“لطالما عانيت من العنصرية و محاولات الإسكات”، لكن “إصراري على الاستمرار بلسان أمازيغي أغلق أمامي فرصا ذهبية للشهرة أكثر و الربح المادي لكن، لست نادما على ذلك فيكفيني أني اتوفر على تاريخ نضالي طاهر سيفتخر به أبنائي و أحفادي مستقبلا”، يقول الفنّان الأمازيغي الكوميدي، رشيد أسلال في هذا الحوار مع “العالم الأمازيغي”، ويضيف :” ذات يوم كنت لسان الشعب في سنوات عز القمع و خلقت اسما فنيا في مجال الفكاهة بالأمازيغية وسط أسماء كبيرة بفني الملتزم و الهادف و لم يكن من السهل أن أفرض إسمي”.
وحول واقع الفن الأمازيغي؛ يقول أسلال:”الفن الأمازيغي حاليا يعيش مرحلة صعبة في الإنتاج تجعله بين مطرقة اللامبالاة و التضييق من طرف الدولة”، مضيفاً “السياسة الثقافية عموما في المغرب تعتمد على وضع الفن الأمازيغي في خانة خارج الحسابات و تجعله حاضرا للاستئناس فقط”.
نص الحوار:
كيف ينظر الفنّان الكوميدي رشيد أسلال إلى الفن الأمازيغي بصفة عامة؟
الفن الأمازيغي حاليا يعيش مرحلة صعبة في الإنتاج تجعله بين مطرقة اللامبالاة و التضييق من طرف الدولة، حيث نلاحظ تراجعا كبيرا في الإنتاج بسبب هزالة الدعم المقدم للإنتاج الفني الأمازيغي، فعلى سبيل المثال نلاحظ في المسرح عملين مدعمين من سوس هذه السنة بالمقارنة مع باقي المناطق و من جهة أخرى نعيش تضييقا كبيرا من سلطة المتلقي الذي يدخل الفن في صرعات هو بعيد كل البعد عنها مما يعيق اتساع دائرة الإبداع بالأمازيغية، حيث لا يتمكن المبدع من تجاوز بعض الطابوهات الوهمية التي يضعها المتلقي في وجهه مما يخلق نفورا منه من طرف جيل بأكمله .
في نظركم ماهي الإكراهات والتحديات التي حالت دون أن نرى الفن الأمازيغي في مستوى تطلعات عُشاقه؟
هناك إكراهات عديدة أهمها انعدام الثقة في المنتوج الفني من طرف المستثمرين و المستشهرين الذين سيجعلون من المنتوج الفني مربحا وبالتالي يمكنهم ضخ أموال مهمة ترفع من مستوى عجلة الإنتاج الفني، ثم السياسة الثقافية عموما في المغرب التي تعتمد على وضع الفن الأمازيغي في خانة خارج الحسابات و تجعله حاضرا للاستئناس فقط، و يبقى المشكل الأكبر هو تنظيف البيت من الداخل و الذي لن يتم إلا بتدخل أهل الدار بنفسهم، و هنا أقصد أنه لابد لنا من نقد ذاتي بناء يجعلنا نزيح كل من لا يخدم الفن بشكل جيد و فسح المجال أمام الطاقات الفعالة المجدة .
“السياسة الثقافية عموما في المغرب التي تعتمد على وضع الفن الأمازيغي في خانة خارج الحسابات و تجعله حاضرا للاستئناس فقط”
ما هي الأسباب المباشرة التي تحول دون أن نتابع الفنّان أسلال باستمرار في الأعمال التلفزية ؟
ربما جرأتي تبقى عائقا أمام تواجدي بشكل مستمر و كوني أيضا لا أقبل العمل في ظروف غير صحية تضمن كرامتي و كرامة من أشتغل معهم، زد على ذلك أنني أصر دائما على مجموعة من الحيتيات التي تبدو صغيرة لكنها أعمق مما قد نتصور، و على العموم حتى الجسم الفني الهش في تلاحمه يجعل منه سهل الإختراق لأن من تمد لهم يد المساعدة هم من سيعرقلون مسيرتك يوما و لي في الأمر تجارب عديدة موثقة سيطلع عليها المتتبع قريبا في كتاب مذكراتي الذي أستعد حاليا لإصداره بكل جرأة .
“ربما جرأتي تبقى عائقا أمام تواجدي بشكل مستمر في الأعمال التلفزية”
على الفنّان أن يتحدى دوما الواقع و الظروف والتحديات المختلفة خصوصاً إذا كان فناناً حاملاً لهم قضية هوياتية/حقوقية/ثقافية/ تحررية.. فما أهم التحديات التي واجهتك في مسارك ؟
ذات يوم كنت لسان الشعب في سنوات عز القمع و خلقت اسما فنيا في مجال الفكاهة بالأمازيغية وسط أسماء كبيرة بفني الملتزم و الهادف و لم يكن من السهل أن أفرض إسمي، فطالما عانيت من العنصرية و محاولات الإسكات، لكن إصراري على الاستمرار بلسان أمازيغي أغلق أمامي فرصا ذهبية للشهرة أكثر و الربح المادي لكن، لست نادما على ذلك فيكفيني أني اتوفر على تاريخ نضالي طاهر سيفتخر به أبنائي و أحفادي مستقبلا . و يبقى ظلم دوي القربى أشد مرارة حين أتعرض اليوم للقمع من طرف بعض بني جلدتي الممسوخي الهوية و الذين كنت يوما لسانا لهم حين أسكتهم القمع و تحدثت بلسانهم فأصبحوا يقدفونني اليوم بنقرات الكيبوورد على اللعين على مواقع الواصل الاجتماعي .
“نعم أنا سليط اللسان على كل من يتجرأ على تشويه الفن و الفنان الأمازيغي. فأنا أتنفس كرامة و نخوة تجعلني قليل الصبر أمام الحاقدين المبخسين”
البعض يقول بأنك تمتلك لسانا سليطا تهاجم به ودون تردد كل من تعتقد بأنه يسيء للفن الأمازيغي ولرسالته الهوياتية والثقافية إن جاز التعبير ، ما تعليقك؟
نعم أنا سليط اللسان على كل من يتجرأ على تشويه الفن و الفنان الأمازيغي. فأنا أتنفس كرامة و نخوة تجعلني قليل الصبر أمام الحاقدين المبخسين، و للتذكير فأنا قاطعت مجالس بعض من عائلتي بسبب تبخيسهم و استهزائهم بالأمازيغية عموما و لم أتصالح معهم حتى تصالحوا مع داتهم و هويتهم … أنا عنيد في هذه المسألة و لن أتراجع عنها مادمت حيا.
هل يمكن وصف أسلال باللعب الماهر في حقله الفني/ الكوميدي؟
بشهادة الجمهور، أظن أني أتوفر على الإمكانيات الفيزيونومية و المعرفية لأكون كذلك وأنا وبكل ثقة في النفس مستعد لتقمص جميع الأدوار الكوميدية و الدرامية و مارست إدارة الممثل أمام أسماء كبيرة في الساحة الوطنية سواء الناطقة بالأمازيغية او بالدارجة و ساهمت في نجاح العديد من الممثلين مند بداياتهم ومن ينكر منهم فهو فاشل إنسانيا .
لكل فنّان قضية ولكل قضية فنّان فإلى أي حد يحمل الفنّان الأمازيغي أسلال هم قضيته الأمازيغية؟ وكيف ينظر إليها؟
القضية الأمازيغية بالنسبة لي هي مسألة حياة أو موت هي اللب و الجوهر و التحدي الأكبر، فأنا أتقن أربع لغات غير الأمازيغية، لكنني اخترت التعبير بالأمازيغية و هي مسألة نضالية و هبتها حياتي و حياة عائلتي و لن أتخلى عنها لأي سبب كان.
يقال أيضا “لكل فنان أسلوبا يمتاز به وأسلوبا يمثله “، ما هي خصائص وأسلوب الفنان رشيد أسلال؟
أنا مع التجديد و الواقعية و أصنع النكتة و لا أقتبسها، فكل أعمالي هي من إنتاجي الذاتي و من تجربتي في الحياة فلا أكتفي بالسماع عن حدث و إنما أعيشه ثم أستنبط منه النكتة فأصيغها ثم أحكيها و هذا أسلوبي الخاص .
كفنّان ذو تجربة فنّية غنية.. في نظرك متى يكون الفنان مبتذلا ؟
حين يبالغ في الأداء و حين يشوه خلقته من أجل الإضحاك.
ما هي رسالتك للفنّانين الأمازيغ؟
تبرؤوا من أشباه الفنانون و لا تتركوا الدخلاء يزرعون الصراعات بيننا، ثم إياكم و إياكم و تبخيس أنفسكم و عملكم .
وما هي رسالتك إلى المسؤولين على قطاع الثقافة؟
سامحهم الله في جيل بأكمله عمقوا معاناته على أمل أن يهتموا بالجيل القادم.
كلمة حرة؟
أرجو من مثقفينا و جمعيات الحركة الأمازيغية أن لا يحملوا الفنان ما لا طاقة له به، فلا يمكننا أن نحمله هم الحفاظ على اللغة و الثراث و الهوية و الأرض فاللغة للسانين، و الثراث للباحثين، و لكل مقام مقال… و ننتظر منهم أن يساعدونا في تعميق البحث كل من جهته و لنا أن نوصل الرسائل بكل أمانة.
حاوره/منتصر إثري