في لحظة عصيبة فارقنا فيها بقلق كبير سي احمد الدغيرني، ينتابني احساس عميق بضرورة التدكير بان اكبر عزاء لفقيدنا هو مواصلة النضال من اجل ان نرى وضع الامازيغية بامتداداتها الموضوعاتية والترابية على ارض الواقع في تطور وتحسن مستمر، وهو وضع يساءلنا جميعا. بعدة أسئلة مقلقة ومنها بالأساس الوعي بطبيعة المرحلة، وطبيعة الصراع وجدلية المدني والسياسي.
أعتقد أن نشطاء الحركة الأمازيغية ستزداد مسؤولياتهم، وتكبر التحديات التي تواجههم، لرسم معالم المستقبل السياسي للأمازيغية وبموقعها في الإصلاح المنشود، والتغيير المأمول بالمغرب وهو ما يفرض علينا جميعا كل من موقعه، ان يتخذ قرارا جريئا واضحا وحاسما في الموضوع، مع ما لذلك من آثار سلبية او إيجابية على الأمازيغية او على ذواتنا، او كما يقال بالفرنسية ” une décision c’est un choix avec une marge du risque»
ففي عز توسع مجالات القصف ضد الأمازيغية وما يترتب عن ذلك من تحدٍّ خطير على كينونة الوطن والإنسان، انتابني شخصيا إحساس خاص تجاه فقدان الحركة الأمازيغية لأحد اعمدتها، في لحظة عصيبة وصعبة، وجب العمل على لمواجهة شبح الانهزام بسبب قوة القصف المتواتر للسياسات العمومية بلغت حدا من التعقد ما عاد يكفي أن نصرف النظر عنها أو نتلافاها أو نتآلف معها أو نبررها أو نبرر عصامية مواقعنا.
لذلك ارى أن الذي يجب أن يقال الآن هو أن تجربتنا وحصيلتها، في جميع أبعادها لم تعد تستحمل أي نوع أو شكل من أشكال الفشل، كما لم تعد تستحمل مواصلة العمل حصرا بمنطق إعادة إنتاج التجارب التقليدية السابقة حتى لا نركب نفس الأهوال ونحصد الهزائم، علما أنه من الواضح أن الذين استفادوا، بعناية خاصة، من وضعنا المهتريء، ما انفكوا يتعلمون من هزائمنا كأنجعَ الطرق لاصطياد أحلامنا وإخماد مشاعلنا.
أعتقد إنه من الواجب على الجميع اعادة التذكير والتأكيد على ان المجال السياسي مجال للاجتهاد و اختلاف الآراء، وبالنتيجة الاقتناع بكون المشاركة السياسية – بمعناها السياسي التأطيري ’ التنظيمي’ وبرؤى تهدف إلى دمقرطة الدولة والمجتمع عبر تكاتف جهود الأعضاء و توجيهها من أجل أن تساهم في ممارسة السلطة وتسيير النظام السياسي. كما تروم تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف في أقل فترة زمنية وبأقل التكاليف الممكنة، شريطة ضمان الحضور المادي بدل الحضور بالدائرة المغلقة و لا أحد يسمعك.
إن انخراطنا في بلورة رؤى من داخل الحركة الأمازيغية، للمغرب وللعالم أصبح فرض عين على الجميع، حيث لا يمكن أن نعلق الأمل على من سبق له أن أعلن العصيان ضد وجودنا وكينونتنا، أو ننتظر المجهول، أو ما ستسفر عنه نتائج من يبادر في الميدان.
لا أعتقد أن اكبر عزاء لمرحوم سي احمد ذغرني، يتجاوز ما يمكن التعبير عنه عاطفيا ، ليمتد لملامسة مستقبل نخب الحركة الأمازيغية بالنسيج السياسي الحزبي المغربي، وعلى هدا الأساس اجدد الدعوة إلى :
مزيد من التفاعل والمعارك الفكرية ببدائل ممكنة وواقعية، الغاية منها توسيع فضاءات النقاش السياسي ببدائل برغماتية ، وسط عموم مناضلي الحركة الأمازيغية بالمغرب؛
ضرورة القطع مع تقديس مساراتنا النضالية التقليدية، وبالتبعية، مراجعة بعض الثوابت والأسس والمواقف من النظام كالانتخابات / الأحزاب وملحاحية التعايش مع أغلب مكونات النسيج السياسي والحزبي باعتماد برغماتية سياسية، من منطلق أن المشاركة السياسية تُمَكِّن من ضمان التحصين بالقانون وتضمن الحضور بمراكز القرار بدل التواجد خارجها.
العمل للانتقال بتجربة الحركة الأمازيغية إلى تجربة سياسية من داخل المؤسسات والهيئات، والعمل بشكل مباشر في التأثير على مجريات الأمور السلبية منها والإيجابية؛
العمل لتفادي التمزقات والانكسارات والانهيارات التي تلاحق تجربتنا يوما بعد يوم؛
العمل للتحول إلى فاعل للحدث، خالق للوقائع، مؤثر في أصحاب القرار.
ولن يتأتى ذلك ، الا بتجاوز حالة التفاهة وبرفع الجميع كل من موقعه بالحركة الأمازيغية لحالة الطوارئ والحجر عن الفعل السياسي الأمازيغي المباشر، وهو خيار أعلنته ولازلت اؤمن به وسابقي أدافع عنه ، ومن منطلقه اتمنى ان نكون حاضرين يقوة في الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، كمحطة انتقالية ، تمكننا من استغلال الفرص السياسية المتاحة .