بقلم: بلعليد إبراهيم
هناك شيء ما بداخلي يدفعني لِلَّوم، قد يبدو هذا العنوان للبعض عبثا؛ فكيف يستقيم للإنسان أن يلوم الثلج. بتعبير آخر هل يجوز للعاقل أن يلوم غير العاقل؟ لكن، إن لم ألُم الثلج فماذا عساي ألوم؟ هل ألوم الجبال التي حملتها؟ أم ألوم الطرق التي استقبلتها بفرح؟ أألوم أيضا المنطقة الجغرافية التي نالت هذه الثلوج؟
إنني في أمس الحاجة لِلَّوم، غير أنني أخشى أن ألوم إنسانا مات ضميره، أو مؤسسات لا حول لها ولا قوة، كما أخشى أن ألوم الحكومة المنهمكة في إعداد طريقة لطيفة تضرب في عمق ما يملكه المواطن. لكل تلك الأسباب ارتأيت أن ألوم الثلج القادم من سيبيريا.
أيها الثلج القادم من سيبيريا أفضل أن ألومك على لوم من مات ضميره، فلومك أرحم من لوم من مات ضميره؛ وأعتقد أن المسألة تكررت غير مرة بنكهة اللامبالاة والاستخفاف.
الثلج المحترم تهاطل بلطف واستحضر معاناة سكان الجبال، وتمعن في النساء الحوامل والأطفال الصغار. إنني ألتمس منك ألا تغلق الأبواب على المواطن؛ ألم يكن في بالك أنهم في أمس الحاجة لمواد خارج البيت، ألم يتبادر إلى ذهنك إمكانية موتهم جراء الصقيع، فبأي وجه تريد أن تلتقي الله عز وجل، وأنت أيها الثلج وضعت حدا لحياة أسر لم تتركها للحكومة لتتهكم عليهم.
لذلك، إياك أيها الثلج أن تتمادى في قتل البشر؛ فمتى فعلت ذلك فقد يفقدك الأمر الثقة في البياض الناصع ليتساوى مع الأسود الغامق، في هذا الصدد تهاطلتَ على المواطن في عز الليل، فشكل الأمر ثنائية متناقضة بين الثلج الأبيض والليل الأسود.
نلتمس منك أن تحافظ على بياضك وأن لا تتحول إلى سواد، وإن كنا الأقرب إلى اللون الثاني. يكفي أنهم لم ينعموا بقسط من الراحة منذ وصولك، ويكفي أنك سلبت منهم ماشيتهم وأبيت إلا أن تغطيها بالبرد كمستودع الأموات بالنسبة للحيوانات.