عزيز اجهبلي – صحافي بجريدة «العلم» وصحافي سابق بـ«العالم الأمازيغي»: أن تكون صحافيا في «العالم الأمازيغي» معناه أن تكون قد تعرفت على المؤرخ المرحوم علي صدقي أزيكو
اعتبر الفترة التي قضيتها في مؤسسة «العالم الأمازيغي» تجربة هامة جدا ومفصلية في مساري المهني، بحيث كان اشتغلت في كل المراحل التي تقطعها الجريدة من مسودات التحرير إلى المرحلة ما قبل ارسالها إلى المطبعة، مرورا بمرحلة «الماكيط»، بما ذلك أيضا التصحيح وإعادة صياغة مواضيع كثيرة، وإعادة قراءة كتابات ومقالات المتعاونين، التي كانت تصل إلى الجريدة في تلك الأيام بكم هائل. كل تلك المهام بالنسبة لي كانت مداخل رئيسية للولوج إلى عالم أرحب، عالم الكتابة وعالم الصحافة، التي هي طبعا فضاء فسيح يتسع للتقاسم مع الآخرين ومع القراء أمور وقضايا من الأهمية بمكان. وهو ما وضعني في مفترق الطرق، إما مواصلة المسير نحو المهنية، وإما التوقف أو الانعطاف في اتجاه آخر.
في سنوات 2003/2004/2005 كانت «العالم الأمازيغي» ملاذ كل مناضلي الحركة الامازيغية، حتى أن الفعاليات الأمازيغية التي كانت تحل بالعاصمة الرباط للمشاركة في ندوات، او لقاءات لها علاقة بالأمازيغية، كانت وجهتها الأولى مقر جريدة «العالم الأمازيغي» وفي «العالم الأمازيغي» كان مناضلو الأمازيغية يحطون الرحال أول الأمر. كل هذه الأشياء ساعدتني شخصيا على معرفة القضية الأمازيغية عن قرب من خلال العلاقات التي نسجتها مع رواد ومناضلي الحركة الأمازيغية.
أن تكون واحدا من هيئة تحرير «العالم الأمازيغي» قبل عقدين من الزمن، معناه أن تكون حضرت، أو على الأقل تكلفت بتغطية نشاط أو لقاء من اللقاءات الأولى قبل تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقد واكبت الجريدة بعد ذلك كل صغيرة وكبيرة فيما يخص الجدل والنقاش الكبير، الذي دار حول حرف كتابة الأمازيغية والذي انتهى بتحكيم ملكي، وترسيم تيفيناغ.
كما أن «العالم الأمازيغي» كانت تقريبا المنبر الوحيد الذي تابع عن قرب عدد من مبادرات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغي منذ ولاية سي محمد شفيق، خاصة الاتفاقيات التي أبرمت في هذا الشأن، وفي مقدمة هذه الاتفاقيات تلك التي كانت مع وزارة التربية الوطنية حين كان الإتحادي لحبيب المالكي يرأسها سنة 2003.
بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من الإتفاقيات مع قطاعات أخرى، مع وزارة الإتصال خاصة مع سي نبيل بنعبد الله حين كان وزيرا للإتصال. هذه من الأمور التي قلصت المسافة بيني وبين الموضوعات التي كانت «العالم الأمازيغي» توليها أهمية قصوى، ناهيك على الإهتمام الذي كانت الجريدة تعطيه للمبادرات وأنشطة الجمعيات الأمازيغية بكل جهات البلاد، ويتجلى هذا الاهتمام في الحوارات التي أجراها صحافيو الجريدة مع رؤساء وأعضاء هذه الجمعيات.
وقد شكل مجال الكتابة في الشأن الأمازيغي بالنسبة لي نوعا من التخصص، حتى أني اعتمدت على معرفتي واطلاعي على تفاصيل القضية الأمازيغية، والنقاشات المحتدمة آنذاك والاختلافات في التصورات والطروحات حول اللغة والثقافية الأمازيغيتين في المقترحات التي تقدمت بها لطلب العمل في منابر وطنية أخرى، منها «الرأي المغربية»، التي انتقلت إليها بعد التجربة في «العالم الأمازيغي» وبنفس المقترح، تم قبولي للاشتغال ضمن طاقم جريدة «العلم».
أن تكون مررت بتجربة «العالم الأمازيغي» معناه أن تكون قد تعرفت مثلا على المؤرخ المغربي المرحوم علي صدقي ازايكو. وهي مناسبة لأقول إن المرحوم أزايكو، حسب ما في علمي، كان يرفض التعامل مع نوع من الصحافة أو توع من الإعلام لأسباب يعرفها سي أزايكو رحمه الله بنفسه، لكن تعامله معي كان من نوع آخر، واستضافني في منزله بإحدى أزقة حي أكدال بالرباط، وكان آنذاك في وضع صحي حرج، وأجريت معه حوار مطولا باسم «العالم الأمازيغي»، وكانت أجوبته مكتوبة بخط يده. رحم الله أزايكو.