إنها موزون فاظمة عاشور، من قبيلة آيت بوبشر، آيت أوعزيز، جماعة سوق الحد، إقليم إفران، من منا لا يرى هذه المرأة بشكل يومي مركونة قبالة مسجد النور وسط مدينة أزرو في زنقة قرب السوق المركزي (المارشي) وهي تعرض علب السجائر بالتقسيط للمارة، دون أن يكترث احد لحالها، بملامح أمازيغية، ذات نظرات تعكس هموم الباطن، وكأن لسان الحال يوحي بجروح في العمق وظلم مزدوج من قانون مجحف، وأخ سلالي ظلوم، جعلها لا تملك نصيبها من أراضي أجدادها، ولا حتى من القيمة الكرائية لتلك الاراضي الجماعية الشاسعة في كل من “عين عرمة”، “بويكر”، “ثوفالث” وكذلك منطقة “الجبل”… لتبقى رهينة ظهير 1919 الذي خول فيه المستعمر لنفسه ممارسة الوصاية على أراضي القبائل لتسهيل تهريب خيراتها خارج ارض الوطن لكونها أراضي مستعمرة سوف تضطر على مغادرتها يوما، واستنزفت ما استطاعت من مداخيلها، لتبقي الدولة المغربية على نفس القانون وهي تحرم ابناء القبائل من الاستغلال المباشر لأراضي أجدادهم، ليعمق الرجال السلاليون جروح أخواتهم وأمهاتهم بحرمانهن من الرعي وحقوق الانتفاع الهزيلة، بدعوى أن زوجها وأبناءها قد يكونون من خارج القبيلة، لذا وحفاظا على أملاك القبيلة الجماعية فليس للأنثى نصيب في الاستغلال المقنن من طرف سلطة الوصاية، ثم بدا الأمر جليا حين رفض بعض نواب الجماعات السلالية تسجيل النساء السلاليات في اللوائح اعترافا بحق الانتماء أولا، يليه حق الانتفاع طبعا، لينضاف تعنت ذوي القربى إلى تكريس معاناتهن بين ظلم الوصاية الادارية وتنكر الذكور. لتبقى المرأة السلالية عرضة للفقر والتهميش، لتبقى خالتي فاظمة عاشور إحداهن، ومنهن ربما من اضطررن لبيع الاجساد في سوق النخاسة لتوفير لقمة عيش في بلد تهان فيه مربية الأجيال بقانون مجحف وأخ يرى رجولته في حرمان أخته، لينتصب السؤال الذي يفرض نفسه، متى تفكر الدولة المغربية في رفع يدها عن أراضي القبائل ليعيشوا بكرامتهم ويتعلم أبناؤهم؟ ثم متى يرقى فكر الذكر لإنصاف النساء دون تمييز؟ ثم أيرضيك هذا يا وطني أن نرى نساءك يفقرن رغما عنهن؟ وأيضا أين النساء التقدميات من هذا المشهد من بنات جنسهن اللواتي يعانين من جور مزدوج؟ وكذلك أين دور البرلمانيات في التشريع لصالح المرأة، والذي من أجلهن انتخبن؟ والله إنه وضع مؤسف أن لا نخجل من أنفسنا حين نغض الطرف عن أمثال خالتي فاظمة وغيرها كثير، يعانين في صمت دون رحيم، خصوصا وهن يطالبن بحقهن في أرضهن لا صدقة من أحد، أما أنا فأفضل أن أغير طريقي كي لا أرى هذه المرأة، لأن حالها أدمى قلبي، ولا أملك لها حلا سوى تبليغ معاناتها عبر هذه السطور. أين نخوة الوطن؟ أين كبرياء الرجل؟ رحمة الله على المروءة حين نرضى أن تهان نساء عفيفات، لا يستطعن بحكم أميتهن حتى الترافع عن حقوقهن. لك الله يا خالتي فاظمة ومن خلالك لكل المظلومات في هذا الوطن.
(يتبع مع حالات أخرى)
بقلم: محمد بوسعيدي