الحرب تندلع بين الأمازيغ ومندوبية الحليمي بسبب استمارة الإحصاء

بعد أن دعا التجمع العالمي الأمازيغي في بيان له لمقاطعة إحصاء شتنبر المقبل وطالب بإقالة المندوب السامي أحمد الحليمي الذي يشرف على المندوبية السامية للتخطيط التي ستشرف بدورها على الإحصاء العام للسكان، وذلك بعد تزويره قبل عشر سنوات لنسبة الأمازيغ بالمغرب في إحصاء سنة 2004، حيث جعلها لا تتعدى نسبة ثمانية وعشرين بالمائة من السكان أي أقل من نسبة الناطقين بالفرنسية وفق نفس الإحصاء، وبعد أن اعتبر رشيد الراخا رئيس التجمع العالمي الأمازيغي في تصريح سابق له أن إحصاء سنة 2004، تم فيه تزوير نسبة الأمازيغ بالمغرب بشكل فظيع جدا، وأن أي إحصاء سيجرى بالمغرب هذه السنة لن يقبل الأمازيغ أن يشرف عليه نفس الشخص الذي زور بحدة إحصاء المغاربة قبل عشر سنوات، وأنهم سيوجهون الدعوة لمقاطعة إحصاء سنة 2014 في حالة لم تتم الاستجابة لمطالبهم وفي مقدمتها عدم إشراف الحليمي عليه.

أصدر المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات من الرباط بيانا يوم الخميس 12 يونيو 2014، حول إدراج حرف تيفيناغ في استمارة الإحصاء، وفي لهجة حادة انتقد بيان المرصد الطريقة التي أدرجت بها الأمازيغية في استمارة الإحصاء، ونظرا لما ورد في ذات البيان من دق لناقوس الخطر بخصوص الإحصاء الذي سيشرف عليه أحمد الحليمي وما اعتبره تامرا ضد الأمازيغية وحرف تيفيناغ ارتأينا نشر نصه كاملا:

نص بيان المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

تدارس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات الطريقة التي أدرجت بها المندوبية السامية للتخطيط اللغة الأمازيغية في استمارة الإحصاء المرتقب في فاتح شتنبر القادم، والتي تميزت بذكر اللغة الأمازيغية ضمن اللغات المعيارية المكتوبة، مع تمييزها بذكر حرفها ووضعه بين قوسين، دون بقية اللغات الأخرى. ونظرا لمعرفتنا بأن الإحصاء يرتبط بالخطط القادمة للدولة وباختياراتها المستقبلية التي ستعتمد بلا شك المعطيات الإحصائية، ونظرا لما عبر عنه المندوب السامي للتخطيط خلال الندوة الصحفية التي أقامها يوم الأربعاء المنصرم، حيث اعتبر أن إدراج هذا الحرف في استمارة الإحصاء آت من أنه غير مفهوم عند المغاربة (كذا !)، فإنه وجب تذكير المشرفين على الإحصاء بالمعطيات التالية درءا لأي لبس أو محاولة للالتفاف على أحد مكتسبات الأمازيغية الراسخة منذ عشر سنوات:

ـ إن حرف تيفيناغ كان محظورا قبل ترسيمه في 10 فبراير 2003، وكانت السلطات تعتقل من كتب به في الفضاء العام، كما كانت تنتهج سياسة تعريب التعليم والهوية والذاكرة وأسماء الأماكن والمواليد والرموز التاريخية. وقد أصبح تيفيناغ حرفا رسميا لتدريس اللغة الأمازيغية في إطار “المصالحة الوطنية” التي تعهدت فيها السلطة بعدم العود إلى المسّ بتراثنا الثقافي وهويتنا الأمازيغية والتي يعدّ حرف تيفيناغ أبرز مظاهرها وأقواها على المستوى البصري وأعرقها تاريخيا.

ـ أنه بعد إقرار تيفيناغ حرفا لتدريس اللغة الأمازيغية ارتبط بمسلسل إدراج هذه اللغة في التعليم، والذي تعرض لكل أشكال العرقلة واللامبالاة، حيث لم تبلغ نسبة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية إلا 14 في المائة إلى حدود السنة الماضية، وهو أمر يعود إلى عدم توفير الاعتمادات والإمكانيات المطلوبة لإنجاح هذا الورش من طرف الوزارة الوصية.

