ازداد بوعزة حواش ، سنة 1957، بقبيلة آيث خالد التي تبعد عن مدينة الخميسات ب 15 كلم. بالضبط بالقرية الأمازيغية “برجلين” التي أرضع فيها اللغة الأمازيغية، بين أهلها وتقاليدهم، عاداتهم ومعيشتهم الطبيعية البسيطة. وكل ما يرافق الأشغال اليومية، من حرث وحصاد ونقل المحصول و دراسه “أروا”،”ⴰⵔⵡⴰ” وجمعه بالمطمورات “تيسرفين”, “ⵜⵉⵙⵔⴼⵉⵏ”. وخاصة ما كان يرافقه من احتفالات تقام في الهواء الطلق في الليالي المقمرة على ضفة نهر “برجلين”. من أهازيج “أحيدوس”، “ⴰⵃⵉⴷⵓⵙ”، ثماوايث، والأغاني التي كان يبدع فيها سارحوا المواشي . ” إمكساون”،”ⵉⵎⴽⵙⴰⵡⵏ” . تحت أنغام العوادة “تغانينت”،”ⵜⴰⵖⴰⵏⵉⵏⵜ”.
بحكم عمل أبيه رحمه الله المنخرط في الجندية، تحتم عليه أن ينتقل بين بيئات مختلفة ومتنوعة، وذلك ابتداء من سنة 1962 إلى غاية 1976. كانت المحطات مدينة وزان، ثم مكناس، ثم فاس، ثم رجوعه لمدينة الخميسات سنة 1976. وحصل على شهادة البكالوريا سنة 1979 . وبعدها التحق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس “اضهر المهراز ” . التي قضى فيها سنتين بشعبة الآداب العصرية(الأدب العربي).
وكان سعيه وراء كسب لقمة العيش، سببا في الالتحاق بمركز تكوين المعلمين بالرباط، بالعكاري. سنة 1981 وحصل فيه على الدبلوم بتاريخ 10 يونيو سنة 1982 . ابتداء من هذه السنة سينطلق مشواره في التعليم الذي قضى به 36 سنة. كانت محطاته بويا عمر بقلعة السراغنة، لكواودة بمنطقة زعير، آيث بنعلا، آيث سليمان، وأخيرا آيث حدو. القبيلة التي سيحصل فيها على تقاعده وذلك سنة 2018. ذكر أنه خلال هذه الفترة لم تنقطع صلته بتاتا بقريته آيث خالد “برجلين” و “أسون” “ⴰⵙⵓⵏ”. المكان الذي يجد فيه راحته وحياته الطبيعية البسيطة.
من بين الدوافع التي جعلته يتابع دراسته الجامعية بعد التقاعد بمسلك الدراسات الأمازيغية هو حب اللغة الأمازيغية وعشق وإحساس لازمه طوال عمره. وبسبب سحر هذه اللغة الصامدة العنيدة اهتدي إلى شيئ هو أن ضمن هذه اللغة شيئ مكمون عظيم، وجب الخوض فيه والكشف عنه، إلى جانب ذلك، هناك حدث راسخ ومنقوش في ذاكرته، حدث كان نقمة في طيها نعمة. كان أن عيره أحد أساتذته وهو شاب بالإعدادي، أمام الطالبات والطلبة بعد أن دعاه لتصحيح تمرين بالسبورة، ودون مبرر قائلا:” أسير ، واش حتى نتا أهاد الشلح غادي تقري ليا ولادي؟”.
هذا الحدث رسخ لديه الحب وعظمة لسانه الأمازيغي. فكان كلما سافر الى قريتيه برجلين المحبوبة إلا وحاور أستاذه بين نفسه ونفسه. وكأنه يخاطبه قائلا: كل ما ببرجلين جميل أستاذي. فتعييرك لي لم ينل ولن ينل مني بل هو محفز سيسير بي إلى الأمام.
في سنة 1990 وبالصدفة سيخطو خطوة جبارة مع لسانه، ولغته الأمازيغية. وكان ذلك وبحصوله على عدد من مجلة “تيفيناغ” لأوزين أحرضان. لتكون البداية مع “تيفيناغ”.والتمرن على الكتابة بها و سبر أغوارها وحقيقة سرها دون تكوين من جهة ما،ذلك خول له تدريس اللغة الأمازيغية كمكلف بالخميسات منذ الشروع بتدريسها سنة 2004 إلى غاية تقاعده سنة 2018 وكل ذلك كان بإجتهاد شخصي منه.
استطاع امغار بوعزة تغيير معنى التقاعد وجعله محفز اخر فالنظرة الشائعة عن التقاعد أنه نهاية مشوار العطاء للإنسان. وبهذا قدم بطلب التسجيل سنة 2018 بجامعة محمد بن عبد الله بفاس سايس فتم رفض طلبه لأسباب واهية. وهي قدم الباكالوريا، كبر السن.لكن اسراره على التحدي ورغبته جعل الدكتور امحند الركيك يوجه إلى صديقه الدكتور جواد الزروقي قائلا له: سوف يفتح مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية عين الشق. فسجل نفسك هناك وعد لتتمم دراستك بفاس.
وبهذا يبدأ امغار بوعزة حواش مسار اكاديمي جديد اكتشف فيه طيبوبة الأساتذة وإخلاصهم ومجهوداتهم إلى جانب الطالبات والطلبة، ومستواهم التواصلي الأخوي، كل هذا ساعده على دق أوتاده بكلية عين الشق التي لم يستطيع ينسى السنوات الثلاث الجميلة التي قضاها بها، وحصل فيها على الإجازة مسلك الدراسات الأمازيغية الآداب واللسانيات.
أما رؤيته للمستقبل فبفضل العلوم التي تلقاها خلال الفترة الجامعية، التي أعطت نكهة جديدة وأحيت فيه روحا جميلة ورؤية للحياة فلولا هذه الخطوة الثابتة التي مكنته من مسايرة رؤى الشباب، واقتسامه رؤية العصر، و أن لا يشيخ عقله، واستطاع بفعل هذا المجهود الجبار أن يأكد أن الهمة والعزيمة ليستا حكرا على جيل دون جيل، والرصيد الأهم للإنسان يكمن في عمله. والتعليم مدى الحياة لا لمدة من الحياة.