رسالة المعتقل السياسي ناصر الزفزافي الى الحركة الثقافية الأمازيغية

الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

رسالة المعتقل السياسي ناصر الزفزافي  الى الحركة الثقافية الأمازيغية.

أزول أيثما إيمازيغن ذ سويثما ثيمازيغين  .

أزول أيتها الجماهير الطلابية  الحاملة لمشعل العلم و المعرفة , الحالمة بالتغيير ومحاربة السياسات العنصرية التي تسعى إلى إقبار و طمس حضارة و تاريخ شعب عريق ضارب في القدم , تمتد جغرافيته من أقصى سيوى المصرية إلى جزر الكناري , شعب عاشق للحرية بالفطرة ويحب الآخر كيفما كان عرقه  وانتماؤه  وينبذ العنف والاسترقاق مهما كان نوعه .

يحصل لي الشرف أن أشارك أيامكم الثقافية بكلمتي المتواضعة هذه , لأغني النقاش إيجابا  و أساهم  من جانبي حتى ولو كنت مغيبا عنكم , نظرا لتواجدي خلف القضبان أقضي عقوبة السجن بعشرين سنة , على خلفية الحراك الشعبي السلمي  والحضاري ذو المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي يتجلى أبرزها في ثلاث مطالب أساسية  وجوهرية ألا وهي :

إحداث نواة جامعية و مستشفى بجميع التخصصات يلبي حاجيات الساكنة , وخلق مصانع ووحدات إنتاجية تستوعب الساكنة النشيطة بالريف و المتخرجين من المعاهد و الجامعات .

كما تعلمون أيها الطلبة الأحرار أيتها الطالبات الحرائر , الوضع العام الذي يعرفه الريف وحجم الهجوم الشرس الذي يتعرض له من طرف  المخزن من قمع  و اعتقال لخيرة شباب هذه المنطقة التي عانت و لا زالت تعاني الإقصاء و التهميش الممنهجين منذ أزيد من سنة . هذه المنطقة التي أنجبت مقاومين قدموا حياتهم فداء لحرية الوطن كالمجاهد الكبير الشريف محمد أمزيان و أسطورة الريف محمد ابن عبد الكريم الخطابي رضي الله عنه و أرضاه والقائمة طويلة من المقاومين و المناضلين الذين طالهم النسيان , فالريف اليوم ينزف و يبكي أبناءه المختطفين  الموزعين على مختلف سجون المغرب , انتقاما منهم على صمودهم و نضالهم التاريخي أمام الآلة القمعية الرهيبة , حيث لم تسلم عائلة من تقديم معتقل , و الريف بأكمله يعيش سياسة عقاب جماعي حتى صار مثل سجن كبير مطوق بجحافل  القوات  القمعية من كل جانب  , و كأن المنطقة في حالة حرب غير معلنة و أبناؤها عبارة عن رهائن لا يتمتعون بحقوق المواطنة كباقي المناطق الأخرى , و هذا إن دل على شيء فإنه يدل على الحقد الدفين الذي يكنه   المخزن للمنطقة  و أبنائها , فكان من الطبيعي أن يتهمونا بالانفصال و خدمة أجندات خارجية بعدما فشلت جل مناوراتهم ودسائسهم لإسكات صوت الحق , صوت الريفيين الذين يرفضون الظلم  و الحكرة  والشطط في استعمال السلطة كما رفضوا ذاك الظهير المشؤوم  الذي يعتبر منطقة الريف عسكرية , و بهذا الظهير نفسه  قضوا و يقضون على أي  تنمية حقيقية  للنهوض  بالمنطقة اقتصاديا و اجتماعيا  , و الحال ما نحن عليه الآن .

أتألم كثيرا يا إخوتي حين أجد أبناء و بنات ريفنا مشتتين و موزعين على مختلف جامعات المغرب , يكابدون العناء لمواصلة دراستهم بعيدا عن أهلهم , و مدنهم و بلداتهم اليتيمة لا تتوفر على جامعة تحتضن أبناءها كباقي  المدن الأخرى , و شريحة كبيرة من الشباب و الشابات انقطعوا عن الدراسة نظرا لغياب الإمكانيات المادية لتغطية مستلزمات السكن والدراسة و التنقل بعيدا عن المدينة الأم . صرنا محاطين بالمعاناة من كل جانب , نعاني حين نبحث عن منصب عمل لسد رمق العيش  حيث نضطر للبحث عنه خارج مدينتنا , نعاني حين نحتاج لمعالجة ذوينا فنضطر مرة أخرى للبحث عن المستشفيات خارج المدينة , ونقطع المسافات الطويلة أملا في العلاج من مرض السرطان الذي ينخر أجساد جل عائلات منطقة الريف بسبب القصف  العدواني بالغازات السامة من طرف  المستعمر الفرنسي  و الإسباني  بمباركة من أذياله خلال عشرينيات القرن الماضي من أجل القضاء على المقاومة الباسلة للمجاهدين  الريفيين رحمهم الله , فهل هناك ظلم وحيف أكثر من هذا ؟

إن نضالاتكم ومساهماتكم  في نشر الوعي بين عموم الشعب و التعريف بالقضية الأمازيغية  باعتباركم نشطاء في الحركة الثقافية الأمازيغية  التي قدمت شهداء و معتقلين نقف لهم إجلالا و إكبارا , تعد تضحياتهم كبيرة من أجل النهوض بالإنسان الأمازيغي ككيان حي  له هوية و ثقافة  و لغة  تمتد  لآلاف السنين  ,إذ لا يمكن لأي شعب أن يتقدم أو يتطور إذا لم يعترف بأصله و انتمائه ويتعلق بأرضه  و يتصالح مع ذاته , وما أحوجنا اليوم أكثر مما مضى إلى ثورة فكرية وثقافية شاملة للقضاء على كل أنواع  الاستلاب الثقافي والهوياتي بل وحتى الديني و استرجاع الذاكرة التاريخية المستلبة و التحرر من قيود الطغيان و الاستبداد بكل أنواعه و أشكاله , و ما الحراك الشعبي السلمي و الحضاري  لنموذج واضح على بروز ذهنية جديدة تعيد الإعتبار للإنسان الريفي الأمازيغي الحر . أنتم القدوة التي ستواصل النضال من أجل تحقيق تطلعاتنا و أمانينا لنعيش أحرارا  في وطن يتسع للجميع ونصل لما نصبوا إليه جميعا . إن المرحلة تقتضي منا جميعا توحيد صفوفنا وأن نكون جسدا واحدا لنجسد النضال السلمي كسلاح ناجح للقضاء على السياسة القمعية التي تنهجها الدولة ضد الانتفاضات  الشعبية بمختلف ربوع هذا الوطن الجريح , وكم كنت أرجو أيضا أن يتوقف العنف المادي داخل الجامعات  والعمل على توحيد صفوف  الفصائل والمكونات  الطلابية بما يخدم مصلحة الطالب أولا و أخيرا  وللتحصيل العلمي في جو سليم يليق به  وبمستواه .

تقبلوا مني أيها الأحرار أيتها الحرائر خالص إمتناني و تقديري لكم جميعا , و المجد و الخلود للمقاومين الحقيقيين و أعضاء جيش التحرير و كل الشهداء  الأبرار الذين  ضحوا بحياتهم  في سبيل حرية  الوطن و على رأسهم المجاهد الكبير و البطل مولاي محند  و الشريف محمد أمزيان , عسو أبسلام , موحا أوحمو الزياني , عباس المساعدي , القاضي قدور وحدو أقشيش , و من درب هؤلاء ننير طريقنا و على خطاهم ونهجهم سائرون

و أخيرا و ليس آخرا نلتمس من تنسيقيتكم الوطنية  فضلا و ليس أمرا أن تعلنوا – وفق الشروط الممكنة – عن شكل نضالي تضامني مع معتقلي الحراك الشعبي بالريف الموزعين على مختلف سجون المغرب  و معتقلي حراك جرادة وكل الانتفاضات الشعبية و الذين قدموا حريتهم  في سبيل الحرية و الكرامة و العدالة الأجتماعية .

ودمتم للنضال أوفياء و دام هذا الأخير لكم .

عاش الريف و لا عاش من خانه .

ناصر الزفزافي رقم اعتقال 74823

سجن الذل : عكاشة

اقرأ أيضا

المديرية العامة للأمن الوطني تُبرز اللغة الأمازيغية في الدورة السادسة لفعالية “الأبواب المفتوحة”

تنظم المديرية العامة للأمن الوطني الدورة السادسة من فعالية “الأبواب المفتوحة” خلال الفترة من 17 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *