مسلما يضيق من هامش ما سماه “التنفيس الثقافي عن الأمازيغ”، مستدلا بالقول “المواطن العربي ثقافته لصيقة بالإسلام وهذا ينطبق على الأمازيغي المتبني للثقافة الإسلامية وهذا الخلط مرده إلى اختلالات إيديولوجية،  لذا نرى الأمازيغ حاليا من النشطاء المهمين بالتنظيمات الجهادية بحيث يذوب المكون الأمازيغي المختلف عن المكونات الأخرى في إطار إيديولوجي معين، وهذا الذوبان يفتقد للتفاعل الإيجابي مما أدى إلى تنميط شبه كلي للنموذج الآخر “يقصد النموذج الأمازيغي المتعدد والمنفتح”.

أما الناشط الأمازيغي بإسبانيا، حمزة عبد الرحيم، فقد رأى من وجهة نظره، أن اعتناق بعض الأمازيغ للأفكار المتطرفة في فرنسا وغيرها من بلدان أوروبا، يرجع إلى سببين رئيسيين: “الأول هو اعتناق الفكر الإرهابي الداعشي المستورد من المشرق، والسبب الثاني هو مساندة فرنسا لفكرة التعريب الممنهج في المغرب وشمال افريقيا”، مضيفا بأن فرنسا هي من أسست ما سماه “المشروع الخبيث” وهو يقصد مشروع التعريب في المغرب.

وحول مدى استطاعة اﻻمازيغ مجابهة المد الأصولي المتطرف إن وجدوا الاهتمام بثقافتهم من طرف اأوروبيين. قال رئيس الجمعية الثقافية الأمازيغية بإسبانيا، “بأن ذلك لن يتم في الوقت الراهن لأن غالبية الدول الأوروبية لها علاقة جيدة بالنظام المغربي”، مضيفا بأن الحكومة في المغرب تحاول التنصل من كل ما هو أمازيغي وبالتالي لن يتم الاعتراف بأي حقوق أمازيغية إلا إذا رأت أي دولة أوروبية مصلحتها في ذلك”.

في نفس الإطار دعا الناشط الأمازيغي بفرنسا إلياس أزكاغ الأمازيغ لتحمل مسؤوليتهم والنهوض بثقافتهم في المهجر، قائلا: “فربما فشلنا في وضع بصمة تميزنا عن المكونات الثقافية الأخرى للمهاجرين، متمنيا في ختام حديثه مع “العالم الأمازيغي” أن “نتكاثف أكثر ونعمل لنجعل لثقافتنا الأمازيغية موطئ قدم بأوروبا” على حد تعبيره.

يشار إلى أن عددا من نشطاء الحركة الأمازيغية بهولندا، بلجيكا والدانمارك،  ممّن تحدثوا “للعالم الأمازيغي” يشاطرون الرأي زملاءهم ممن سردنا هنا تصريحاتهم كاملة، واتفقوا جميعا على إدانة الإرهاب بكل أشكاله، كما اتفقوا على ضرورة رد الإعتبار للغة والثقافة الأمازيغيتين في البلدان الغربية، مشددين على أن الحل الوحيد لمواجهة ما سموه “بالفكر الجهنمي الإجرامي” المتنامي ببلدان الدياسبورا، ودحض أفكار الغلو والتطرف، هو الإعتناء  والإهتمام بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية لما تتميز به من قيم إنسانية نبيلة، على حد تعبيرهما.

منتصر إثري

شاهد أيضاً

محمد فارسي يترجم رواية ستيفان زفايج « une lettre d’une inconnue » إلى اللغة الأمازيغية

تم صدور ترجمة أدبية جديدة لرواية ستيفان زفايج « une lettre d’une inconnue »، والمعنونة بالامازيغية “ⵜⴰⴱⵔⴰⵜ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *