الراخا في رسالة إلى بنموسى: بسبب إقصاء الأمازيغية “الفشل” مصير سياستكم التعليمية مثل “البرنامج الاستعجالي”

وجه رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا رسالة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، عدّد فيها رئيس الهيئة الأمازيغية خرق الوزير الوصي على القطاع لمجموعة من الالتزامات الملكية والدستورية والقانونية والدولية بسبب إقصاء اللغة الأمازيغية في المدرسة العمومية.

وأكد الراخا في رسالته، وجه نسخة منها إلى رئيس الحكومة، أن “إصرار بنموسى المستمر في استبعاد تعليم الأمازيغية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات في فصول المدارس الأولية، والاستمرار في رفض تعميمها في المدارس الابتدائية، سيجعله بكل بساطة وبشكل غير مسؤول يخالف مجموعة من الالتزامات والتي ذكر منها الـ12 في رسالته.

ودعا الراخا وزير التربية الوطنية إلى “دمج اللغة الأمازيغية بأسرع ما يمكن في جميع فصول ما قبل المدرسة وتعميمها في المرحلة الابتدائية. وإلا، فإن إصلاحكم و”نموذجكم التنموي” سيبقى عالقا في الذاكرة الجماعية مثل “البرنامج الاستعجالي””.

وفي ما يلي نص الرسالة:

 

السيد شكيب بنموسى

وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة

حكومة المملكة المغربية

 

الموضوع: فشل محقق لإصلاح سياستكم التعليمية

بمناسبة اليوم العالمي  للمدرس ، أود أن أسائلكم مرة أخرى بشأن مسألة مهمة تتعلق بالمستقبل المنتظر لنظامنا التعليمي الوطني ووعودكم لإصلاحه من أجل المساهمة في النموذج التنموي الجديد.

لقد حظيتم بشرف إجراء حوار حصري مع مجلة “تيل كيل” الناطقة باللغة الفرنسية، خلال الأسبوع الأول من أبريل الماضي (العدد 991 من 1 إلى 7 أبريل 2022)، استغرق حيزا أوفر من المجلة قُدّر بحوالي عشر صفحات، إلا أننا لاحظنا مع كامل الأسف، أنكم تناسيتم تمامًا التطرق للورش الرئيسي المتعلق بتدريس اللغة الأمازيغية، التي تعتبر اليوم لغة رسمية ببلادنا إلى جانب اللغة العربية. ولم يكن بوسعي الردّ، آنذاك، لمعرفة ما إذا كان هذا الإغفال المؤسف متعمدًا أم لا إراديًا؟

لكن بإعلانكم، خلال المؤتمر الصحفي يوم 6 شتنبر 2022، أن وزارتكم ستقوم بتوظيف 400 مدرس للغة الأمازيغية فقط، في استمرار للسياسة التمييزية الكارثية لحكومة حزب العدالة والتنمية السابقة ووزير القطاع آنذاك سعيد أمزازي العضو في حزب الحركة الشعبية، أصبحت نيتكم أكثر وضوحًا رغم مشاركتكم بنشاط، رفقة طاقم وزارتكم، في لقاء الناظور الذي نظمه “على شرفكم” حزب التجمع الوطني للأحرار الذي تنتمون إليه، في أكتوبر من العام الماضي، حول هذا الموضوع تحديدا. وخلال هذا الاجتماع، أعلنتم أننا نحتاج إلى 17.000 معلما لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية (ولو أن الأمم المتحدة تؤكد أن الأمر يحتاج إلى حوالي 100.000 معلم). ووفقا لتحليلكم، فسيتعين علينا، لتحقيق هذا الهدف، الانتظار أكثر من 42 عامًا لتعميم الأمازيغية في المرحلة الابتدائية فقط !!!

 لقد أكدتم مؤخرًا في نيويورك، خلال اجتماع نظمته اليونيسيف بمقر الأمم المتحدة، على هامش الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة، أن: “المغرب حقق تقدمًا كبيرًا في مجال التعليم ويواصل العمل من أجل نهضة تربوية حقيقية”، التي قلتم “إنها أيضًا في قلب خارطة الطريق الوطنية لإصلاح التعليم وكذا في صلب النموذج التنموي الجديد، الذي تم اعتماده سنة 2021 وفقا للتعليمات الملكية السامية”، وأمام هذه الكلمات الجميلة لا استطيع البقاء غير مبال!

ومع ذلك، اسمحوا لي أن أؤكد لكم بكل صراحة أن إصلاحكم المتعلق بالسياسة التعليمية مآله الفشل لا محالة، ما لم تغيروا إستراتيجيتكم، كما هو الشأن بالنسبة لـ “نموذجكم التنموي”.

وطالما استمر استبعاد اللغة الأمازيغية، التي أضحت رسمية منذ عام 2011، من مرحلة التعليم الأولي واقتصار تدريسها على أقل من 10 ٪ من التلاميذ في فصول السلك الابتدائي، فتأكدوا أن عدد الأطفال الذين يغادرون المدرسة سيستمر في تجاوز 330 ألف تلميذ سنويًا، ولن يتحسن معدل الهدر المدرسي، ولا النسبة المئوية لأولئك الذين يكتسبون المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والذين يشكلون ثلثي التلاميذ، وفقًا للبنك الدولي.

واعلموا جيدا أن إصراركم المستمر في استبعاد تعليم الأمازيغية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات في فصول المدارس الأولية، والاستمرار في رفض تعميمها في المدارس الابتدائية، سيجعلكم بكل بساطة وبشكل غير مسؤول:

أولاً، تخالفون التوجيهات الملكية المعبر عنها خلال خطاب أجدير في 17 أكتوبر 2001 حيث أعلن جلالة الملك محمد السادس، بكل وضوح، ما يلي: “ولأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية. إن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة.”

ثانياً، تخرقون مقتضيات الدستور الحالي، الصادر في 1 يوليو 2011، وتخرقون بشكل سافر مضامين ديباجته التي تنص على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”، من جهة، ومن ناحية أخرى، مقتضيات المادة الخامسة التي تؤكد على أن: “…تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء….”.

ثالثًا، تخالفون القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلسيْ البرلمان سنة 2019 (الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 121-19-1، في 12 من محرم 1441 /12 سبتمبر 2019).

رابعًا، تقفون ضد توصيات الأمم المتحدة، كتلك التي أعربت عنها لجنة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في أكتوبر 2015 (1)، في التقرير الدوري السادس للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فاتح ديسمبر 2016 ، وتوصيات المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكُره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصُّب، والتي أعدتها السيدة تنداي أشيوم عقب دعوة وجهتها إليها المملكة المغربية في ديسمبر 2018 (2).

خامساً، تخرقون الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989، التي تؤكد المادة 7 منها أن للأطفال الحق في التعليم منذ الطفولة المبكرة وتنص المادة 8 على ما يلي: ” تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي.”.

سادسا، تقفون ضد توصيات اليونسكو بشأن أهمية اللغة الأم. وأذكركم بأن السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، أعلنت في عام 2019، بمناسبة السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية ان هدف التنمية المستدامة يتمثل في “عدم ترك أي أحد خلف الركب”، ومن الضروري أن تحصل الشعوب الأصلية على التعليم بلغاتها. ولهذا السبب، وبمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، أدعو جميع الدول الأعضاء في اليونسكو – وضمنها مملكتنا- وشركائنا والفاعلين في مجال التعليم، إلى الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية وإعمالها “.

سابعا، تخرقون إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (3) والعقد الدولي للغات الشعوب الأصلية 2022-2032 (4).

ثامناً، تخالفون أهداف مرحلة ما قبل المدرسة المتمثلة في تمكين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات من “تنمية المهارات النفسية والعاطفية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والمنهجية المتعلقة بمعرفة الذات والحياة في المجتمع والتواصل” والتي لا يمكن أن تتحقق إلا بالاعتماد على اللغة الأم.

تاسعاً، تسيرون ضد توجيهات علماء التربية المرموقين مثل البروفيسور آلان بنتوليلا الذي أكد بشكل موفق خلال خطابه الافتتاحي يوم 15 نوفمبر 2019 في باريس اثناء مؤتمر وزراء الدول والحكومات الفرنكوفونية، وضمنها المغرب، أن: “أنظمة التعليم في بعض البلدان، مهما كانت مكلفة، أصبحت آلات لتصنيع الأمية والفشل المدرسي لأنهم لم يعرفوا أبدًا (أو ليست لهم إرادة) حل المشاكل التعليمية. والسؤال الذي يدمرهم: هو اختيار لغة التدريس. إنهم يقودون التلاميذ إلى إخفاقات قاسية لأن المدرسة رحبت بهم بلغة لم تعلمهم إياها أمهاتهم، وهذا عنف لا يطاق يمارس على الطفل…، بينما باعتماد لغتهم الأم سنمنحهم فرصة للوصول إلى القراءة والكتابة ويمكننا بعد ذلك بناء تعلم طموح للغات الرسمية وفق بناء متين“.