ـ أن القلة القليلة من تلاميذ التعليم الابتدائي الذين درسوا اللغة الأمازيغية في بعض المدارس التي أدرجت فيها، لم يستطيعوا متابعة تعلمهم لهذه اللغة بسبب عدم تجاوزها للسنوات الأولى من الابتدائي حيث لم تصل مطلقا إلى الإعدادي ولا الثانوي.

ـ أن هذا يعني بأن حرف تيفيناغ الذي تنوي الدولة إحصاء عدد المغاربة الذين يتقنون الكتابة به، والذي قال عنه السيد الحليمي إنه غير معروف لديهم، لا يمكن إلا أن يكون كذلك لأنه لم يصل إليهم عبر المدرسة والتعليم النظامي، القناة الوحيدة التي نشرت العربية والفرنسية بحرفيهما في المغرب منذ الاستقلال.

ـ أن إقحام السؤال عن تيفيناغ في استمارة الإحصاء في ظل الوضع المشار إليه، والذي تتحمل مسؤوليته السلطات التربوية، سيؤدي إلى نوع من التضليل للمغاربة وللرأي العام الوطني والدولي، لأنه كمن يطالب 50 في المائة من المغاربة الغارقين في الأمية بمعرفة الكتابة بالعربية الفصحى أو بالفرنسية.

 ـ أنّ ما عبر عنه السيد الحليمي هو إعلان عن نتائج الإحصاء قبل إجرائه، وهو ما يدلّ على أنّ استطلاع نسبة المغاربة الذين يكتبون بالحرف الأمازيغي أمر غير ذي جدوى ما دامت النتيجة معروفة، لكن أسبابها هي التي يتم التستر عنها بشكل غير بريء، فالجميع يعرف بأن هذا الحرف تم تدريسه لنسبة ضئيلة من أطفال الابتدائي، بينما سيسأل عنه في الإحصاء البالغون من كل الأعمار، والذين لم يسبق أن تلقوا أي تعليم به من قبل.

ـ أنه إذا كان القصد من هذه المناورات، التي تقرب إلى الصبيانية والعبث، هو تبرير أي تراجع عن المكتسبات التي حققتها الأمازيغية ورموزها الثقافية عبر تحدّي الزمن وكل مخططات الإبادة، فإنّ من يخططون لذلك سيكونون ملزمين بتحمل مسؤوليتهم في المسّ بالنموذج المغربي السلمي في تدبير التنوع الثقافي واللغوي خارج الصراعات الهدامة، والذي أصبح منذ ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور نموذجا متميزا في المنطقة بكاملها.

ـ أن حرف تيفيناغ الذي يخطط البعض لمصادرته من جديد قد نال اعترافا دوليا، وانتقل إلى دول شمال إفريقيا أخرى، بعد أن تمّ تقعيده ومعيرته من طرف مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب، وقد اعتمد في ليبيا بعد الثورة بنفس صيغته المغربية، حيث وضعت به المؤلفات المدرسية في الدخول المدرسي الأخير.

 ـ إن الدراسة التي على الدولة إنجازها حول حرف تيفيناغ ينبغي أن تكون ميدانية داخل الفصول الدراسية التي تتم فيها العملية التعليمية بالأمازيغية، والتي ما زالت محدودة جدا، وذلك لمعرفة مدى إقبال التلاميذ على هذا الحرف ومدى سهولة تعلمه، وهو ما تم إثباته من خلال تقارير سابقة لوزارة التربية الوطنية.

ـ ندعو قوى الحركة الأمازيغية وحلفائها الديمقراطيين إلى التعبئة واليقظة لمواجهة أية محاولة للالتفاف على المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بعد نضال مرير. ونحمل قوى النكوص داخل الدولة ما يمكن أن ينجم عن أية تراجعات من نتائج تمس بالسلم الاجتماعي في بلادنا.

شاهد أيضاً

إطلاق الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني في نسختها الرابعة

يعلن رئيس مجلس النواب عن إطلاق الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني في نسختها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *