أبناء “تدسي نسندالن” يطالبون الملك بالتدخل.. “شركة للإسمنت” تهدد الساكنة وتتلف شجرة “الأركّان”

نقل عدد من أبناء جماعة “تدسي نسندالن” التابعة لقيادة مشرع العين، إقليم تارودانت، إلى العاصمة الرباط، ما قالوا عنه معاناتهم اليومية مع مخلفات إقامة معمل للإسمنت تابع لشركة “لافارج” على أراضيهم وممتلكاتهم، ممّا يهددهم بالتهجير من قراهم حسب قولهم.

ويتهم أبناء “تدسي نسندالن” ” شركة “لافارج”، بالسيطرة على أراضيهم من أجل إقامة هذا المشروع. وقالوا بأن الشركة بتواطؤ مع السلطات المحلية والمنتخبة والمياه والغابات تمارس ضغوطات قوية عليهم وصلت إلى حد التهديد بالمتابعة القضائية والسجن، لكل من يجرؤ على التقرب أو التصدي للمشروع الذي يهدد سلامة وصحة المواطنين ويعرض شجرة الأركان للاجتثاث والإتلاف.

وناشد أبناء المنطقة، عبر لافتة رفعوها في مسيرة أكال بالرباط، يوم الأحد 17 فبراير الجاري، العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بالتدخل العاجل لإنقاذ أرواحهم وحماية ممتلكاتهم من الاعتداءات الوحشية التي تمارسها شركة الإسمنت “لافارج هولسيم” مدعومة بالسلطات الملحية والمياه والغابات”. وفق لافتة رفعوها في المسيرة.

وقد أظهرت مقاطع مصورة أرسلها عدد من النشطاء لجريدة “العالم الأمازيغي” تصدع البيوت جراء “المتفجرات التي تستعملها الشركة في مقالع الحجارة بالمشروع”. وتطالب إحدى السيدات من خلال الفيديو المصور الذي يظهر تصدع بيتها الطيني من جراء “الارتدادات والانفجارات التي تقوم بها الشركة”، بتعويضها عن هذه الأضرار التي لحقت ببيتها. كما يطالب مواطن آخر يظهر في فيديو ثاني بوقف الاستلاء على أراضي الساكنة ونزع ممتلكاتها ومحاولة تهجيرها، وتهديد أبنائها.

وقال عدد من المتضررين من أبناء المنطقة، إن جهات تحاول السطو على الأراضي التي ورثوها أبا عن جد وتفويتها لصالح الشركة المعنية قصد بناء وتشييد الحزام الناقل للصخر. مؤكدين أن هذه الأراضي تعود لملكية الساكنة المحلية منذ مئات السنين. مشيرين في ذات السياق إلى أن بناء هذا المعمل، سيكلف المنطقة أضرارا كبيرة، من بينها اقتلاع الآلاف من شجرة أركّان، وضياع عيون مائية تسقي جميع دواوير جماعة تيدسي.

وفي تصريح لـ”العالم الأمازيغي”، قال عمر ألحيان، وهو فاعل جمعوي بالمنطقة، إن شركة “لافارج” قامت بتوقيع اتفاقية مزورة مع رئيس الجماعة وبعض الممثلين ممّن يدعون أنهم يمثلون الساكنة”، مشدّدا على أن “التوقيعات عرفت خروقات وتدليس والكذب على الساكنة”، موضحا أن الجهات التي قامت بجمع التوقيعات “أوهمت الساكنة المحلية بشأن مصدر التوقيعات، وبعد الحصول على أقل من 126 توقيعا من أصل أزيد من 2000، اتضح أن هذه التوقيعات ذهبت باتجاه تفويت الأراضي للشركة المعنية”.

وأكد ألحيان، أن “الساكنة تعيش على واقع اهتزازات وارتدادات أثناء التفجيرات التي تقوم بها الشركة، وتشعر معه وكأنه زلزال يضرب المنطقة، لدرجة أن عدد من البيوت الطينية تعرضت للتصدع ومهددة بالإنهيار في أي وقت”، مشيرا إلى أنه سبق وأن عقد لقاء مع المسؤولين عن الشركة والسلطات المحلية ورئيس الدائرة، في حين تهرب كل من رئيس الجماعة والمنتخبين من الاجتماع”. وقال إن “اللقاء كان دون جدوى”.

وأوضح الفاعل الجمعوي، أن الشركة تدعي بأن المياه والغابات هي التي فوتت لهم أراضي الساكنة، وهي تقريبا 200 هكتار، لكن الحقيقة يضيف ألحيان “هي أن المياه والغابات غير موجودة إطلاقا في تلك المنطقة بالضبط”، مشيرا إلى أن أراضيهم وممتلكاتهم بها أشجار مثمرة كشجرة أركان وبالتالي فهي لا علاقة لها بالمياه والغابات وبشهادة عبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات في حواره مع “العالم الأمازيغي” يورد المتحدث.

وأضاف عمر ألحيان:”الشركة اقترحت على الساكنة تعويضات بـ27 ألف درهم للهكتار، إلا أنهم الحقوا أضرارا ببيوت الساكنة وبالمنطقة ككل، وتسببوا في التلوث، وفي الأخير لم يكن هناك لا تعويض ولا شيء، بل تركوا الأرامل والفقراء يعانون من جراء تبعات هذا المشروع” يورد المتحدث.

ألحيان اتهم الشركة المعنية المتواطئة مع السلطات المحلية حسب قوله، بتهديد والديه إذا لم يتدخل قصد وقفه عن مزاولة نشاطاته وتحركاته إزاء “المعمل” المزمع إنشاؤه بمنطقة “تدسي نسندالن”، مردفا القول :” اتصلوا بوالدي وطالبوا منه أن يتدخل لمنعي من التحرك ضد هذه الشركة”.

من جانبه، أورد الحسين أمرجان بن ادريس، وهو أحد الأشخاص الذين قاموا بتصوير مقطع فيديو من أمام المكان المخصص لإنشاء “المعمل” المذكور، أنه تعرض للتهديد والمساومة من طرف الشركة والمسؤولين عليها، مشيرا إلى أنه تعرض للطرد من البيت بعد تحريض والده ضده وتهديده من طرف الشركة.

وأضاف في تصريح خاص لـ”العالم الأمازيغي” أن الشركة تواصل سياسة التهديد والوعيد في حق أبناء المنطقة الذين يحاولون فضح ممارستها. مضيفا أن الشركة قامت بتخريب وإتلاف شجرة الأركان وتهدد الفرشة المائية وتلويثها بمخلفات التفجيرات التي تقوم بها الشركة يوميا. مبرزا هو الأخر أن التفجيرات التي تقوم بها الشركة تتسبب في تصدعات بعدد من البيوت.

من جهته، نفى في البداية مسؤول التواصل بشركة “لافارج”، جمال هيابي، كل هذه الاتهامات، وقال إن هؤلاء الأشخاص الذين يتظاهرون ضد “المشروع” ليسوا من أبناء المنطقة ولا من الساكنة “المستفيدة من هذه الشركة”. وقام بدوره بإرسال عدد من الفيديوهات والتسجيلات الصوتية لأشخاص قال بأنهم من أبناء المنطقة وأنهم مع المشروع، وفي ليلة الاثنين 18 فبراير الجاري، طالب المسؤول عن التواصل في الشركة إرسال أسئلة الحوار قصد الرد عليها، “لأنها شركة من الضروري إرسال الأسئلة مسبقا” يقول المتحدث.

ذلك ما استجابت له “العالم الأمازيغي”، وأرسلت له صباح يومه الاثنين أربعة أسئلة واضحة في هذا الصدد وهي على الشكل التالي:
1 ـ ما تعليقكم على الاتهامات الموجهة لشركة “لافارج” بشأن تدمير الآلاف من شجرة الأركان وتهديد الفرشة المائية والبيئية لساكنة منطقة “تدسي نسندالن”؟
2 ـ أبناء المنطقة يتحدثون عن تواطؤ مباشر بين الشركة والسلطات المحلية قصد تهجير الساكنة والاستيلاء على أراضيهم ويطالبون العاهل المغربي بالتدخل ما ردّكم؟
3 ـ الكثير من الفيديوهات توضح تصدع في البيوت الطينية للساكنة والساكنة تتهم الشركة بأنها السبب في ذلك بسبب المتفجرات التي تستعمل الشركة هل من توضيح في هذا الصدد؟
4 ـ مواطنون يتهمون الشركة بتهديدهم بالسجن بسبب تحركاتهم اتجاه هذا المشروع، ما هو رأيكم كمسؤول عن التواصل في الشركة؟

وفي مساء يومه الاثنين ذكرت “الجريدة” مسؤول التواصل بشركة “لافارج” بأسئلة الحوار، وطالبت منه الرد عليها في غضون اليومين حتى تتمكن الجريدة من إدراج توضيحاتهم في المادة المزمع نشرها حول هذا الموضوع. انتظرت الجريدة نقل رأي الشركة حول الاتهامات الموجهة إليها، للرأي العام، إلا أنها لم تتوصل بأي ردّ إلى حدود مساء اليوم الأربعاء، واضطرت إلى نشر المادة على أن تنشر أي توضيحات قد تتوصل بها من طرف الشركة المعنية.

* العالم الأمازيغي/ منتصر إثري

شاهد أيضاً

تقرير رسمي.. “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”: تدريس الأمازيغية يسير بوتيرة بطيئة والحيز الزمني في الإعلام “ضيق”

أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن “هناك تحديات مرتبطة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، والتأخر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *