ابن كيران وحقده الدفين على أيت سوس؟

أمينة ابن الشيخ أوكدورت

مرة أخرى، وكعادته في نهاية كل أسبوع، خرج عبد الإله بنكيران بتصريح مستفز جديد، زعم فيه أن “أهل سوس لا زالوا يعيشون كالإنسان القديم ما قبل التاريخ”.
تصريح لا يمكن عزله عن سلسلة من خرجاته السابقة التي اتسمت بالسخرية والتنقيص من منطقة عريقة وأصيلة من المغرب، ما يؤكد أن الأمر لم يعد مجرد زلات لسان، بل تعبير ممنهج عن نزعة عدائية دفينة تجاه مكون رئيسي من الهوية الوطنية.

ففي كل مرة، لا يتردد بنكيران في الإساءة إلى أبناء وبنات سوس، تارة باتهامهم بالبخل في حديث ساخر مليء بالتنميط المهين، حين قال إنهم “يكتفون بكأس شاي وفطيرة خبز”، وتارة أخرى بوصفهم بأنهم “يعيشون كما إنسان ما قبل التاريخ”.

وهنا يحق لنا أن نسأل: حتى إن صحّ هذا الزعم، لماذا لم يُغير بنكيران من هذا الوضع خلال خمس سنوات قضاها رئيسًا للحكومة؟ ولماذا لم يفعل ذلك وحزبه يقود الحكومة لعشر سنوات كاملة؟ أم أن تحقير سوس لم يكن نتيجة قصور في التسيير، بل موقف إيديولوجي عدائي متجذر؟

ولعل الأخطر من ذلك، أن بنكيران لم يوفّر حتى اللغة الأمازيغية من تهكمه، إذ سبق له أن وصف حروف تيفيناغ – إحدى أقدم نظم الكتابة في العالم – بـ”الشينوية”، في استهزاء لا يعكس فقط جهله باللغة الأمازيغية والصينية، بل استخفافًا صارخًا باللغة الرسمية للمملكة، والتي نص عليها دستور البلاد.

وليس غريبًا أن يكون هو نفسه من رفض خلال ولايته إخراج القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في تعطيل متعمد لمشروع وطني يروم الإنصاف اللغوي والثقافي.

فما الذي يريده بنكيران اليوم؟ هل لا يزال يعتقد أن الشعبوية الرخيصة قادرة على إعادته إلى واجهة المشهد السياسي؟ أم أنه فقط يمارس تصفية حسابات مريضة، بعدما فقد البوصلة والمكانة والشرعية؟

إن خطابه لم يعد خطاب سياسي، بل أصبح نموذجًا واضحًا للعدمية والتشويش، يُبنى على استعداء فئات من المغاربة، وصناعة أعداء وهميين، لإثارة الانتباه والبقاء في دائرة الضوء، ولو على أنقاض الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي.

إن أبناء وبنات سوس، الذين يصرّ بنكيران على استفزازهم، لم يكونوا يومًا عبئًا على الوطن، بل كانوا ولا يزالون في قلب دينامية التنمية الاقتصادية، وروادًا في الحركة الوطنية والمقاومة، ومشاعل إشعاع ثقافي وحضاري للمغرب في الداخل والخارج.

وما يحتاجه المغرب اليوم هو خطاب وحدوي، يعترف بالتعدد ويكرّس التعايش، لا خطابات الإقصاء والتمييز والتبخيس.

كفى من الاستعلاء. كفى من اللعب بالنار. فالمغاربة لا يحتاجون إلى من يحرّض بعضهم على بعض، بل إلى من يحترم ذكاءهم، ويخدم مصالحهم، ويعلي من شأن الوطن بمختلف لغاته، ومكوناته، وتاريخه

اقرأ أيضا

فعاليات أمازيغية تجر وزارة التربية الوطنية إلى القضاء بسبب تأجيل تدريس الأمازيغية

تقدمت 15 جمعية مدنية وثقافية أمازيغية من مختلف جهات المغرب بطعن إداري أمام المحكمة الإدارية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *