أزطا أمازيغ تفتح النقاش حول المستجدات المرتبطة بالسياسة اللغوية

في إطار أنشطتها في الدورة الثانية من ملتقى تامسنا، نظمت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة -أزطا أمازيغ، مساء أمس، الخميس 30 ماي 2019، مائدة مستديرة بالعاصمة الرباط، حول المستجدات المرتبطة بالسياسة اللغوية والاختيارات اللغوية لمنظومة التربية والتكوين، تحت عنوان: “منظومة التربية والتكوين: رهانات إرساء سياسة لغوية تعددية ومنصفة”.

وقال رئيس الشبكة الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، عبد الله بادو، إن هذا اللقاء الفكري يندرج ضمن الاهتمامات المركزية لأزطا أمازيغ وفي إطار مواكبتها للسياسات العمومية عموما، والسياسة اللغوية بشكل خاص، واسمرارا النقاش العمومي ذي الصلة بتتبع مدى التزام الدولة ومؤسساتها بتفعيل المقتضيات الدستورية كما جاءت في ديباجة دستور 2011 وفي الفصل الخامس منه، نظرا لما يستلزمه من المساهمة في بلورة سياسة لغوية عادلة ومنصفة؛ تروم تمكين اللغة الأمازيغية من الوضعية القانونية المتكافئة مع اللغة العربية؛ الكفيلة بإلزام جميع الهيئات العمومية باستعمالها في مرافقها وفي مختلف خدماتها، والتنصيص على شمولية إدماجها في كافة القطاعات.

وأضاف أن الشبكة تروم من خلال هذا اللقاء بلورة رؤى ومقترحات وتوصيات لتجويد السياسات اللغوية والثقافية لتكون عادلة ومنصفة وضامنة للتعدد اللغوي والتنوع الثقافي، ومحصنة للهوية الوطنية، وكذا بلورة تصورات وبدائل لإرساء خيارات تربوية تروم تعزيز أدوار ووظائف اللغتين الرسميتين في المنظومة التربوية، ومنحهما شروط التنافس ومقومات الحيوية، وتقاسم التجارب والأفكار والسعي الى بلورة ميثاق وطني للغات والثقافة المغربية لحفظ وصون وحماية اللغات الوطنية والنهوض بها.

ومن جهته أكد أستاذ علم الاجتماع، بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، على أن العلاقة بين السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي هي علاقة متفاوض عليها، “قد تؤدي إلى احتباس لغوي”، مشيرا إلى أن تعريف السياسة اللغوية يقوم على قاعدتين أساسيتين: الصفة الاعتبارية للغة (رسمية أم غير رسمية)، وتهيأة المتن اللغوي.

وأضاف بنيس، المهتم بقضايا التعددية ومناهج البحث، أن الهدف من تأهيل اللغة الأمازيغية وترسيمها، هو تحقيق الانسجام مع هوية شمال إفريقيا، والعيش بكرامة، منبها إلى وجود خلط بين لغات التدريس واللغات المدرسة، وكذا وجود توجه رسمي دستوري يتحدث عن الثنائية اللغوية، وتوجه إيكولوجي يظهر في مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، متسائلا: هل نريد إيكولوجية لغوية أم ثنائية رسمية؟

وتحدث بنيس عن وجود فراغ لغوي دستوري، وقال “إن الفرنسية لا زالت اللغة الرسمية غير الدستورية”، داعيا إلى الانتقال من منطق التناقض إلى منطق التجانس، وتحقيق الانتقال الهوياتي في تحدي التعدد الثقافي مقاربة نسق المواطنة، وملاءمة التعدد اللغوي والتنوع الثقافي.

ومن جانبه أكد عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي FNE، أن دفاعه عن تدريس اللغة الأمازيغية من داخل الاتحاد المغربي للشغل يعود لأواسط التسعينات من القرن الماضي، وقال إن المسألة اللغوية “حمالة أوجه”، وتتصدر المطالب النقابية والحزبية، وأن التعددية اللغوية ليست مشكلة، وإنما المشكلة في تدبير هذه التعددية”.

وأشار الإدريسي إلى أن اللغة والثقافة الأمازيغية لم تجدا بعد مكانتهما في بلادنا، مستحضرا الميثاق الوطني للتربية والتكوين “الذي يعطي للأمازيغية مكانة غير لائقة (السماح باستعمال الأمازيغية واللهجات للاستئناس)”، وقال إن مشروع تدريس اللغة الأمازيغية الذي جاء به خطاب أجدير في سنة 2001، مر عبر مراحل، بحيث بدأ سنة 2004 بهدف تعميمه في 2010، لكنه عرف تراجعا فضيعا، خاصة بعد التنصيص على ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور، وربطها بقانون تنظيمي.

وقال الإدريسي إن الأمازيغية استفادت كثيرا من حركة 20 فبراير “وعلى رأسها دسترة الأمازيغية”، إلا أن ما بعد 2011 عرف هجوما معاديا على تدريس الأمازيغية والتعليم العمومي بشكل عام، مشيرا أن تدريس الأمازيغية عرف تراجعا كبيرا، أكثر مما يتصور، “في الوقت الذي يعرف هذا الحقل تقدما بالجارة الجزائرية، التي أصبحت تتوفر على 4 معاهد عليا لتكوين مدرسي اللغة الأمازيغية”.

وفي مداخلته قال الدكتور مصطفى قادري، أستاذ التاريخ الراهن بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن اللغتين المستعملتين في التدريس بالمغرب (العربية والفرنسية) ليستا اجتماعيتين، “بل هي لغات مخبرية”.

وأكد قادري أن “المدخل الأساس لإصلاح منظومة التربية والتكوين يكمن في اللغة الأم، فضلا عن تعليم اللغات، بينما يُمكن للطفل التزود بالمعارف بأي لغة، لكن اللغة الأم تبقى الأساس، كما يجب التذكير بأن الأمازيغية هي اللغة الأم، وهي لغة منصوص عليها في الدستور”، مضيفا “لو لم نقم بالتعريب، سواء في السبعينيات أو الثمانينيات، لوصلنا اليوم إلى نقاش التدريس بالإنجليزية. ونظرا للأخطاء التي ارتُكبت، عدنا مجددا إلى نقاش مفروغ منه نظريا”.

واستغرب الأستاذ الجامعي، الذي رصد مراحل تطور التعليم المغربي قبل الاستعمار إلى حدود الآن، وجود “نقاش مغلوط بين ما هو رسمي ومدرس وبين ما هو موجود في الواقع”، موضحا أن “مسألة اللغة ليست مشكلة في حد ذاتها، بل يجب أخذ السوق الدولية ووضعية الهيمنة التي نوجد فيها بعين الاعتبار”.

وتساءل الباحث في الثقافة الأمازيغية والمتخصص في الفنون الشعبية، الحسين أيت باحسين، في بداية مداخلته حول سياسة تدبير التعدد اللغوي بالمغرب، “هل يحتاج التعليم إلى مشاريع إصلاحات أم استراتيجية لغوية؟”.

ودعا أيت باحسين إلى المساواة بين اللغتين الرسميتين وتملكهما من طرف كل المغاربة بدون استثناء وحمايتهما والنهوض بهما كلغتين مُدَرَّسَتين ولغتي التدريس تجسيدا للعدالة اللغوية، “عوض ما نص عليه ميثاق التربية والتكوين بصدد وظيفة اللغة الأمازيغية، وما ورد في استراتيجية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بصدد وظيفة اللغة الأمازيغية في مجال التعليم”.

ومن جانبه أكد النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، وعضو لجنة القطاعات الاجتماعية، عدي بوعرفة، أن حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية رفضا أن تكون الأمازيغية رسمية في الدستور، وكذالك كانا من الرافضين لكتابة اللغة الأمازيغية بحرفها الأصلي “تيفيناغ”.

وأوضح بوعرفة أن حزبا واحد هو الذي يعرقل مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، بسبب تحفظه على ثلاث مواد من هذا القانون ( المادة 2 ، المادة 31 و المادة 32 )، والتي تشرعن في نظره للتدريس باللغات الأجنبية.

وانتقد بوعرفة ما قاله الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، باعتباره “تدريس المواد العلمية بالفرنسية جريمة في حق التلاميذ ومستقبل بلادنا”.

جمال كريمي بنشقرون، عضو الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، دعى إلى الانخراط في العمل السياسي الحزبي من أجل التمكن من المشاركة في صنع القرار من داخل المؤسسات، مذكرا بما قدمه حزب التقدم والاشتراكية ومؤسسه علي يعتة للأمازيغية، وللحقوق الثقافية واللغوية بصفة عامة.

وعبر بنشقرون عن استغرابه بشأن من ينادون بتثبيت اللغة العربية ويذهبون بأبنائهم إلى معاهد اللغات.

وقال المتحدث ذاته: “امتلاكنا للغات واجب حتمي، وتدريس بعض المواد بلغات أخرى ليس فيه تنقيص من لغتنا الأم”.

ومن جانبها قالت عائشة العلوي، أستاذة الاقتصاد بمدينة بني ملال، إن مشروع القانون الإطار لمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، مبني على غياب البعد الحقوقي، مشيرة إلى التمييز بين اللغتين الرسميتين الأمازيغية والعربية، ومسألة التناوب اللغوي.

وأضافت أن المشروع حاول ربط التعليم بالاقتصاد، “لكنه تميز بالمرونة في تمويل هذا القطاع”، مشيرة إلى أن ربط القانون الإطار بالقانون التنظيمي ليس مبررا.

ومن جهته نوه الخبير البيداغوجي واللغوي، عبد الرحمان بيلوش، بما قدمته مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في مجال تأهيل اللغة الأمازيغية والنهوض بها، ومن خلال تجربته في تدريس الأمازيغية بتونس وليبيا، قال بأن ليركام تستحق أن تكون نموذجا في هذا المجال.

وتساءل بلوش، وهو مكلف سابق بالتعليم بعمادة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ومن المساهمين في إعداد قصص للأطفال بالأمازيغية المكتوبة بحرف تيفيناغ، “لماذا ينص المجلس الأعلى للتربية والتكوين على التقييم فقط بالنسبة للأمازيغية، وفيما يتعلق بالعربية ليس هناك تقييم؟”، وأضاف أنه كان من الأجدر تقييم العربية ومخلفات سياسة التعريب.

أمضال أمازيغ: كمال الوسطاني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

ندوة دولية بأكادير حول أهمية التربة في التنمية المستدامة

افتتحت يوم الاثنين فاتح يوليوز بأكادير ندوة دولية حول موضوع “متجذرة في القدرة على الصمود: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *