مع بداية كل سنة أمازيغية جديدة وللأسف، تتجدد النقاشات والجدالات العقيمة حول مشروعية الاحتفال بهذه المناسبة التي أصبحت منذ فترة قريبة يومًا رسميًا معترفًا به في المملكة المغربية بفضل المبادرة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. هذا القرار الحكيم يعكس رؤية عميقة وفهمًا متبصرًا لمعنى المواطنة الحقة، التي تقوم على الاعتزاز بجميع مكونات الثقافة المغربية المتعددة والغنية.
الاحتفال بالسنة الأمازيغية لا يتعلق فقط بتقويم أو حدث تاريخي عمره آلاف السنين، بل هو احتفاء بالأرض وعطائها، تلك الأرض التي تشكل صلب حياة الإنسان المغربي. فالأمازيغ منذ القدم ارتبطوا ارتباطًا وثيقًا بالطبيعة، والزراعة، ودورة الحياة التي تجود بها الأرض. وعليه، فإن هذا الاحتفال يشكل تكريمًا لدورة الطبيعة التي ترتبط بالزرع والحرث والحصاد، ويؤكد على قوة ارتباط الإنسان المغربي بأرضه كمصدر للحياة والانتماء والهوية.
إضافة إلى ذلك، فإن الاحتفال بالسنة الأمازيغية يتجاوز الجانب الزراعي أو الطبيعي، ليصبح رمزًا للوطنية والارتباط بالأرض التي تجمع بين كافة مكونات المجتمع المغربي. فهو احتفاء بقيم الانتماء للوطن وبتلك الهوية الجامعة التي تجعل من المغرب بلدًا متفردًا بتنوعه الثقافي واللغوي. الاعتزاز بالتعايش بين مختلف مكونات الشعب المغربي. وبذلك، فإن هذا الاحتفال يشكل مصدر قوة للوطن لا نقطة ضعف، ويمثل تعبيرًا عن روح التعددية التي تعزز الوحدة الوطنية، و تجعل من التنوع الثقافي قاعدة لبناء وطن قوي وموحد.
جعل السنة الأمازيغية يومًا وطنيًا رسميًا، بقرار من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يُظهر حكمة القيادة المغربية وحرصها على تعزيز الوحدة الوطنية. فمنذ بداية عهده، سعى الملك إلى بناء مفهوم شامل للمواطنة يقوم على احترام جميع مكونات الثقافة المغربية، بما في ذلك الثقافة واللغة الأمازيغيتين، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التراث المشترك. وبهذا القرار، يكون الملك قد بعث رسالة واضحة بأن الوحدة الوطنية لا تتحقق إلا بالتعايش والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع.
أما من يحاولون التشكيك في هذه المناسبة أو التقليل من قيمتها بدعوى الدين أو التاريخ، فإنهم يعبرون عن ضيق أفق وجهل بحقيقة الثقافة المغربية التي تقوم على التعدد والانفتاح. الاحتفال بالسنة الأمازيغية لا يناقض الدين أو القيم، بل هو إضافة غنية لتراثنا الوطني المشترك الذي نعتز به جميعًا.
فلنحتفل جميعا بالسنة الأمازيغية بفخر واعتزاز، ليس فقط كتقليد ثقافي، بل كرمز للوحدة والارتباط بالأرض والوطن. إنها مناسبة تعيد التأكيد على أننا مغاربة، نعتز بكل ما يجعلنا متميزين ومتجذرين في تاريخنا وحضارتنا.
أسكاس أماينو لكل المغاربة ولكل امازيغ لعالم