عرضت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان في ندوة صحيفة تقرير سنة 2021، يوم 13 ماي والتي اعتبرتها سنة تميزت بإصدار التقرير حول النموذج التنموي الجديد واعتماد قانون إطار يتعلق بالحماية الاجتماعية وقانون إطار آخر خاص بالإصلاح الجبائي، وكان المغاربة على موعد مع ثلاثة استحقاقات همت الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية، تم تنظيمها في نفس اليوم، و التي تميزت بنسبة مشاركة غير مسبوقة منذ مطلع الألفية، هذا في الوقت الذي ما زالت فيه الجائحة تخلف الضحايا وتزداد فيه وطأة تداعياتها الاقتصادية وفي ظل استمرار سریان حالة الطوارئ الصحية.
واكدت على ان هذا الوضع يجب ألا يحجب عنا الوجه الآخر للجائحة باعتبارها فرصة يمكن اغتنامها من أجل بناء دولة اجتماعية، قادرة على الاستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين واحتياجاتهم، وهو ما شهدنا بوادره سنة 2020 والأكيد أنه يصعب الاستجابة لمتطلبات الدولة الاجتماعية وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين بشكل فعلي دون تحقيق انتعاش اقتصادي قوي وإرساء سياسة اقتصادية متوازنة قادرة على تقليص فجوة التفاوتات ومظاهر اللامساواة الناتجة عن الفوارق الاجتماعية والمجالية، ففي ظل غياب اقتصاد وطني قوي ومستقر، لا يمكن أن تفرز الإصلاحات التشريعية لوحدها الآثار المرجوة منها.
واضافت امينة بوعياش انه من جهة أخرى يواصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعزيز تدخلاته في مجال حماية الضحايا وجعلها أولوية اشتغاله، كما يعمل على توسيع نطاق تفاعله مع الجامعات والمجتمع المدني من أجل فتح النقاش حول االقضايا الناشئة في مجال حقوق الإنسان، من قبيل الإشكاليات المرتبطة بشبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها الحاضن لحريةا لتعبير والرأي, وتأثير الذكاء الاصطناعي على حماية حقوق الأشخاص
أما في مجال محاربة العنف ضد النساء والفتيات فإن مقاربة المجلس تقوم على تشجيع الضحايا على التبليغ عن أجل محاربة الإفلات من العقاب. حيث أطلق حملة وطنية بهذا الخصوص على امتداد سنة كاملة من نونبر 2021 إلى نونبر 2022
وذكرت فيما يخص الآليات الوطنية المجلس الوطني لحقوق الإنسان فقد أصبحت تضطلع بمهامها بشكل كامل، فقد قامت الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ب31 زيارة لمختلف أماكن الحرمان من الحرية و9 زيارات تتبع من أجل التحقق من مدى إعمال التوصيات التي أصدرتها. ونظمت آلية التظلم وحماية حقوق الطفل جلسات إنصات لفائدة أطفال ضحايا انتهاك حقوق الإنسان وفي وضعية هشة، كما اطلقت حملات من أجل تعزير ولوج الأطفال لهذه الآلية والتفاعل معها. ومن جانبها، عقدت الآلية الوطنية لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة عشر جلسات للتشاور مع المنظمات غير الحكومية بمختلف جهات المملكة وعملت على إطلاق النقاش من أجل مراجعة المقتضيات المتعلقة بالأهلية القانونية للأشخاص في وضعية إعاقة.
أما على الصعيد الدولي فقد حرص المجلس. رغم القيود التي فرضتها الجائحة، على التفاعل الدائم مع مختلف الهيئات والآليات التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وشبكات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وتم انتخاب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لأول مرة منذ إحداثه سنة 1990، نائبا لرئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، الذي يضم 122 مؤسسة وطنية عبر العالم.
وخلصت رئيسة المجلس الى أن أول درس يمكن استخلاصه من تمرين الفعل الحقوقي سنة 2021، مع ما تخللها من اضطرابات وتقلبات، هو أن الجائحة تفرض علينا جميعا، فاعلين حقوقيين مؤسساتين وغير مؤسساتيين، أن نتعلم كيفية تدبير المهام التي تضطلع بها، لا سيما حماية الضحايا خلال فترات الأزمات والمخاطر، ولذلك ينبغي أن يشكل هذا السياق حافرا على إخضاع العديد من المسلمات و النماذج الجاهزة للتأمل قصد تطوير مختلف أشكال وأدوات تدخلنا واستكشاف ممكنات جديدة يمكن أن نعتمدها للاضطلاع بمهامنا.
ولذلك يبدو لي أنه بات من الضروري الوعي بمدى التحولات العميقة التي يشهدها العالم والتي تؤثر على نوع من الانتقال التدريجي من مجتمعات قائمة على يقينيات ثابتة ونماذج تفكير وعمل جاهزة، تكرست قبل اختبار الجائحة، إلى مجتمعات مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتعايش مع “المخاطر والاحتمالات”. ويبدو أن هذا التحول الذي تبلورت نواته الأولى في رحم الأزمات التي عاشتها الإنسانية خلال القرن العشرين قد بدأت ملامحه تتجلى بشكل أوضح مع بداية بروز عالم ما بعد (كوفيد19)۔