
معرفتي بالراحل بدأت منذ أن عدت من الديار الفرنسية وبالضبط ما بين سنة 1989-1991، والفضل في ذلك يعود إلى صديقي أحمد زاهد، الذي كان حينها طالبا في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية، موقع وجدة، وكان ينظم أنشطة ثقافية بمدينة الناظور، مما جعلني ألتقي بالأستاذ أحمد الدغرني، ومن تم تكررت اللقاءات بيننا، خصوصا في الزيارات المتعددة إلى مدينة الرباط، والحضور في عدد من الأنشطة الأمازيغية.

وخلال سنة 1994 بدأت اللقاءات التأسيسية للكونغرس العالمي الأمازيغي، وحينها كنت طالبا في جامعة غرناطة، مفعم بالحماس وكان لي شرف تسيير اللقاءات الأولية لفكرة تأسيس الكونغرس في ” فيستيفال السينما دودوغنوني”، وفي غشت 1995 كان التأسيس الفعلي للكونغريس العالمي الأمازيغي، الأمر الذي لم يكن سهلا واعترضته مجموعة من العراقيل، أهمها انتماء بعض المناضلين إلى تنظيمات سياسية مختلفة (أهمها حزب الحركة الشعبية) مما صعب من أمر الاتفاق بيننا، وكان الأستاذ أحمد الدغرني معارضا لوجود أي مناضل له انتماء حزبي، في ذلك الحين عارضته وقلت له “جاؤوا كممثلين لجمعيات ثقافية أمازيغية لا كممثلي التنظيمات السياسية”، وكان لنا الفضل كطاقات شابة في خروج الكونغريس العالمي الأمازيغي إلى أرض الواقع بعدما تمكنا من تجاوز الاختلافات التي كانت تعترضنا.

لكن، في مؤتمر “ليون الفرنسية” في غشت 1999، عادت الأمور إلى طبيعتها بفضل الأستاذ أحمد الدغرني والحسن إد بلقاسم اللذان قاما باحترام القانون التأسيسي، وبفضل القانون الأساسي الذي قام الأستاذين بإعداده، تمكنا في استمرار التنظيم الدولي والنضال الأمازيغي ككل، لأنه تمكن من جمع أعضاء من دول مختلفة (شمال إفريقيا، أوربا والولايات المتحدة الأمريكية…)، وكان التنظيم ملزم بعقد جمع عام كل سنتين احتراما للقانون الأساسي، الأمر الذي لم يحترمه المنتمون إلى التنظيمات السياسية، الذين فضلوا تنظيم مؤتمرا غير شرعي سنة 2000 في العاصمة البلجيكية “بروكسيل”.

إذ قام الأستاذ أحمد الدغرني بعمل جبار من أجل تطوير الصحافة الأمازيغية. كما عمل على تدويل القضية الأمازيغية ولفت أنظار المنتظم الحقوقي، وبعد ذلك قام بمعية عدد من المناضلين والمناضلات الأمازيغ أغلبهم من الشباب بتأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي قامت وزارة الداخلية بحله سنة 2007.
وبالعودة إلى علاقتي بالراحل أحمد الدغرني، فقد قمنا يوم 24 أبريل سنة 2008، بتنظيم ندوة باسم مؤسسة دفيد منتكومري هارت، بمدينة غرناطة، تحت موضوع “الحاضر ومستقبل القضية الأمازيغية” حينها، خرج الصحافي”رشيد نيني” لاتهامنا بأننا تلقينا دعم من طرف المخابرات الإسبانية من أجل القيام بهذا النشاط، وقام الأستاذ أحمد الدغرني برفع دعوى قضائية ضده لكنها قوبلت بالرفض.

وكان لقاء آخر بمدينة برشلونة وصدفة كان “لونس بلقاسم” الذي كان يستعد لزيارة البرلمان الأوروبي لتقديم شكوى ضد السلطات الجزائرية لمنعها انعقاد المؤتمر الخامس للكونغريس بالجزائر كما اتفقنا خلال اجتماع الناظور، وكانت من بين القضايا التي اقترحت على أن نطرحها كفصل من فصول نضالنا على البرلمان الأوربي، وهو قضية حل الحزب الديمقراطي الأمازيغي بالمغرب، وهو الأمر الذي تحقق فعلا بحضورنا إلى جانب الدغرني ومجموعة من الفعاليات في ذات السنة.
وبفضل مساهمة أحمد الدغرني في تدويل القضية الأمازيغية، بعد رفض تأسيس حزب ذو مرجعية “قومية أمازيغية”، تعرضنا لعدد من الاتهامات وصلت إلى حد اعتبارنا “متطرفين” واتهمونا بأننا “نلعب بالنار ونحاول إيقاد الفتنة النائمة” والتشكيك في سلامة عقلنا، فقط لأننا قمنا بالرد المشترك بين الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي والكونغريس العالمي الأمازيغي على تقرير الدولة المغربية حول الميز العنصري في المغرب، رغم أن الأمم المتحدة نفسها كانت إلى جانبنا خاصة بعد البعثة التي قامت ببعثها والتي أكدت العنصرية الممارسة على الأمازيغ في المغرب.

ويُشهد للأستاذ أحمد الدغرني تشبثه ودفاعه المستميت عن الشرعية واحترام القانون الأساسي للكونغريس العالمي الأمازيغي، وقوانينه الداخلية، وهذا ما أكده في حواره الشهير عبر “قناة الجزيرة” والذي شدّد فيه حينها على أنه لا شرعية لأي مؤتمر ينعقد باسم “الكونغريس” غير مؤتمر “تيزي وزو” الشرعي، عكس مع الأسف زميله الأستاذ حسن اد بلقاسم الذي قام بخرق القانون وهو من ساهم إلى جانب الدغرني في وضعه، ودعم مؤتمر مكناس الغير الشرعي، المنظم والممول من طرف وزارة الداخلية المغربية.


رشيد الراخا
رئيس التجمع العالمي الأمازيـغي
جريدة العالم الأمازيغي صوت الإنسان الحر
