إذا خرق الدستور فالحرمة في مهب الريح !!!

image002-1

بقلم: محمد البوسعيدي

يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال، ما معناه، أنه فعل شيئا في الجاهلية كلما تذكره أضحكه، وهو أنه كان يصنع إلهه (أي صنمه) من التمر ويعبده، ولكن حين يجوع يأكله. وبما أن العبرة غالبا ما تكون بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلقد وددت إسقاط الفعل على القوانين والدساتير الوضعية التي يبدعها الإنسان لتدبير أمور دنياه بتصويت ألفناه غالبا ما يتجاوز 90% مرفوقا بالإعلام المطبل، ثم سرعان ما ينقلب عليه واضعوه بعد انجلاء ظروف وضعه، أو حين يكتشفون تسرعهم أثناء الصياغة، ليدبروا الأمر بالحكمة المشهورة “كم من حاجة قضيناها بتركها”، وبذلك تكون الدولة قد خرقت ميثاق التعاقد بين مكونات المجتمع، حين تعطل العمل ببنود الدستور الذي ادعت تبنيه من أغلب الشعب، ضاربة إرادة المصدقين بعرض الحائط.

وددت ان أستهل بهذا الانطباع المدمر لعواطفي وأنا أتتبع خرق الدولة لأحد بنود دستورها، دون خجل من مواطنيها ولا من المنتظم الدولي الذي يقيس قيمة الأمم في مدى احترام قوانينها. ولكي لا أبدو مندفعا أو مبالغا في حكمي، سأسرد الفصل 86 من الدستور الذي يؤكد بالملموس، خرق وخيانة مؤسسات الدولة المغربية لهذا الفصل من الدستور المغربي الذي ينص على أن “مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور تعرض وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور”. أي أن الدستور يلزم كل مؤسسات الدولة المغربية بتفعيل كل القوانين التنظيمية بما في  ذلك ترسيم الأمازيغية عبر قانون تنظيمي حدد الدستور مدة صدوره في فترة الحكومة المنتهية ولايتها.

إلا أن النوايا انفضحت وانكشفت دسائس الحقد المضمر، لتؤخر الحكومة عمدا هذا القانون إلى آخر أيامها حتى لايبقى الأجل القانوني لعرضه على البرلمان ليصبح قانونا ساري المفعول بعد خروجه في الجريدة الرسمية، لأنه وبكل برودة دم لم يعد هناك برلمان ليعرض عليه، اخترت لهذا الفعل المشين اسما جميلا وهو “الذكاء البليد”، أمر له في رأيي تداعيات متعددة، من ضمنها: الإخلال ببنود التعاقد أمر عادي، التفعيل خاضع لهوى نفس المفعِّل، الإيمان ببعض البنود والكفر بالباقي أمر لا حرج فيه. لأتساءل من جديد، أيستحق الدستور الذي خرق الاحترام؟ أوَلم يخجل من يقول أن الدستور يكفل الانتخابات وهو يخون أهم بنوده؟.

الخلاصة أنه حين يغيب القانون بين ابناء البشر يبدأ قانون الغاب، هكذا صنعوا الإله الصنم ثم أكلوا أحد أطرافه، ليس جوعا وإنما حقدا. ولكن هيهات، هيهات.

 

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *