صدر للكاتب المغربي لحسن ملواني عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كتاب تحت عنوان “أفلام أمازيغية ملاحظات وقراءة أولية”.
يقول الكاتب بصدد موضوع الكتاب: “يأتي كتابنا مساهمة في لفت الانتباه إلى الفيلم الأمازيغي باعتباره إبداعا ينبغي أن يصير من أولويات المهتمين بدراسة وإنتاج الإبداع الأمازيغي بغية الرقي به إلى المستوى المطلوب.فهذا الفيلم كان وما يزال يعاني من إكراهات مادية وتقنية وفنية..وكل ما بإمكانه أن يُكْسِبه الرقي والجودة الفنية. ورغم ذلك فقد حقق تراكما ملحوظا ولم يأت ذلك إلا من تحدي القائمين على صناعته لمختلف العراقيل مؤثرين خدمته بكل تضحية وتفان، ذلك أنه إبداع خادم لسائر الإبداعات الأمازيغية.
وملاحظاتي حول أفلام أمازيغية تعبير عن ضرورة إيلاء الفيلم الأمازيغي مزيدا من الاهتمام مع الإشادة بكل ما يبذله المبدعون والمنتجون من مجهودات في سبيل التقدم به تحو الأفضل.
ويأتي ذلك في تصوري العام الذي مفاده أن الإبداع الأمازيغي بكل ضروبه لا يمكنه أن يرتقي بعيدا عن جمهور خاص يلاحظه ، ويوجهه عبر آراء تثمن الجيد و تطرح البدائل وتشارك المبدع هم حمل رسالة الفن باعتبارها أداة لتهذيب الأذواق والنقد والتوصيف لمجريات المجتمع . فلنعتبر أنفسنا عشاقا لثقافتنا ومتضامنين مع المبدع الأمازيغي الخامل لهم وقضايا المجتمع الذي يعيش فيه.
ولأن الفيلم الأمازيغي وسيلة فعالة للنقد الاجتماعي، ووسيلة فعالة للاعتزاز بتراثنا العريق بما يحمله من لغة وشعر و أزياء وأثاث …ووسيلة فعالة لخدمة اللغة وحمايتها من كثرة الدخيل عليها من ألفاظ بعيدة عنها …. ووسيلة فعالة لتصحيح رؤانا إزاء العالم ، وتصحيح اعتقادات مركونة في ذاكرتنا…ولأن الأمازيغي مغيب في المشاريع السينمائية الوطنية لمدة طويلة … ولأن الفيلم الأمازيغي يمتلك خصوصيات تميزه عن غيره ارتكازا على الجمالية المميزة للثقافة الأمازيغية …ولأن الفيلم الأمازيغي صار مستهلكا من قبل فئات عريضة من المجتمع المغربي … وهو في جل موضوعاته يشتغل على ثقافة أصيلة زاخرة بمعطيات قيمية وثقافية وحضارية، علاوة على اعتماده على لغة تصل بين فئات عريضة مشتاقة إلى أفلام بلغتها وممثلين من محيطها .
كل ذلك يجعل الفيلم الأمازيغي أحوج الأفلام إلى النقد والتحليل والتوجيه، باعتباره الفيلم الذي لازال في بداياته يتلمس كل ما من شأنه أن يسمو به نحو المتانة والجودة والمنافسة العالمية تعبيرا عن هويته وقضاياه ، وهذا يعني وجوب الاهتمام بتحليله وتشريح مكوناته بغية الدفع به لينخرط في البناء الاجتماعي والقيمي والثقافي بعيدا عن الاستهلاك السلبي الذي سيء إلى المنتج والجمهور في ذات الوقت ….كتابنا يأتي من هذا المنطلق مساهمة في تكوين أرضية تُتخذ منبرا لتبادل الرأي حول كل ما يمكن أن أيرفع من منزلة الفيلم الأمازيغي ، وينوه بعطاءاته التي لا تخلو من جودة وامتياز. ونذكر مرة أخرى بكون هذا الفيلم يمتلك من السمات والعناصر ما يجعله الأداة التي تخدم القضايا الأمازيغية بامتياز. لقد أوردت في الكتاب أن الحديث عن الإقبال الكبير على استهلاك الدراما الأمازيغية قد يكون إقبالا انبهاريا دفعت إليه فتوة و جدة هذه الدراما وحداثة نشأتها ، وهذا يقتضي ويستوجب التفكير والبحث في كل ما من شانه أن يرقى بالذوق والترقي بالجمهور المستهدف بها ترقيا متدرجا باختيارات متنوعة تحافظ على المستوى الإثاري لهذه الدراما ، وقد أشرت إلى بعض الثغراث البارزة في هذا المجال.
وأعتقد أن حداثة الفيلم الأمازيغي له انعكاس على السيناريوهات ، وعلى الممثلين ، وغيرهم من المشتغلين بالفيلم الأمازيغي ، وهنا تحضر أهمية النقد والملاحظة والتوجيه والتريث بحثا عن الجودة والاتزان الذي ينبغي أن يؤطر البناء الخاص بالأفلام المنتظر إنجازها. فالمبدع الأمازيغي يجب أن يعد نفسه لتجاوز المحلي نحو المنافسة العالمية شرط تقديم الدعم التكويني والمادي والمعنوي له.
وتناول التراث بكل تجلياته الجمالية في الفيلم الامازيغي المغربي اكسبه فرادة وتميزا ينبغي الاشتغال عليه باستمرار من اجل خلق فيلم أمازيغي مغربي مختلف يكسبه التميز على مستوى ما ينتج من افلام في العالم على غرار الفيلم الهندي وما يشبه .
وإيمانا بالأدوار لتي يضطلع بها الفيلم الأمازيغي لا بد من أن توليه الجهات المسؤولة مزيدا من الاهتمام عبر الدعم المادي والمعنوي والتكويني للمنخرطين في انتاجه ، وعبر إدراجه بنسبة أفضل ضمن الأفلام المتلفزة مع محاربة القرصنة التي شكلت عائقا بارزا أما التقدم به نحو الأفضل.
شكرا للجريدة التي قدمت خدمات كثيرة للثقافة والإبداع الأمازيغي.