
إيدير الذي تغنى بالتقاليد والعصرنة يكشف عن مساندته لأبناء بلاده في إصرارهم على تحمل المسؤوليات وفك القيود.
يقول في إحدى أغانيه “غاس ما ذيغريبن أقلاغ قراون” -وإن اخترنا الغربة لا زلنا معكم-وأكد ذلك منذ أيام حين قدم إيدير اعتذاراته لجميع الجزائريين والجزائريات -سواء في فرنسا أو بأرض الوطن-عن عدم قدرته على المشاركة في التجمعات والمسيرات التي تنظم في الداخل والخارج للمطالبة بالتغيير الجذري.
وقال ابن قرية “آث لحسن” بأعالي جرجرة “أحيي كل الجزائريين والجزائريات على دروس التحضر، الوعي والتجنيد التي يقدمونها للعالم. لأسباب صحية لن أستطيع مشاركتكم هذه التعبئة وهذا ما يؤلمني أكثر من شعوري بأوجاع هذا المرض الذي يسكن جسدي. أنا معكم من أعماق قلبي.” كلمات تؤكد أن شموع النضال لم تنطفئ عند رجل تجاوز السبعين لكن نظرته لحقوق الإنسان وللقضايا العادلة لم تتغير ولم يقهر ثقل السنين وشيب الشعر تلك الشعلة التي رافقته في المطالبة بالاعتراف بالثقافة الأمازيغية ونصرة الديمقراطية.
صاحب رائعة “سندو” الذي اكتشفه القريب والبعيد بحسه الإنساني، التشبث بالهوية، الأرض والذاكرة استعاد بانتفاضة شباب جزائر اليوم وأحفاد “معمري”، العربي بن مهيدي وعميروش أعوام القساوة التي أجبرت جيله على التحدي ومهما كانت مقاومة ذلك الزمن إلا أن العديد من المناضلين والمناضلات مثله توحدوا وتحدوا العراقيل لإسماع صوتهم. جيل إيدير ذاق طعم السجن وأهين أكثر من مناسبة إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة أي واحد منهم فكان عطر الحريات وأمل ميلاد جزائر بحجم طموحات أبنائها ممكنا في تلك الأعوام القاسية على من اختاروا الصمود والتي حكمت على من فضل صف القمع والتهديد بالمرور مرور الكرام ليحتفظ التاريخ بالصالح ويرمى الطالح في مزبلته.
خرجة الفنان إيدير-رغم العجز الصحي-لدعم الحراك الشعبي والإشادة بنضج شباب نفد صبره دليل على أن الرجل لا يزال وفي لمبادئه، كان يقول دوما “حين لا أملك شيئا أقوله، أفضل الصمت.” لكن حين يتحدث إيدير فذلك لمناصرة الحق ولعل جزائر الغد الممجدة للحريات والمساواة والعدل الاجتماعي -التي طالما حلم بخا جيل وجيل 2019-ستنتصر وتسطع شمسها.
*عن المحور
جريدة العالم الأمازيغي صوت الإنسان الحر