كما كان منتظرا بدأ الشباب الأمازيغي بالتوافد صباح الأحد 19 أبريل 2015 إلى ساحة الباطوار في مدينة أكادير التي حددت كمكان لانطلاق مسيرة تاوادا تخليدا لذكرى الربيع الأمازيغي ومن أجل التأكيد مجددا على ضرورة إقرار الدولة لكافة الحقوق الأمازيغية، ووضع حد للعنصرية والتهميش والقمع ومصادرة الحريات.
قوات الشرطة بالإضافة لقوات التدخل السريع والقوات المساعدة وأجهزة البوليس السري بمختلف تلاوينها، بدأت عملها مبكرا، فمنذ الصباح الباكر إمتلأ المكان المحدد لإنطلاق مسيرة تاوادا بالعشرات من سيارات الأمن المغربي، كما انتشر العشرات من رجال الأمن والمخابرات بزي رسمي وزي مدني في مكان ومحيط المظاهرة، ناهيك عن قيام الشرطة بسيارتها ودراجيها بدوريات في محيط ساحة الباطوار وداخلها، كما تم تطويق محطة الطاكسيات بالباطوار ومحطات أخرى تبعد بالكليومترات عن أكادير كمحطة إنزكان.
المشهد كان يؤشر على أن السلطات المغربية قررت من جديد قمع الأمازيغ وحرمانهم حتى من حقهم في الإحتجاج والتظاهر، لكن ورغم حالة الطوارئ والإستنفار الأمني لم يتردد الشباب الأمازيغي في القدوم إلى مكان إنطلاق مسيرة تاوادا فرادى ومجموعات، ما جعل الأمن المغربي يقوم ساعات قبل موعد انطلاق المسيرة بتفريق كل مجموعة أفراد صغيرة كانت أو كبيرة يشكون أنها قدمت لحضور احتجاج الأمازيغ، أما المحتجين الذين يلبسون قبعات أو يحملون أعلاما أو لافتات علنا قبل المسيرة فيتم القبض عليهم ومصادرة ما يحملونه مع إجبارهم على مغادرة ساحة الباطوار التي شهدت عسكرة تامة.
فجأة وفي حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا، بدأ الشباب الأمازيغي في التجمع قرب المكان الذي حدد مسبقا لإنطلاق مسيرتهم، ولتجنب تفريقهم قبل تجمع أكبر عدد ممكن منهم، انطلق الشباب الأمازيغي في مجموعة كبيرة سيرا في اتجاه معاكس لمكان تواجد قوات الشرطة بأعداد كبيرة، ما أربك رجال الشرطة ومكن الأمازيغ من اطلاق احتجاجهم مرددين شعارات تندد بالتطويق والقمع وتنادي بالحرية والديمقراطية والحقوق الأمازيغية كاملة غير منقوصة، ولم تمر إلا دقائق حتى تدارك الأمن المغربي ارتباكه فلجأ إلى عناصر القوات المساعدة ليقوموا بعرقلة سير الشباب الأمازيغ بمسيرتهم، قبل أن تحضر قوات السريع التي تدخلت مباشرة ضد المحتجين الأمازيغ واستخدمت العنف المفرط ضدهم، قبل أن تقوم بمباشرة الإعتقلات في صفوف المحتجين، لكن ذلك لم ينل من عزيمة الشباب الأمازيغي الذين تجمعوا مجددا في ساحة الباطوار مرددين شعارات تطالب بالسراح للمعتقلين إلى جانب شعاراتهم المعتادة قبل أن يتعرضوا للقمع مجددا.
وحشية وعنف التدخل الأمني أسفرا عن جرح وإصابة عدد كبير من المناضلين والمناضلات الأمازيغيات إصابات متفاوتة وبعضهم لجأ للمستشفى.
أما المعتقلين الأمازيغ ففي البداية كانوا سبعة نشطاء في مرحلة أولى قبل أن يرتفع عددهم إلى ثلاثة عشرة تم نقلهم جميعا من قبل رجال الشرطة إلى مقر الأمن المركزي بأكادير، وأجريت معهم تحقيقات دامت لحوالي أربع ساعات من قبل عملاء الإستخبارات، قبل تسجيل أقوالهم من طرف النيابة العامة في محاضر وقعوا على ثماني نسخ منها وقبل الإفراج عنهم تم إخبارهم بأنهم سيتعرضون لمتابعة في حالة سراح وستوجه إليهم في وقت لاحق استدعاءات للمثول أمام وكيل الملك بتهم التظاهر بدون ترخيص وإلحاق الضرر بممتلكات الغير.
هذا وقد علم موقع أمدال بريس من مسؤول حقوقي أن رجال الأمن حاولوا دفع عدد من سائقي سيارات الأجرة ومالك مقهى لتقديم شكاية ضد الأمازيغ المحتجين سيلاحق تبعا لها المعتقلين منهم بتهم ملفقة.
للإشارة فموقع أمدال بريس سينشر لاحقا تقريرا كاملا عن حيثيات الإعتقال وطبيعة التحقيقات ونوعية الأسئلة التي طرحت على المعتقلين الأمازيغ من قبل رجال المخابرات الذين حققوا معهم، وضمنها أسئلة غريبة ولا علاقة لها بالإحتجاج وبالأمازيغ حول شرب الخمر والتدخين وممارسة الرذيلة، وأسئلة أخرى حول الأخوات والإخوة وعملهم وعدد أولادهم وسنهم وغير ذلك، في بلد يتحدث عن حقوق الإنسان وعن دولة القانون.