برنامج اللغات الجديد في فرنسا يغيب اللغة الأمازيغية رغم حضورها القوي في الهجرة

أعلن وزير التربية الوطنية الفرنسي في الجريدة الرسمية بتاريخ 28 ماي 2025 عن صدور برامج جديدة لتدريس اللغات الحية الأجنبية في جميع مستويات التعليم الإعدادي والثانوي العام والتكنولوجي، والتي نُشرت في النشرة الرسمية بتاريخ 29 ماي. شملت هذه البرامج 12 لغة، هي: الألمانية، الإنجليزية، العربية، الصينية، الإسبانية، العبرية، الإيطالية، اليابانية، الهولندية، البولندية، البرتغالية، والروسية، إضافة إلى وثيقة إطار مشترك خاص باللغات ذات الانتشار المحدود. وقد خضعت هذه البرامج لمشاورات وطنية واسعة وحظيت بموافقة المجلس الأعلى للتربية في 27 مارس 2025، على أن يتم تطبيقها بشكل تدريجي: ابتداء من سبتمبر 2025 لصفوف السنة الأولى إعدادي (6e) والسنة الأولى ثانوي (2nde)، ومن ثم تباعًا حتى سبتمبر 2028.

تتكون هذه البرامج من ثلاثة محاور أساسية: ديباجة عامة موحدة، مرجعيات ثقافية منظمة في خمسة محاور للسنة الأولى إعدادي وستة محاور لبقية المستويات تُدرس من خلال موضوعات خاصة بكل لغة، على أن يخصص المحور السادس لاكتشاف المجال الثقافي للغة المدروسة، وأخيرًا مرجعيات لغوية تحدد مستويات الإتقان المنتظرة وفق الإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات (CECRL).

ورغم استكمال هذه البرامج ببرامج اللغات الإقليمية، إذ نشر المجلس الأعلى للبرامج في أبريل 2025 مشاريع لعشر لغات إقليمية وهي حالياً قيد التشاور، فإنه من المؤسف أن نستمر في ملاحظة غياب اللغة الأمازيغية وتجاهلها تمامًا، على الرغم من أنها لغة عريقة ورسمية في بلدانها الأصلية ويتحدث بها ملايين الأمازيغ حول العالم. هذا الإقصاء يكرّس سياسة تمييز لغوي وثقافي ويُقصي جزءًا أصيلاً من هوية ملايين المهاجرين الأمازيغ في فرنسا، خاصة وأن الأمازيغ يمثلون نسبة هامة من المهاجرين القادمين من المغرب والجزائر وليبيا. حرمان أبنائهم من تعلم لغتهم الأم في المدارس يُضعف من ارتباطهم بجذورهم الثقافية ويُساهم في تذويب الهوية الأمازيغية لصالح هيمنة لغات أخرى.

ومن المؤسف أيضاً أن نرى الحركة الأمازيغية في المهجر، خاصة في فرنسا، ما زالت عاجزة عن فرض حضور فعلي للغة والثقافة الأمازيغية ضمن برامج التعليم والإعلام الرسمي رغم كل ما يقال عن “الصحوة الأمازيغية”. لا تزال هذه الحركة أسيرة للخطاب الرمزي، ولم تنجح بعد في خلق دينامية قوية تضغط من أجل الاعتراف الرسمي بالأمازيغية.

إن الوقت قد حان لتتحمل الجمعيات الأمازيغية في أوروبا مسؤولياتها التاريخية، عبر مزيد من التعبئة والعمل الميداني والسياسي والقانوني والثقافي، حتى تُدرج اللغة الأمازيغية ضمن اللغات التي تُدرس في مدارس فرنسا وغيرها من بلدان المهجر، وفاءً لحق الأمازيغ في لغتهم الأم وهويتهم الأصيلة.

اقرأ أيضا

إقليم سيدي إفني.. وزارة الثقافة تدرج موقعي “أنامر” و”آمالو تاعالوا” ضمن لائحة الآثار الوطنية

أصدر وزير الثقافة والشباب والتواصل قرارًا رسميًا، نُشر بالجريدة الرسمية، يقضي بتقييد مواقع النقوش الصخرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *