جاء دستور المملكة المغربية للعام 2011 بالعديد من الإصلاحات المهمة في تاريخ الدولة المغربية، لاسيما ما يتعلق بالطابع التعددي للهوية المغربية والحكامة وتوزيع السلط وتوضيحها والتدبير الإداري وهيكلة المؤسسات وغير ذلك من التدابير والإجراءات غير المسبوقة التي تجعل منه – باعتراف عتاة الفقهاء الدستوريين- وثيقة دستورية بنفس تحرري وحقوقي غير مسبوق.
في مجال تدبير التعددية اللغوية والثقافية وحلحلة وضعية الأمازيغية هوية ولغة وثقافة، نصت الوثيقة الدستورية – لأول مرة في تاريخ الدساتير ببلادنا- على ترسيم الأمازيغية، وربط تفعيل الأمر بصدور قانون تنظيمي خاص بذلك. وفعلا، في 26 شتنبر 2019، سيصدر أخيرا بالجريدة الرسمية القانون التنظيمي 26-16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
يوضح هذا القانون التنظيمي العديد من الإجراءات والعمليات والتدابير التي ستقوم بها مختلف السلطات تفعيلا للطابع الرسمي للأمازيغية والتي انخرطت فيها بلادنا عمليا منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش. وقد أفرد نفس القانون للجماعات الترابية العديد من المهام التي يتوجب عليها القيام بها إسهاما منها – بحكم الاختصاصات المكفولة لها – في هذه العملية التي تعتبر ورشا وطنيا مفتوحا.
نوضح أولا، أن الدستور حدد الجماعات الترابية في الجهات (12 جهة)، العمالات، الأقاليم، الجماعات المحلية بصنفيها القروي والحضري. خصها المشرع باختصاصات واسعة ونوعية، كما وفر لها موارد مالية وإمكانيات بشرية ولوجيستيكية هامة…
عند العودة إلى القانون التنظيمي المشار إليه، نجد أن هذه الجماعات الترابية بمختلف أنواعها معنية بالعديد من التدابير المتعلقة بترسيم الأمازيغية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: تحرير مختلف الوثائق والشواهد الإدارية والأختام الإدارية بالأمازيغية، بما فيها وثائق الحالة المدنية، توفير بنيات الاستقبال بالأمازيغية، تأهيل وتكوين الموظفين في مجال التواصل بالأمازيغية، إدراج الأمازيغية في المواقع الإليكترونية لهذه الجماعات بما في ذلك بدون شك مواقعها في وسائل التواصل الاجتماعي، استعمال الأمازيغية في علامات التشوير وواجهات البنايات ووسائل النقل العمومية كالإسعافات وأليات تدبير قطاع النظافة على سبيل المثال…
وإن كانت مختلف هذه التدابير تهم عموما حضور الأمازيغية في الجانب البصري والتواصلي العام، فإن الجماعات الترابية يمكن لها أن تفعل الطابع الرسمي بشكل قوي على المستوى اللامركزي. فبحكم الإمكانيات المالية المرصودة لها، بمقدورها الإسهام في تطوير تعليم الأمازيغية على المستويين المحلي والجهوي، دعم مختلف المظاهر الثقافية الأمازيغية الجادة، دعم الجمعيات الأمازيغية، دعم المهرجانات الثقافية الأمازيغية الهادفة في إطار من الحكامة…وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
رشيد نجيب