أجمع عدد من الأساتذة الجامعيين، من مختلف الجامعات المغربية، على أن الحركة الثقافية الأمازيغية حققت مكاسب مهمة لصالح الأمازيغية، مشيرين في مداخلتهم بندوة ” الحركة الثقافية الأمازيغية، الحصيلة والأفاق” المنعقدة ضمن أشغال فعاليات مهرجان فاس الدولي للثقافة الأمازيغية، بمدينة فاس، تحت عنوان ” الثقافة الأمازيغية ومستقبل الديمقراطية في شمال أفريقيا”، إلى ضرورة اتخاد الخطوات الضرورية للإعتراف بالأمازيغية.
وأكد محمد عرجي، أستاذ بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، أن ” العالم عرف في العقود الأخيرة؛ بروز حركات اجتماعية على شكل أشكال احتجاجية جديدة، تتناول مختلف القضايا الإنسانية؛ وتنادي بالسلام ونبد الحروب”؛ مشيرا في مداخلته، أن هذه الحركات التي أتت في سياق ما بعد الحداثة، اتسمت بانفتاحها على مختلف الفئات الاجتماعية خاصة منها الطبقة المتوسطة”.
وأضاف عرجي أن هذه الحركات انتقلت إلى بلدان الجنوب كالمغرب؛ “إذ ستظهر هذه الثقافة الاحتجاجية الجديدة لدى المجتمع المغربي الناشيء في بعض مناحي الحياة الإنسانية المرتبطة بالدين والثقافة والنوع الاجتماعي وحقوق الإنسان..”
وفي هذا السياق، يقول الأستاذ محمد عرجي، في مداخلته المعنونة ب” قراءة في مسار وحصيلة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب”، ستبرز على الساحة الوطنية حركة ثقافية مطلبية واحتجاجية تطالب بالإعتراف وحماية اللغة والثقافة الأمازيغيتين وإعادة الاعتبار لهما”.
وقام المتحدث برصد كرونولوجي لحيثيات ومراحل تطور الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب منذ إحداث أول جمعية ثقافية أمازيغية “أميرك” تحمل هم هذه الثقافة في أواخر الستينيات، مرورا بمرحلة التأسيس في أوائل التسعينيات؛ وصولا إلى مرحلة إطفاء الطابع المؤسسي بعد دسترة الأمازيغية في دستور 2011″.
بدوره، تناول عبد الله بومالك، استاذ باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، موضوع “اللغة والثقافة الأمازيغية: ظهور أشكال جديدة”، مشيراً إلى أن “منذ ظهور المطالبة بالهوية الأمازيغية في السبعينيات من القرن الماضي، كانت اللغة والثقافة الأمازيغية موضع دراسة ومناقشة “.
وأضاف بومالك:” لقد شارك اللغويون، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والمحامون، والسياسيون وغيرهم، كل حسب مجال تخصصه في النقاش والتفكير في هذه القضايا”، وحاول المتحدث في معرض مداخلته؛ تبيان كيفية تجديد اللغة الأمازيغية من خلال الإنتاج الثقافي والفني أو ما سماه بالأدب الجديد (رواية؛ قصةقصيرة، مسرح..)”، قام قام الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمقاربة ما قال عنه “التجديد من وجهة نظر لغوية واجتماعية لغوية”.
من جانبه، قال عبد الواحد مبرور، وهو أستاذ بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، بأن النقاش حول القضية الأمازيغية في علاقتها بالجوانب اللغوية والثقافية والهوية في المغرب أصبح متدوالا للغاية، حيث يتسم بدينامية اجتماعية مستدامة إلى حد ما”.
وأضاف مبرور في معرض مداخلته، أن “الأمازيغية تعرضت للتهميش لعقود إلى جانب الموقف الذي يسود فيما يتعلق بلغات التواصل اليومية والثقافة الشعبية في المنحدرات الناطقة بالعربية و الأمازيغية”، مبرزا أن الفجوة اتسعت منذ فترة طويلة بين الثقافة العلمية والنخبوية المهيمنة وما يسمى بالثقافة الجماعية”.
وأشار المتحدث من خلال عنوان مداخلته ” المسألة اللغوية والثقافية في المغرب من خلال وسائل الإعلام والخطابات الادبية: التحديات من واقع معقد”، إلى أن “الأصوات المغاربية لاسيما في المغرب والجزائر؛ تثير الحاجة إلى معالجة هذه المسألة باعتبارها مشكلة اجتماعية؛ وهي مسألة تخص جميع المواطنين، أين كانت لغتهم الأم؛ ومعتقداتهم الفكرية والسياسية والثقافية”. حسب تعبيره
من جهته، قال علي فرتاحي، أستاذ بجامعة مولاي سليمان بني ملال، إن الأدب الوطني حقق نجاحا ملحوظا من خلال إعطاء الثقافة الأمازيغية فرصا أفضل”، متسائلا في ذات السياق ” ما هي الحضارة العالمية دون ثقافات ما وصفها ب”الأقليات”؟”
وأضاف فرتاحي في مداخلته؛ تحت عنوان” الشعر في الانفتاح واندماج الآخرين”، كل ثقافة، أينما كانت، تلعب دورا كبيرا وتساهم في الحضارة العالمية”، مضيفا أن “الثقافات واللغات تبني الجسور بين الشعوب؛ لكن لا ينبغي لها أن تكون مصدرا لإنكار الأخر”. يورد علي فرتاحي
وشدّد المتحدث على ضرورة إعطاء الأدب الأمازيغي مكانته التي يستحقها في الحضارة العالمية”، مردفا :” نحن مقتنعون بقيمه ومساهمته الاقتصادية والثقافية والإنسانية والخضارية”.
محمد شتاتو، أستاذ بجامعة الرباط الدولية، دافع عن ما وصفها بالحجة القائلة بأن شمال أفريقيا لا تستطيع تجاوز ركودها لسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي دون اتخاد الخطوات الضروراية، أبرزها الإعتراف بالأمازيغية”.
وأضاف الأستاذ شتاتو الذي عنون مداخلته ب” الإعتراف بالثقافة الأمازيغية ومفتاح الديمقراطية في شمال أفريقيا” أن مفتاح الديمقراطية هو اعتماد التعددية الثقافية الديناميكية؛ وكذا اعتماد الفيدرالية والمساواة بين الجنسين”.
فيما تناول إدريس بويحي؛ أستاذ بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس موضوع “الحركة الإسلامية والأمازيغية في المغرب؛ آفاق نحو الديمقراطية”، مشيرا إلى أن ” منذ بداية التاريخ الرسمي للمغرب، كانت الحركات الإسلامية والأمازيغية محورية في دمج الخصائص السياسية والاجتماعية والثقافية”.
وأضاف بويحي أن ما وصفها بهذه الحركات “قامت بالمناورة باسترتيجيات تنظيمية مختلفة للتعبير عن رأيها في مختلف مناحي الحياة؛ ولا سيما الساحات السياسية”، وبعبارة اخرى يضيف المتحدث “استجابة هذه الحركات؛ في ردها على تهميشها السياسي والأيديولوجي والاجتماعي والاقتصادي، في مناسبات عديدة للدفاع عن هوياتها، سواء أمازيغية أو مسلمة”. على حد قوله
وحاول المتداخل تحديد مسار الحركة الأمازيغية والإسلامية في المطالبة بحقها في الديمقراطية والتخلي عن سياسة “الاستعباد” كما صفها، إضافة إلى التطرق لبعض “الوصمات حول النقاش الأمازيغي والحركة الإسلامية، مثل الإسلام والهوية والعلمانية والديمقراطية”.
تفاصيل أكثر في ملف العدد المقبل من جريدة العالم الأمازيغي
فاس/ العالم الأمازيغي/ منتصر إثري