خلصت “الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة” إلى أن وضعية الأمازيغية خلال سنة 2972/2022 لم تعرف أي تحسن ملموس ومهم، على الرغم بعض المجهودات الجزئية المبذولة في مجال ترسيم الأمازيغية على المستوى التشريعي والمؤسساتي وعلى مستوى السياسات العمومية.
وأكدت “أزطا أمازيغ” في تقريرها السنوي حول “وضعية الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية خلال سنة 2972/2022” والذي قدمته صباح الأربعاء 18 يناير بالرباط، أن “تلك المجهودات المبذولة لم تمنع استمرار العديد من الخروقات والانتهاكات في هذا المجال بدءا بعدم إشراك الجمعيات والمنظمات الأمازيغية المستقلة”.
وقالت إن ما ميز “هذه السنة في العلاقة مع الأمازيغية هو عجز الدولة عن تقديم بدائل وحلول ملموسة واقعية وتشاركية لتحقيق حيوية اللغة الأمازيغية وتعزيز موقعها في مجالات التعليم والتشريع والعمل البرلماني والإعلام والاتصال، ومختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني، وفي الإدارة والمرافق والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، والفضاءات والخدمات العمومية، والتقاضي”.
واعتبرت في تقريرها أن “هذا ما يفسر غياب تقديم أية حصيلة سواء من كرف الحكومة أو البرلمان في علاقتهما مع الأمازيغية وافتقارهما لاستراتيجية عمل واضحة ولخارطة طريق تشاركية لتنزيل مختلف الشعارات والوفاء بالالتزامات”.
ورغم مرور أزيد من 10 سنوات على دسترة الأمازيغية، وأزيد من 3 سنوات على إصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من جهة والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية من جهة ثانية، وكذلك مرور سنة على تشكيل الحكومة الجديدة، تقول أزطا “لا تزال الأمازيغية في وضعية قرار مع وقف التنفيذ، حيث لا تزال تراوح مكانها في التشريع، نتيجة الإمعان في التسويف والمماطلة في أجرأة الطابع الرسمي للأمازيغية بدواعي ومبررات لا يقبلها العقل والمنطق”.
وأضاف ذات المصدر “للأسف الشديد كل السياسات العمومية والترابية كرست دونية اللغة الأمازيغية وثانويتها في التراتبية اللغوية التي أقرتها الدولة المغربية في مختلف المجالات التي كان من المفروض أن تحرص على أن تمكن اللغة الأمازيغية من المكانة والوظائف التي ستخول لها ملء وظيفتها وأدورها كلغة رسمية فعلية إلى جانب العربية”.
وفي ما يخص الحق في التعليم والتعلم باللغة الأمازيغية، سجل تقرير “أزطا” أن “حالة الأمازيغية في المنظومة التربوية التعليمية لا يتناسب مع تصنيفها لغة رسمية”، موضحة أن “9 بالمائة فقط من التلاميذ يدرسون الأمازيغية، بعد عشرين سنة من إدراجها في النظام التربوي، وهو ما يعني أنها لن تعمم بالتعليم الأولي إلا في أفق 2050”.
كما سجل ذات التقرير “ضعف حضور اللغة الأمازيغية في التعليم خلال المواسم الدراسية السابقة والحالي، رغم الوعود الحكومية المتوالية بشأن منحها أدوارا كبيرة وتفعيل طابعها الرسمي طبقا للقانون التنظيمي”. وأفادت أن ” الموسم الدراسي حلال سنة 2022 عرف انتهاكات ضد تدريس اللغة الأمازيغية”.
وقال تقرير أزطا “إن سياسة وزارة التربية الوطنية والحكومة تبدو متجهة نحو التنصل من كل الالتزامات المتعلقة بالأمازيغية التي طالها إهمال خطير، واحتقار لمدرسيها، واستخفاف بالمادة وعدم إدراجها في الأنشطة، ما يناقض خطاب الحكومة ويؤكد عدم جديتها في التفعيل المطلوب للقرارات المعلنة، وينضاف إلى كل هذا إجراءات أخرى تمييزية تتجلى في عدم اعتماد المبادئ المؤطرة نفسها لإعداد البرامج والكتب المدرسية في باقي المواد المدرسة بالمدارس العمومية، الارتجالية التي تطبع طريقة تدبير اللغة الأمازيغية بجميع الأكاديميات، عشوائية إعداد خريطة توزيع الأساتذة وعدم التوفر على مفتشين متخصصين في تأطير ومراقبة تدريس الأمازيغية”.
واستعرضت “الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة” في تقريرها “النواقص والتعثرات العديدة التي يعرفها ملف تدريس الأمازيغية بالمغرب”.
كما تطرق التقرير إلى واقع الأمازيغية في التشريع والقانون الوطني معتبرة أن القوانين والنصوص التنظيمية الصادرة تتسم بعدم انسجامها مع الدستور ومع مقتضيات المساواة بين اللغتين الرسميتين. كما سجل تعرض الحقوق المدنية والسياسية لتراجعات خطيرة على جميع المستويات.
وفي محور الإعلام، سجلت “أزطا أمازيغ” حرمان “الإذاعة الأمازيغية وقناة الأمازيغية من مواكبة التغطيات الرسمية داخل المغرب وخارجه، وإقصاء القنوات الأمازيغية من الحضور وتتبع التغطيات والوصف والتعليق باللغة الأمازيغية في التظاهرات الرياضية التي تشارك فيها المنتخبات المغربية، وطنيا، وقاريا ودوليا.
وسجل ذات التقرير ” تعرض الفنانون الأمازيغ لتمييز واضح اثناء توزيع بطاقة الفنان، إضافة للتفاوت الكبير في الأجور وفي فرص العمل يذهب ضحيتها المبدعون بالأمازيغية. ويتضح ذلك من خلال حصة الدعم العمومي المخصص للمبدعين بالأمازيغية في مجال الكتاب والمسرح والأغنية والسينما وغيرها من التعبيرات الفنية”. وتحدث ذات التقرير عن “إقصاء الأمازيغية من أغلب الحملات التحسيسية الإعلامية التي تقوم بها المؤسسات الرسمية”.
وفي محور الحق في الولوج إلى العدالة والمحاكمة العادلة، سجلت “أزطا” بإيجابية الإجراءات التي أقدمت عليها وزارة العدل في مارس 2022 بتوظيف حوالي 300 مساعد اجتماعي يتقنون الأمازيغية يتم تعيينهم في مختلف المحاكم، ومع ذلك، يقول التقرير ” فإن الدولة مستمرة في تعطيل مقتضيات الفصلين الخامس والسابع من الدستور والفصل 30 من القانون التنظيمي 16-26، والتكريس لقانون توحيد المحاكم المغربية رقم 03-64 الصادر بتاريخ 1965-01-26 في فصله الخامس الذي ما يزال معمولا به إلى يومنا هذا والذي يعد من القوانين المعيقة للمواطنين/ات المغاربة الناطقين بالأمازيغية في ولوجهم إلى العدالة والحق في محاكمة عادلة، بسبب هذا القانون الذي يعتبر اللغة العربية لغة وحيدة للتقاضي أمام المحاكم، ويقصي اللغة الأمازيغية رغم أنها لغة رسمية للدولة وينص قانونها التنظيمي على كيفية إدماجها في قطاع العدالة”.
أما في ما يتعلق بمحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد سجل التقرير “صمت الحكومة على انتهاك الأراضي القبلية الأمازيغية من طرف جهات تخرق القوانين بممارستها للرعي وتعريض ممتلكات الساكنة المحلية للتخريب مع استمرار انتهاك حقوقها الاقتصادية والاجتماعية عبر قوانين نزع الملكية”. مشيرة في تقريرها إلى “مصادرة 16 مليون هكتار في ثلاث جهات وحرمان أكثر من ثلاث ملايين من الساكنة الأمازيغية من أراضيهم الأصلية”.
ودعت “الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة” إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عيد وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنه، مبرزة “أنه لم يعد هناك مبرر لعدم إقرار “إيض ن ناير”، ومن جهة أخرى سجلت “ضعف تواصل الحكومة وغياب المقاربة التشاركية في تفعيل ورش الأمازيغية” معتبرة أن “الأسلوب الذي يدار به ملف الأمازيغية لا يستجيب لمضامين القانون التنظيمي”، وقالت “رغم الوعود الكثيرة فالحكومة الحالية تفتقد الى استراتيجية واضحة ولا تتوفر على خريطة طريق وتنزيل شعاراتها وتنفيذ التزاماتها في تفعيل الأمازيغية”.
الرباط/ منتصر إثري