تبذل مختلف الهيئات الثقافية والإعلامية والفعاليات الفكرية بولاية أدرار بالجزائر جهودا عملية من أجل صون وترقية الثقافة الأمازيغية والحفاظ على متغيراتها اللسانية المحلية، حسبما أشار ممثلو عدد من الهيئات المعنية.
وفي هذا الصدد تساهم الإذاعة المحلية بأدرار في ترقية الأمازيغية على المستوى المحلي من خلال البرامج المدرجة ضمن الشبكة سواء التارقية أو الزناتية، حسبما أوضحه المخرج ومنتج برامج أمازيغية بإذاعة الجزائر من أدرار، الحاج سالم عبد الكريم.
وأشار إلى أن الاذاعة تضع مساحة خاصة، يومية وأسبوعية، في مختلف شبكاتها البرامجية لترقية الأمازيغية، فلها مواعيد إخبارية يومية باللسانين الأمازيغيين (زناتي-تارقي) كما أن البرامج موزعة خلال الأسبوع بمعدل برنامج في كل يوم على الأقل بالأمازيغية سواء زناتية أو تارقية.
ففيما يتعلق باللغة الزناتية، هناك برامج اجتماعية ثقافية تهتم بالجانب الاجتماعي والعادات والتقاليد والشباب بالإضافة إلى تغطية المناسبات والأحداث من خلال برنامج “سغد غانغ” بمعنى “استمع إلينا” إضافة إلى الجانب الديني من خلال برنامج “تفاوت نالاسلام” أي “نور الإسلام” والذي يهتم بتنوير المجتمع من الناحية الدينية ومعالجة بعض الظواهر السلبية وكذا برنامج “ابريد غالجنت” أي “الطريق إلى الجنة” وهو خاص بالشهر الفضيل ويتناول خصال المسلم في رمضان.
وتخصص الاذاعة فضاءات وبلاطوهات في المناسبات الخاصة مثل الأيام المفتوحة والمناسبات الوطنية وتعتمد في برامجها وبلاطوهاتها على تحليلات لأساتذة واكاديميين متخصصين وكذا إطارات بمختلف الهيئات والمؤسسات.
غير أنه في بعض الأحيان يضيف المخرج يواجه القائمون على هذه البرامج بعض الاشكالات في سبر الآراء واستقصاء رأي الجمهور الإذاعي الأمازيغي في تحليل بعض المظاهر وحل بعض المشاكل الاجتماعية ومعالجتها كون الإذاعة لا يمكنها أن تنزل يوميا إلى وسط المجتمع الأمازيغي خاصة الزناتي لأن التركيبة الزناتية اصبحت منحصرة فقط في الوسط القوراري التيميموني بولاية تيميمون التي تبعد عن مقر الاذاعة ب 200 كلم، ما يجعل الأمل قائما في إنشاء مراكز إذاعية بكل من ولايتي تيميمون و برج باجي مختار للتمكن من الغوص أكثر في مكنونات التراث الامازيغي بالمنطقة.
وبدورها، تعد محافظة المهرجان الثقافي الوطني لأهلليل حلقة مهمة في ترقية الثقافة الأمازيغية ويتجلى دورها من خلال المبادرات التي تسعى لتحقيقها بداية من تشجيع ممارسة نشاط أهلليل باعتباره تراثا ثقافيا أمازيغيا في أوساط الشباب والأطفال والذي بدأت المحافظة تجني ثمارها حيث استبدلت سهرات الموسيقى في الأعراس بسهرات الاهلليل لدى شباب المنطقة مثلما ابرزه محافظ المهرجان الأستاذ أحمد جولي.
كما تشجع المحافظة الأشبال والصغار، ذكورا واناثا، على تكوين فرق الأهلليل ونظمت لهم مسابقات خلال طبعات المهرجان و المبادرة بالتنسيق مع المحافظة السامية للأمازيغية بمناسبة اختتام فعاليات مئوية مولود معمري لتنظيم ملتقى وطني على هامش الطبعة ال11 لمهرجان أهلليل بمشاركة ازيد من 30 استاذا وباحثا و اساتذة وباحثين من المنطقة حيث عمل الباحثون من خلال الورشات على توحيد العديد من المصطلحات الامازيغية لممارسة استعمالها لدى مختلف القطاعات الحيوية.
وعكفت المحافظة من خلال الندوات الفكرية التي تخللت مختلف طبعات مهرجان أهلليل على دراسة وتحليل المفاهيم العامة والدلالات الزمانية و المكانية للأهلليل كتراث امازيغي معترف به عالميا من قبل منظمة اليونسكو.
ومن جهتها تشكل المكتبة العمومية الرئيسة للمطالعة بأدرار فضاء رحبا لاحتضان الثقافة الأمازيغية حيت تعمل هذه المؤسسة ضمن المفهوم العام لتنمية وترقية الثقافة الأمازيغية وروافدها الأكاديمية والفكرية وطنيا ومحليا على إقامة أنشطة تساهم في إبراز الهوية الأمازيغية ومتغيراتها اللسانية المحلية، وفق ما أشار إليه مدير المكتبة, مصطفى بن زيطة.
وفي هذا الجانب، بادرت المكتبة العمومية للمطالعة بأدرار إلى تنظيم معارض للكتاب الأمازيغي التي تضم منها المكتبة عشرات العناوين لكوكبة من المؤلفين والكتاب المحليين والشعراء المدونين باللغة الأمازيغية.
كما عكفت المكتبة على إقامة ندوات فكرية حول تطوير وترقية الاستخدام الأكاديمي للغة الأمازيغية بمتغيرتيها الزناتية و التارقية أطرها اساتذة وباحثون بالتنسيق مع جامعة أدرار والمحافظة السامية للأمازيغية إضافة لتنظيم لقاءات دراسية للكتب المؤلفة في اللغة والثقافة الأمازيغية المحلية إلى جانب أمسيات شعرية تراثية للشعر الأمازيغي المحلي.
وتستقطب المكتبة العمومية للمطالعة بأدرار أعدادا معتبرة من الطلبة الجامعيين والباحثين في مجال الثقافة الأمازيغية للاستفادة من الرصيد الذي تضمه رفوفها في هذا المجال والذي تعزز بإنشاء بوابة الكترونية للكتاب والمؤلفين المحليين تشكل قاعدة معطيات تتضمن كافة البيانات الكفيلة بإبراز وتثمين الإنتاج الفكري المحلي المتنوع، حسب المدير.