أحمد الريسوني و هزيمة العدالة و التنمية أمام فرنسا

صعدوا فوق المنابِرِ و أعلنوا تَسْيِيسَ الحديث بِاسْمِ رَبِّ النَّاسِ.. أمسكوا مُكَبِّرات الصوت و خَطَبُوا أمامَ جُمُوعٍ مِنَ النَّاسِ.. أَدْلَجُوا آياتِ اللهِ و عَاثُوا في الخَلْقِ سَّبًّا و شَتْمًا و كَفَّروا ثُلَّةً من النَّاسِ ..

أَصْدَرُوا الفتاوى و قالوا أنَّ اللغة العربية مَارْكَة دِينِيَّة مُسَجَّلَة بإسم الإخوان و أنَّ القرآن دستور حزب سياسي و أنَّ الجَنَّة لا تَسَعُ غَيْرَهُم منَ النَّاسِ..

إِلْتَفُّوا حول حَرَكَة الخطيب فَغَيَّرُوا تَسْمِيَتَهَا و أفرغوا جَوْفَها و جَعلُوها مَحْشُوَةً بأيديولوجية مَشْرِقِيَّةٍ نَرْفُضُ الأَخْذَ بِتَشْرِيعاتِهَا عند وَطَنِيَّة القِياسِ..

مارسوا السياسة بِأُسْلُوبِ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ ،أرْغوا و أَزْبَدوا بَلْ دَغْدَغُوا العَواطِفَ في صُدُورِ النَّاسِ ، و أرادوا الحصول على أصوات الجِنَّةِ و النَّاسِ ..

إقْتَحَموا عَتَبَةَ البرلمان فَتَرَأَّسُوا الحكومة و ذاقوا نعيم الإستوزار ، ثُمَّ حَفَّ الإخوانُ اللِّحْيَةَ و نَزَعَتِ الأخواتُ حجابَ اللِّباسِ ..

مَرَّتِ الوَلاية الحكومية الأولى حيث قام المعزول بنكيران بتمرير القوانين و منها غُبْنُ المقاصة. و نالوا الولاية الثانية فَعَطَّلوا إصلاح التعليم بادِّعَاءِ الدفاع عن اللغة و الدين ، و جاءت حقيقة أكاذيبِهم سَرْدًا يُغْنِينَا عن الإطناب في الإقتباسِ ..

وَ اليومَ صَمَتَ المكتب المسير لفريق مُنْتَخَب الإخْوان بالمغرب الأقصى عن التعليق على قرار مصادقة لجنة التعليم على مقتضيات المادتين 2 و31 من مشروع القانون الإطار 17-51، والتي تنص على تدريس بعض المواد العلمية والتقنية بلغة أجنبية.

و تركوا مهمة البحثِ عن مُبَرِّراتِ  ” الهَزِيمَة ” لمُدَرِّبِهِم رئيس الإتحاد العالمي لِسُفَهَاءِ المُسْرِفِين  أحمد الريسوني حيث قال : “ أولاً ، أتقدم -و بروح رياضية- بالتهنئة الحارة لفرنسا وفريقها المغربي، الذي حقق لها فوزا ساحقا على المغرب في مباراة الفرنسة. فالحقيقة أن فرنسا هي المنتصر الوحيد في هذه المعركة، لكن  تلك الأيام نداولها بين النَّاسِ ” …

هكذا نطق أحمد الريسوني ثم تلاهُ عميد الفريق الإخواني عبد الإله بنكيران الذي صَرَّحَ لوسائل الإعلام أنه يَتبنَّى جملةً وتفصيلاً موقف أحمد الريسوني الذي ناب عن فريق الإخوان بالمغرب الأقصى . وقال بنكيران أنَّه يتفق كذلك جملةً وتفصيلاً مع ما قالَه مَوْلَاهُ امْحَمَّد خليفة الذي وصف تمرير مشروع القانون بـ”ذبح آمال الأمة” ، وتمنى منه أن يقبل توقيع المقال بإسْمَيْهِمَا إن سَمَحَ بِذَلِكَ. وأضاف بنكيران أنه “ لا يَهُمُّ الحديث عن ما قام به نواب العدالة والتنمية من انسحاب لحظة التصويت، لأنه أمر ثانوي، الأساسي هو أن القانون قد تم تمريره، و وُضِعْنا أمام الأمر الواقع”. فَيَالَهَوْلِ البَأْسِ ! ..

هُوَ فريق مُنْتَخَبِي إخوان العدالة و التنمية ، و هُم لاعِبِوهُ المُحْتَرِفُونَ بالبرلمان المغربي ،  هُمُ المُمْتَنِعُون عن التصويت الذين كانوا بالأمس القَرِيبِ يُنَاوِرُون عبر رَفْضِهم لأي سلوك توافقي يخرُج عن ضبطِهم و خطِّهم الأيديولوجي و الدعوي المشرقي ، معتبرين أن مكتسبات الحقوق الثقافية و السياسية التي جاء بها دستور 2011 بَاتَت تُهَدِّد مشروع تديُّنَهم المُؤَدْلَج و حاضِنَتَه المُتَفَيْقِهَة.

هُمُ اليوم الذين سَجَّلوا ضِدَّ مَرْمَاهُم بعد  أن بَشَّرُوا قواعِدَهُم بالفوز العظيم في المباراة التشريعية ، هُمُ إنسحبوا من التَّصْويت ليس احتجاجا على عدم تشغيلِ ”  VAR” و إنما خَانَتْهُم لِيَاقَتُهُم الأخلاقية و إِنْكَشَفَ زُورُ مبادئِهِم و إنْفَضَحَت خُطَّة تلاعُباتِهم بِعَقِيدة أَتْبَاعِهم و اسْتِرزَاقِهم بالتَّدَيُّنِ المَشْرِقِي المغْشوش.

هكذا انهزم فريق المنتخب الإخواني بعد أن أهدروا سنوات من الزمن التشريعي في مزايدات فارغة أضاعت على الوطن الجريح فُرصًا كثيرة لِتَغْيِيرِ الواقع التعليمي و الثقافي المُتَرَهِّل بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة. و إنجاز الإصلاح الكبير ، الذي لم يُسْعِفْنا اعتماد التَّعْريبِ في إحقاقِه ، و الذي لن يتحقق إلاَّ بالإنفتاح – دون تردد – على إدماج اللغات العالمية الحية في التدريس و اعتماد المناهج العلمية الرائدة التي تجعل من المنظومة التعليمية فضاء عموميا منتجًا لأجيال جديدة.

و ما عساني أكتب في ختم هذا المقال ، غير أن الخزي و العار للإخوان المُفْلِسين الذين يُعَلِّقون عجزَهم و فشلَهم على شمَّاعة ” فرنسا” و يرفضون التحلي بالمسؤولية الوطنية، و الإلتزام بواجباتهم الدستورية. ثُمَّ آهٍ.. كَمْ أنتِ فَتَّانَة يا فرنسا ، تفضَحِين النفاق بْلاَ كَثْرَة زْوَاقْ ، تَفْضَحِين نِفَاقَ الإخوانِ دون فَضِّ اعتصام و لا مراجعة الفصل 47 و لا تنظيم مسيرات و لا إهدار المليارات من دولارات آبار النفط و الغاز. حيثُ تبقى فضيحة تَسَكُّعِ الوزير محمد يتيم رفقة مُدَلِّكَتِهِ الشابة بشوارع باريس ، و سهرة الوزير عبد القادر اعمارة في ضيافة خَمْرِيَّة من تمويلِ غصن رونو-نيسان ، بالإضافة إلى رقصة ماء العينين أمام المولان روج. تبقى هذه الأحداث خَيْرَ شاهِدٍ على العلاقة الحَمِيمِيَّة التي تربط إخوان و أخوات العدالة و التنمية بدولة فرنسا ، بل تبقى أمثالاً نضربُها لأحمد الريسوني وَ لِكُلِّ النَّاسِ.

عبد المجيد مومر الزيراوي

رئيس اللجنة التحضيرية لحزب المشروع الديمقراطي الحداثي.

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *