تحتفل بعض قبائل سوس العالمة منذ قرون مضت، بموسم “إدرنان”، التي يقال أنها تعود إلى الوالي الصالح سيدي الحاج علي أوعجلي بإقليم تيزنيت، والتي هي مهد هذه العادة، والتي روي عنها أنها كانت مبادرة للصلح والتصالح والمصالحة بين قبائل كان يقاتل بعضها البعض، رغم رابطة الدم والمصاهرة.
وهذه العادة كانت السبب في وقف هذا التقاتل بعدما اقترح هذا الوالي الصالح إجتماع قادة هذه القبائل ، وتناولوا وجبة الطعام ، واتفقوا على تبادل الزيارات استمرت ثلاثة أشهر كاملة وهي مدة عادة “إدرنان” بسوس العالمة.
وتشمل عادة “إدرنان” ، قبائل أشتوكن ( أيت صواب ، ودوار واحد بسيدي عبد الله البوشواري) وجميع قبائل إقليم تيزنيت ، وتبتدئ من يناير الفلاحي الأمازيغي إلى نهاية مارس الأمازيغي، وتقام أيام الخميس والجمعة في الأسبوع.
عادة “إدرنان”، لها طقوس وعادات تختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أن القاسم المشترك هو وجبة ” أوويل” بوزروگ، الذي يعاد بأرگان واللفت البلدي، وإدرنان وهي عبارة عن “السفنج” ” والبغرير الرقيق جداً” تقدم للضيوف والعائلة مع الشاي أو القهوة ، إضافة إلى زيارة المقابر ببعض القبائل ، وإقامة معاريف لإطعام الطعام ، تنتهي بحفلات فنية في أماكن عمومية لفرجة جماهيرية للجميع.
وللاطفال حصتهم في الإحتفال ب”إدرنان” عبر جولة يقوم بها الأطفال ، حول الدوار، يجمعون لدى العائلات والاسر ما تيسر من الأطعمة والفواكه الجافة، واللحوم والبيض، يرددون أشعار معروفة ومتوارثة عبر الأجيال ، تمزج بين الدعاء وطلب الغيث والبركة ، يعدون من خلالها بالمسيد وجبة يتناولونها بينهم في حرية تامة وبدون حضور كبار السن.
ومع وجود جمعيات المجتمع المدني بهذه المناطق، يتم الاحتفال بهذه المناسبة العرفية الكونية، عبر ندوات ولقاءات وامسيات فنية، وتشكل هذه العادة المادة الأساسية لها.
إلا أن هذه العادة السوسية بإمتياز ، تحتاج إلى تثمين واعتراف وطني، وتوسيع رقعة الإحتفال في إطار التراث اللامادي الوطني ، الذي تزخر به سوس العالمة، وتحرم منه بقية ربوع المملكة المغربية ، وهذا تقصير من الدولة التي لاتستغل مكونات الموروث الثقافي المغربي الغني والمتنوع.
وأتسأل لماذا لم يتم إعتبار عادة إدرنان ، عادة وطنية يحتفل بها الجميع ؟ ولماذا الاقتصار فقط على المناطق التي عرفت النشأة واحتضان العادة ؟ أليست مسؤولة الدولة الاعتراف بهذه العادة، وتثمينها ، وتوسيع الإحتفال بها ، وإعادة الاعتبار لها في إطار تثمين الموروث الثقافي؟.
إنها فرصة للدولة المغربية من أجل الاستثمار الصحيح في مجال السياحة الثقافية والفنية والفكرية سيعود بالنفع عليها وعلى مستقبلها في ظل منافسة دولية في هذا المجال.