أبطال الشعب

بقلم: عبدالحق الريكي
بقلم: عبدالحق الريكي

“حدثني الزعيم محمد بن عبدالكريم من القاهرة :[…] وناهيك بإخلاص هذا الرجل الشعبي أقل ما يقال عنه أن إخلاصه لوطنه لم يكن واضحا  إلى حد الا يثق به الإسبانيون ويتآمروا معه على الفتك ببطل الريف […]” علال الفاسي [1]

لنكن واضحين منذ البداية، تحدثوا عن الرجل (عبدالكريم الخطابي وعلال الفاسي) كبطل من أبطال الشعب، لا فرق لدي من كون المرأة أيضا يمكن أن تكون بطلة للشعب. فلا فرق لي بين الرجل والمرأة. هما سواسية في المعركة، معركة البناء والتشييد لمجتمع إنساني فاضل.

لنعد إلى موضوعنا. ما هو المطلوب لتصبح بطلا للشعب؟ ليس الكثير. اليوم’ لكي تصبح بطلا، يجب أن يكون ذلك بمقرر تنظيمي.

مثلا، علال بن عبدالله كان بطلا للشعب المغربي كما كان الحال مع المقاوم الفرنسي “جون مولان” (Jean Moulin)، رغم أن الأخير نظم المقاومة الشعبية ضد الفاشيين الألمان، والأول لم يكن معروفا (حسب الرواية الرسمية المقدمة) إلى أن قام بمحاولة اغتيال السلطان غير المرغوب فيه من طرف المغاربة.

لماذا كل هذه المقدمة، للقول إن أبطال الشعب كثيرون، موجودون في الأحياء والدواوير والمقاهي. أنتم وأنتن تعرفونهم حق المعرفة. هناك أبطال يقرهم التاريخ، مثلا الزعيم محمد بن عبدالكريم الخطابي، رغم أن “المخزن”، لا يليه الاهتمام الواجب. هناك علال الفاسي، الذي يعتبره حزب الاستقلال، بطلا من أبطال الشعب. لكن اليسار عموما، وجزءا من حزب الاتحاد الاشتراكي، يعتبر أن المهدي بنبركة هو بطل من أبطال الشعب (وبالمناسبة نطالب بالحقيقة كل الحقيقة حول الشهيد).

لكل تيار بطل أو شهيد، لم نصل في المغرب إلى تلاحم الآراء، للقول إن ذلك كان بطلا بالفعل. أتحدث عن الأبطال بالنسبة للوطن ككل.

مثلا، “شي جيفارة” (Che Guevara)، معرف عالميا أنه بطل عالمي، والمغاربة يعتبرونه كذلك. لكن لا اتفاق اليوم في المغرب حول الأبطال والشهداء. على ذكر “المهدي بنبركة”، فالبعض من، خاصة” أهل الريف، يقولون أن هذا الأخير، من المساهمين في مقتل “عباس المساعدي”.

لا علينا، المهم، هو إتاحة الفرصة، لأي واحد، نعم أنت القارئ، لكي ينعت فلانا ببطل الشعب المغربي. سأحدثكم عن أبطالي. وهم كثر. بالطبع أعتقد أن هناك قادة عظام أعطوا الكثير لهذا الوطن. لكن هنالك ما أسميهم، أبطالا للشعب المغربي، خاصة أحدهم، ما زال على قيد الحياة (أطال الله في عمره)، الآن هو متقاعد، كان أستاذا جامعيا، انتمى لحزب يساري كبير، كما انتظم في عدة تنظيمات. رغم اختلافي السياسي معه، إلا أني أعتبره بطلا من أبطال الشعب.

سأكتب عن بطلين عرفتهما. الاثنين فارقا الحياة. الأول، كان اتحاديا مند الوهلة الأولى إلى أن فارق الحياة، كان أول رئيس لخلية تلاميذية اتحادية، عاش فقيرا ومات فقيرا. لم يكترث بجمع المال. كان بطلا حقيقا بالنسبة لي. سأتحدث ع ما أعرفه عنه وما تختزنه ذاكرتي. قيل عنه الكثير وما زال البعض لم يقولوا أشياء.

الثاني، كان تروتسكيا (Trotskyste)، ومات وهو لم يتغير. مات وهو على نفس القناعات. كان، بإمكانه أن يبقى بفرنسا، وأن يتبوأ أعلى المناصب والمراتب كما هو حال “بيير موسكوفيشي” (Pierre Moscovici)، أو”جون ليك ميلونشون” (Jean-Luc Mélenchon)، أو “كريستوف كامباديليس” (Christof Campadélis). لكنه/ أبى إلا أن يلتحق بوطنه ليناضل به. سأحكي ما أعرفه عنه، أعتقد أن أصدقاءه المقربون يمكنهم أن يحكوا عنه الكثير. أنا عاشرته لفترة معينة. كان، هذا البطل، مهندسا واحتل أعلى الدرجات في مقاولة عمومية أصبحت تابعة للخواص.

“محمد الجندالي” و”عياد بوخدة” وهما الاسمان الذي سأتحدث عنهما في المقالين الاحقين، كانا يعرقان بعضهما البعض، لأنهما كانا قائدين لتياراتهم في كلية الحقوق بالرباط’ أيام الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومدرج “تل الزعتر”. الخاصية المشتركة بينهما هو عدم حب المال. فمات فقيرين.

أنا، هذ العبد الضعيف، أرى أشخاصا وأسمع عنهم وأقرأ لهم، أعتبرهم أبطالا للشعب المغربي، كما اعتبر الزعيممحمد بن عبدالكريم الخابي، ذاك الرجل الفقبر، الفلاح الفقبر، المقاوم الريفي، بطلا من أبطال الشعب.

وأنتم وأنتن، هل تعرفون أبطالا في حييكم أو قريتكم، تركوا الدنيا أو أحياء يرزقون. لي اليقين، أنكم وأنكن، تعرفونهم حق المعرفة، هم قريبون منكم ومنكن. لا داعي أن يتحدث عنهم التليفزيون، فهم أقرب منكم. لماذا كل هذا الكلام، لأنني وجدت في إحدى المسيرات، أشخاصا يحملون صورا ولافتات لأناس لم أسمع بهم أبدا. فسئلت أحدهم، فقال لي، إنه مقاوم في مدينتي، مات على العهد ولم يبالي به أحدا. فأنا هنا للتعريف به والحديث عنه لمن يشاء.

فابحثوا عن أبطال الشعب، فهم قريبون منكم ومنكن.

———————

[1] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، لجنة الثقافة لحزب الاستقلال (مراكش)، دار الطباعة المغربية، شارع محمد الطريس، تطوان،( المغرب)، تاريخ الطبع غير محدد، لكن المقدمة كتبها الكاتب سنة 1947، كما أهداه للشبيبة الاستقلالية سنة 1958 . انظر الرابط التالي [1]

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *