ينظم مركز التفكير والبحث والاقتراح، بالتعاون مع وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، النسخة الثانية من الملتقى الوطني لأرز الأطلس يوم السبت 02 نونبر 2024 بمدينة أزرو، وذلك في إطار الاحتفال بالذكرى السنوية لخطاب أجدير الملكي، ويأتي هذا الحدث في سياق تعزيز الهوية الوطنية المتعددة ورفع الوعي الثقافي حول أهمية اللغة الأمازيغية.
ويهدف الملتقى إلى تقييم ما تم إنجازه في مجال تعزيز الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغية، فضلاً عن استشراف المستقبل لضمان مكانتها ضمن الهوية الوطنية. ويعكس هذا الحدث اهتمام المملكة المغربية بالتحولات الرقمية العالمية، والتحديات التي تطرأ على صون التراث الثقافي واللغوي الوطني.
أكدت أرضية الملتقى أن التطورات التي يعرفها العالم على المستوى التكنولوجي تفرض على المغرب استيعاب التقنيات الحديثة للمساهمة في حماية اللغتين الرسميتين والمساهمة في نشرهما وجعلهما تستفيدان من ميزات الرقمنة، ولأن الأمازيغية عانت من التهميش لقرون، فإن انتقالها من الطابع الشفهي إلى الكتابة كان بمثابة قطب الرحى الذي ساهم ويساهم في توحيدها ومعيرتها قبل ترسيخها في عقول المواطنين عموما والأجيال الصاعدة خصوصا من خلال مختلف وسائل التنشئة الاجتماعية.
وأضافت الأرضية أن العولمة وسرعة التطور التقني والتكنولوجي يفرض اليوم تسريع إدماج هذه اللغة في القضاء الرقمي حتى تستفيد من ميزات هذا الفضاء ووسائله المتطورة، خدمة لهذه اللغة وسعيا وراء تطويرها حتى تواكب العصر وتستثمر مختلف التطبيقات والوسائل التكنولوجية الحديثة لصالح تعميمها وتعزيز تعليمها لكل المغاربة.
وشددت نفس الورقة على أن الأمازيغية قطعت أشواطا في مجال الرقمنة من خطاب أجدير إلى اليوم ، فبعد اعتماد “تيفيناغ” حرفا رسميا الكتابة الأمازيغية في فبراير 2003، تم الشروع في إدماج هذه اللغة في المنظومات التعليمية والإعلامية والتكنولوجية انطلاقا من السنة ذاتها، ليتوج المسار بالاعتراف الرسمي بأبجدية “تيفيناغ” كمكون للمخطط الرقمي المتعدد اللغات من قبل منظمة “إيزو” يوم 24 يونيو 2004، ليتم بعدها إدماجها في شبكة الأنترنيت، وصولا إلى الإعلان في يونيو الماضي عن إضافة الأمازيغية إلى لغات الترجمة الآلية في خدمة ترجمة “كوكل”، بحرف “تيفيناغ” وكذا بالحرف اللاتيني، إلى جانب 110 لغة جديدة.
واعتبرت أن هذه المكاسب لا يمكن سوى أن تعزز رقمنة الأمازيغية وحمايتها، لكنها ما زالت تحتاج لاستثمار أكبر حتى تكون المكاسب في مستوى التطلعات، بالنظر إلى الطابع الرسمي للأمازيغية وعلى ضوء مستلزمات تفعيل مضامين القانون التنظيمي رقم 16.26.
وأوضحت ان حصيلة عمل 23 سنة من الإجراءات لصالح إعادة الاعتبار للأمازيغية، على ضوء خطاب أجدير التاريخي ودستور سنة 2011، وإن كانت مهمة، فهي لم ترقى بعد إلى المستوى المطلوب، خصوصا في قطاع التعليم الذي يعتبر مفتاحا لأي عمل من شأنه المساهمة في حماية الأمازيغية ونشرها وترسيخها في عقول الناشئة، ولا أدل على ذلك أن تعميم تعليمها أفقيا وعموديا لم يصل إلى مستوى ما هو مسطر في القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، رغم المجهودات المهمة التي لا يمكن نكرانها في هذا المجال.
خلال الملتقى، سيتم فتح نقاشات موسعة حول إدماج اللغة الأمازيغية في مجالات حيوية مثل الإعلام، القضاء، والتعليم، حيث تُعتبر هذه القطاعات ضرورية لتعزيز حضور الأمازيغية في الحياة العامة.
كما سيتناول المشاركون سبل تطوير الأطر القانونية والإدارية التي تدعم استخدام الأمازيغية، مما يسهم في تيسير تفاعلها مع المجتمعات الرقمية الحديثة.
يمثل هذا الملتقى فرصة لتعزيز الحوار والتفاعل بين مختلف الفاعلين، ويعكس التزام المغرب بتحقيق مضامين خطاب أجدير، الذي دعا إلى تعزيز الهوية الثقافية وتكريس قيم التنوع. ومن خلال التركيز على التوازن بين الحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على العصر الرقمي، يسعى الملتقى إلى إيجاد سبل مبتكرة لضمان مساواة حقيقية في جميع جوانب الحياة.
بذلك، يُعَد هذا الحدث خطوة مهمة نحو تحقيق تطلعات المجتمع الأمازيغي، وإرساء دعائم جديدة تعزز من مكانتها في مختلف مجالات الحياة، بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث والتحديات التي تطرأ عليه.