 عاشرًا، تخالفون توجيهات البنك الدولي القيّمة، والتي تؤكد على الأهمية الحاسمة للغة الأم في تعليم الأطفال، اعتبارًا من نوفمبر 2019 5)).

حادي عشر، ضد الإرادة السياسية لرئيس حكومتكم أمغار عزيز أخنوش، التي عبر عنها خلال كلمته الافتتاحية في البرلمان وبرنامجه الحكومي حيث أصر على ضرورة تعزيز الأمازيغية وتخصيص ميزانية مهمة لها. وهي نفس الرغبة التي عبر عنها مرة أخرى وبشكل صريح في خطابه خلال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية لشباب حزبكم السياسي، التجمع الوطني للأحرار، الذي عُقد في أكادير يوميْ 8 و9 شتنبر 2022 (https://youtu.be/nPpGzaqs0nY).

ثاني عشر، في تناقض مع تصريحاتكم الخاصة عندما قمتم بزيارة لمدرسة Medersat.com في 21 يناير 2022- والتي اقترحتها عليكم في رسالتي المؤرخة في ديسمبر 2021 (6) – ، بجماعة بوسكورة التابعة لشبكة مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية للتربية والبيئة. وذكرتم أن: “هذه الشبكة تتميز عن غيرها من المؤسسات بالأهمية التي يحظى بها تعليم اللغات، ولا سيما اللغة الأمازيغية، مع ملاحظة ان اللغة الأمازيغية تدرس في هذه المدرسة التي لا تقع في منطقة أمازيغوفونية، من مرحلة ما قبل المدرسة إلى المستوى السادس الابتدائي”، وأضفتم أن: “الأمازيغية تُدرَّس كلغة مقروءة ومكتوبة وفي بموازاة إتقان اللغتين العربية والفرنسية، مع الإشارة إلى أنها تجربة بالغة الأهمية بالنسبة لمنظومة التعليم المغربية بأكملها، مما يدل على أن هذه الديناميكية ممكنة التحقق عند استيفاء الشروط (7) “.

وفي الأخير، إذا كنتم ترغبون، سيدي الوزير، ألا يكون برنامجكم الطموح وإصلاحكم الحكومي للتعليم الوطني محكومًا عليه بالفشل المحقق، فإن عليكم فقط بتغيير المسار. يجب دمج اللغة الأمازيغية بأسرع ما يمكن في جميع فصول ما قبل المدرسة وتعميمها في المرحلة الابتدائية. وإلا، فإن إصلاحكم و”نموذجكم التنموي” سيبقى عالقا في الذاكرة الجماعية مثل “البرنامج الاستعجالي” للوزير غير المسؤول أحمد أخشيشن من حزب الاصالة والمعاصرة، والذي يُذكر للأسف من خلال ما عرفه من تبذير وفساد واختلاس للأموال العامة، كما كشف عن ذلك الرئيس الأول السابق للمجلس الأعلى للحسابات السيد ادريس جطو في تقريره (8).

آملاً أن تلقى مذكرتي للاستجواب صدى معك، ولن تظل حبراً على ورق، وتفضلوا معالي الوزير، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.

رشيد راخا

أمغار التجمع العالمي الأمازيغي (AMA)

 

 * نسخة إلى رئيس الحكومة

ملاحظات:

(1)-

https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=E/C.12/MAR/CO/4&Lang=Fr

(2)-

https://amadalamazigh.press.ma/fr/lonu-demande-au-maroc-dintensifier-les-efforts-pour-que-les-amazighs-ne-soient-pas-victimes-de-discrimination-raciale/

(3)-

https://www.un.org/development/desa/indigenouspeoples/wp-content/uploads/sites/19/2018/11/UNDRIP_F_web.pdf

(4)-

https://fr.unesco.org/idil2022-2032

(5)-

https://documents1.worldbank.org/curated/en/778161626203742899/pdf/Effective-Language-of-Instruction-Policies-for-Learning.pdf

(6)-

 https://amadalamazigh.press.ma/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A8%D9%86%D9%85/

(7)-

www.facebook.com/ChakibBenmoussaMinistre/posts/132826212578989 

(8)-

 http://www.courdescomptes.ma/fr/Page-27/publications/rapport-thematique/rapport-sur-l-evaluation-du-programme-durgence-du-ministere-de-l-education-nationale/2-224/

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *