أسباب التوتر النفسي للإسلاميين

أحمد عصيد

يعيش التيار الإسلامي بمختلف مكوناته وفي مختلف بلدان شمال إفريقيا توترا نفسيا كبيرا، وارتباكا غير مسبوق، يعود إلى ثلاثة أسباب:

1) الصدمة التي أحدثتها تدابير الطوارئ الصحية التي اقتضت إغلاق المساجد وإلغاء الطقوس التعبدية الجماعية، التي تعتبر متنفسا هاما وضروريا للإسلاميين، حيث هي المناسبات التي تشعرهم بتواجد مظاهر التدين في الفضاء العام الذي لا يتحكمون فيه، كما كان مشهد الحرم المكي الخالي من البشر، والذي هو مشهد غير مألوف، صادما للشعور الديني للإسلاميين، وإن لم يكن كذلك بالنسبة للمواطن العادي الذي تقبله بعقلانية وواقعية، متفهما إكراهات السياق والظروف.

2) فشل جميع أشكال المقاومة وردود الأفعال التي أبداها التيار الإسلامي ضدّ برامج الدولة المغربية وخططها في مواجهة الوباء، حيث لم ينخرط المواطنون في حملة الدعاء والصلوات لرفع الغضب الإلهي، كما لم يستجيبوا للعصيان السلفي في مدن الشمال، ولم يعتبروا الوباء قضاء وقدرا مسلطا وانتقاما إلهيا، ولم يلجئوا إلى “الرقاة الشرعيين” ولم يعتبروا الوباء “شهادة” و”رحمة”، كما لم تنجح فكرة أنه لا يُعدي بذاته وإنما بإرادة الله، إلى غير ذلك مما تضمنته التفسيرات والمواقف الفقهية القديمة، والتي تمّ إحياؤها في ظلّ مواجهة الوباء الحالي، بل قام المواطنون على عكس ذلك بترويج المعلومات الطبية حول الفيروس وأساليب الوقاية منه، وتعلقت آمالهم بمختبرات العالم وجهود علماء الفيروسات، والتزموا بالحجر الصحّي باستثناء العائلات التي تعاني من هشاشة كبيرة ومن السكن غير اللائق.

3) فشل الدكاترة ـ المشايخ في إقناع الناس باعتماد موادّ ما يسمى بـ”الطب النبوي” كالحبة السوداء وبول البعير وبرازه والقرنفل في مقابل التنقيص من قيمة الأطباء واتهامهم بالإلحاد وتبخيس دور العلم ، خاصة بعد أن ظهرت في المجتمع حملة إدانة قوية ضدّ لتلك الأقاويل التي يشكل بعضها خطرا على صحة المواطنين. .
هذه الأسباب أدّت إلى توتر كبير في صفوف تيار الإسلام السياسي، ما جعل كثيرا من أتباعه يشعرون بالنقمة ضدّ الفاعلين المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وجميع الذين اختلفوا معهم وانتقدوا مواقفهم المذكورة أعلاه.

إننا نتفهم الظروف الصعبة التي يمر منها إخواننا الإسلاميون هذه الأيام، والتي قد تفسد عليهم روحانية شهر الصيام، ونتمنى لهم السلامة والهداية وطمأنينة القلب، وأن يفهموا في هذا السياق بالذات معنى أن الدين لله والوطن للجميع، وأنّ مواقف الغير لن تزول من جراء الحملات الإرهابية التي صارت تبدو في غاية الغباء، كما أن الدولة لن تتراجع عن برامجها في حماية أرواح المواطنين إسلاميين كانوا أم علمانيين، مؤمنين أو غير مؤمنين، وذلك وفق التدابير المعمول بها عالميا، إلى نهاية هذه الفترة العصيبة.

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *