أثريون أفارقة وأجانب في زيارة ميدانية لمواقع أثرية بالرباط

‬‎قام عدد من الباحثين وعلماء الآثار من دول إفريقيا وأوروبا وأمريكا؛ صباح السبت 15 شتنبر الجاري، بزيارة ميدانية لعدد من المواقع الأثرية بجهة الرباط/ تمارة، استمعوا من خلالها لشروحات وتوضيحات ومعطيات مفصلة حول تاريخ هذه المواقع وسياقها وحضارتها، من طرف أساتذة باحثين في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط.

الزيارة شملت كل من المواقع الأثرية “القبيبات”، و”المنصرة”، و”الهرهورة”، كما قاموا بزيارة مماثلة لمواقع أثرية بالدار البيضاء يومه الأحد، وأيضا بزيارة لموقع “أدرار إيغود” مهد أقدم إنسان عاقل في العالم، بإقليم اليوسفية، بعد اكتشاف فريق من العلماء المغاربة والألمان بقايا عظام إنسان ينتمي لفصيلة الإنسان العاقل البدائي يعود تاريخها إلى أزيد من 3000 عام، وتأتي هذه الزيارات الميدانية لعدد من المواقع الأثرية بالمغرب، ضمن أشغال “المؤتمر الخامس عشر للأثاريين الأفارقة” الذي احتضنته رحاب كلية العلوم بالرباط، على مدى الأسبوع المنصرم.

وأكد إدريس شهيد، وهو دكتور في الجيولوجيا، أن الهدف من الدراسة حول المواقع الأثرية بجهة الرباط/ تمارة، هو معرفة الإطار الجيولوجي الذي تكون فيه هذه المغارات والشروط البيئة والمناخية القديمة والتي عاش فيها الإنسان ما قبل التاريخ، مشيرا في تصريح لـ”العالم الأمازيغي” إلى أن الموقع الأثري “القبيبات” و”جدنا فيه بقايا الإنسان “Homo Orictus ” على شكل مستوى رملي”.

وأضاف شهيد أن التشكيلات الصخرية التي تتواجد بـ”القبيبات” وفي جهة الرباط/تمارة بشكل عام، هي عبارة عن تشكيلات ساحلية وتتكون من مستويات بحرية وعن طريق الكثبان الرملية التي تحولت إلى صخور، مشيرا إلى أن تاريخ “القبيبات” الذي يشتغل عليه حاليا فريق العمل ستنشر تفاصيل التأريخ له لاحقا، بعد أن أرّخ للمستوى الذي وجدنا فيه البقايا البشرية، يعود تقريبا إلى ما بين 140 ألف و150 ألف سنة”.

ويعتبر الموقع الأثري”القبيبات” حسب الدكتور إدريس شهيد، من أقدم المواقع الأثرية على مستوى جهة الرباط/ تمارة، موضحا في ذات السياق، أن جهة الرباط تعرف مواقع أثرية على شكل مغارات، كمغارة “المنصرة” و”الهرهورة” و”دار السلطان” و”الكنتر بوندي”، غير أننا “نجد البقايا الأثرية في المغارات، بعد أن استوطنها الإنسان ما قبل التاريخ، ومن الطبيعي أن نجد البقايا الأثرية في هذه المواقع هي أحدث من الموقع الأثري “القبيبات”.

من جهته، أكد محمد عبد الجليل الهجروي، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أن الموقع الأثري “القبيبات” هو الأقدم، لكن الفرق بينه وبين مغارة “المنصرة” يتجلى في التفكير البشري، مشيرا إلى أن الموقع الأثري “المنصرة” اكتشف مع بداية الستينات، إلا أن الأبحاث حوله، يقول الهجروي “لم تبدأ إلا مع بداية التسعينيات، وهذه المغارة تكونت منذ ما يقارب 130 ألف سنة، وكان الإنسان يقطن بداخلها من 120 ألف سنة إلى 4000 سنة تقريبا، بعد أن تراجع مد البحر”.

وأكد الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، لـ”العالم الأمازيغي” أن من بين أقدم الحضارات التي تواجدت بمنطقة الرباط/ تمارة، هي ” الحضارة العاترية ما بين 120 ألف سنة حتى 60 ألف سنة تقريبا، ثم كانت الحضارات العصر الحجري الحديث”، مبرزا أن ” من بين الإشكالية التي يحاول الباحث الأثري البحث عنها هي متى ظهر نمط العيش ونمط تفكير الإنسان الحالي، وفي هذه المغارة، أي “المنصرة” وجدنا النار، والنار كان يستعمله الإنسان للطبخ والطهي إلى غير ذلك، وكانت هي الوسيلة الوحيدة التي جعلته قادر على التغلب على الظواهر الطبيعية، كذلك وجدنا أصداف بحرية مثقوبة كان يتزين بها، وهذا يعني أن الإنسان القديم الذي كان يقطن بهذه المغارة كان يفكر بهذه الطريقة قبل 120 ألف سنة، وهو نفس التفكير الذي توارثناه ونفكر به اليوم”.

وأوضح عبد الجليل الهجروي، أن هناك عدة مظاهر أخرى، توضح بأن الإنسان القديم بهذه المغارة وصل إلى هذا التفكير الذي نفكر به اليوم”، مشيرا إلى أنه في الوقت السابق كانوا يضنون بأن هذا التفكير الإنساني القديم كان في أفريقيا الوسطى، منذ 90 ألف سنة، إلا أنه اتضح الآن أن أقدم إنسان يتمتع بالتفكير البشري الحديث، يتواجد هنا في مغارة “المنصرة” بالرباط، ويعود إلى قبل 110 ألف سنة”.

وزاد الهجروي:” التفكير البشير وجدناه في “المنصرة” ومتسلسل مع الزمن، وهو جزء من الذاكرة الجماعية”، مبرزا أن “كل مغارات جهة الرباط/ تمارة كان يقطنها الإنسان ما قبل التاريخ”.

الرباط/ منتصر إثري

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *