كرونيك حول قضية الحدود بين المغرب والجزائر….

الحسين بوالزيت – صحفي وباحث في التاريخ

بكثير من العناد الزائد والذي يمكن تصنيفه في خانة الازمات الباطولوحية، يصر حكام الجزائر ومعهم ترسانتهم الاعلامية الموالية على نفي تورط مواطنون جزائريون في العملية الارهابية في مدينة مراكش، وبالبظبط بفندق أطلس أسني المعروف، ويتعلق الامر بمواطنين جزائريين هم طارق فلاح ورضوان حمادي وستيفان ايت يدر … ومعهم مجموعات مسلحة اخرى كانت على أهبة الاستعداد لضرب وتنفيد عمليات تخريبية في مراكش وفي مدن اخرى هؤلاء وكلهم كانوا على بالجماعات السلفية الجزايرية المقاتلة وكان مخططهم يرونو الى زعزعة استقرار المغرب وتصدير الثورة الاسلامية هنالك على عادة كل الحركات السياسية ذات التوجهات الانقلابية العنيفة على غرار الثورة الاسلامية في ايران التي حاولت ومازالت تخاول تصدير تورتها الى العراق والثورة البلشفية في روسيا القيصرية وقبلها، وفي شبه الجزيرة الكورية، وفي الكونغو البلجيكي الذي تحول الى زايير مع موبوتو والى الكونغو الديمقراطية مع كابيلا، كل هذه النماذج كانت بمثابة نبراس الجماعات الاسلامية المسلحة (GIA) في الجزائر والتي اتركبت العديد من الأعمال العنيفةةغي البلد.

وللتذكير فالجبهة الاسلامية للانقاذ هي جماعة إسلامية ذات توجهات اخوانية وفازت بالانتخابات في الجزائر وسيطرت بالكامل على كل الدوائر الانتخابية مما ادى الى تدخل الجيش تدخل في عملية انقلابية على نتائج الانتخابات وبالتالي وقف العملية كلها وكبح جماح الجماعة الإسلامية في حسم السلطة السياسية في البلاد، كما كان من نتائجها استقالة الرئيس الشادلي بن جديد بضغط من الجيش. استقالة الرئيس الشاذلي كانت بالموازاة مع انتفاضة الجبهة (الفيس)، ولجوئها الى قمم الجبل، واستغل النظام العسكري الفرصة وشن حملة واسعة لاغتيال رموز المعارضة الجزائرية ذات التوجهات الليبرالية واليسارية… وغيرها من شخصيات كانت تزعج الجنرالات ومنهم مغنيون نذكر من بينهم الشاب حسني والشهيد البطل معتوب لونيس القبايلي، ورهبان فرنسين، كما تشكلت مجموعات مسلحة أخرى مشبوهه وذات توجهات سلفية سلفية واخرى تابعة لبعض الأجهزة السرية مباشرة كانت تقوم بعمليات ذبح المدنيين، وتجاوزت ذلك الى تصفية وحتى اعضاء من (الفيس)… في هذا الصدد ستفقد الدولة توازنها حراء الانقسامات والتطاحنات الداخلية العنيفة والقوية… في هذا الاطار سيتم استدعاء بوضياف ليحكم البلاد الممزقة والمهددة بالتلاشي والانقراض … بعد ان أصبحت مناطق ومدن كلها تحت سيطرة الجماعات المسلحة في مشهد أقرب ما يكون الى المشهد السوري الحالي والعراقي قبله. في خضم هذه الأحداث كان من الطبيعي جدا ان يحدث تسلل للكومندوهات المسلحة الى التراب المغربي، والبدئ في تنفيد عمليات مسلحة وعنيفة في إطار تصدير الثورة، وكان ايضا من الطبيعي ان يلجئ المغرب الى حماية أمنه وامن مواطنيه بسن اجراءات أمنية احترازية في انتظار ان يتضح المشهد السياسي الداخلي الجزائري، وفي هذا الإطار جاء قرار فرض التأشيرة على المواطنين الجزاىرين الذين يرغبون في زيارة المغرب، قرار ردت عليه السلطات الجزائرية باغلاق الحدود البرية بين البلدين.

هذا الوضع كان طبيعيا ومفهوما في تلك الفترة نظرا للعوامل التي أشرنا اليها سابقا، ولكن إغلاق الحدود اليوم لم يعد أمرا مستساغا بل ومتجاوزا بحكم معطيات اليوم، وعالم اليوم ليس هو عالم الامس… وصع لا يمكن تفسيره الا بتمكن العناد في نفوس الحكام الجزائرين واصرارهم على معاكسة ارادة شعوب المنطقة في الاتحاد والاندماج وهذا ما لمسته شخصيا انطلاقا من عدة مؤشرات، ومنها زيارتنا لحدود البلدين والوقوف على شعور دفين يغمر افئدة ابناء البلدين وهذا ما لاحظناه في اصرارهم وإحتشادهم في نقط الحدود ومنها السعيدية….

ان اصرار حكام الجزائر على اغلاق بعد نهاية عشرية الألم ..ومطالبتهم المستمرة بالاعتذار هي في الحقيقة صرخة في خلاء!!
وهذا ما يجعلنا نتأكد مرة أخرى من أن دوافعها هو معارضة “المخزن” والرغبة في الظهور بمظهر القوي أمامه وان ادى ذلك الى تزوير وقلب الحقائق التاريخية، وسحق لعناصر الذاكرة المشتركة بين الشعبين التوأمين.

وللتذكير فقد هجر الرهبان دير تبحيرين وهو دير يوجد بمدينة المدية ذات الطبيعة الجبلية جنوب الجزائر العاصمة، بصفة نهائية بعد هذا الحادث المأساوي العنيف…. الذي راح ضحيته سبعة رهبان فرنسيين كانوا يشتغلون فيه أثناء قيام الحرب الأهلية الجزائرية… ومن نافلة القول ان ذلك الدير تتكلف به اليوم، جمعية مدنية وتحفاظ على رسالة التعايش والأخوة التي كان ينشرها أولئك الرهبان، الذين تمت تصفيتهم، بشكل تراجيدي ودراماتيكي…. كما هو معلوم.

شاهد أيضاً

محمد فارسي يترجم رواية ستيفان زفايج « une lettre d’une inconnue » إلى اللغة الأمازيغية

تم صدور ترجمة أدبية جديدة لرواية ستيفان زفايج « une lettre d’une inconnue »، والمعنونة بالامازيغية “ⵜⴰⴱⵔⴰⵜ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *