بعد العديد من المرجعيات الأساسية و القانونية والتشريعات، والمقتضيات على رأسها مقتضيات الدستور الصادرة في حق تدريس اللغة الأمازيغية كلغة رسمية بجانب اللغة العربية وارث مشترك بين جميع المغاربة بدون استثناء مند سنة 2011 بعد هذا الاعتراف التاريخي تم الشروع في تدريس اللغة الأمازيغية ببعض المدارس الإبتدائية المغربية كأول تجربة فعلية ميدنية، مما أدى إلى تحقيق نتائج جد إيجابية، وتسجيل إقبال كبير لدى التلاميذ سوء الناطقين والغير الناطقين.
وهذا يحيل بكل وضوح على أن تعليم اللغة الأمازيغية كلغة جديدة تساعد الفئة المستفيدة بشكل أساسي في اكتساب القيم والمعارف والمهارات والكفايات التي تؤهلهم للإندماج في الحياة العامة، واتخاذ مواقف ايجابية خالية من الحقد والكراهية تجاه القرين، وكدا بناء علاقة انسجام وتكامل بين التلاميذ.
إن تدريس اللغة الأمازيغية لا يحافظ عليها فقط كلغة أو منظومة قيم بل يساعد ايضا على استدماج أنظمة قيمية أخرى، وخلق فضاءات للتفاهم والتفاعل والإنسجام، والتلاحم البيثقافي المبني على إحترام وتقدير وقبول الأخر، لكن بالرغم كل هذه النتائج التربوية الإيجابية التي حققت في تدريس اللغة الأمازيغية داخل الفضاء المدراسي ماتزال جل التلاميذ بالعديد من المدارس محرومة من الإستفادة من تعلم هذه اللغة بسبب عدم تعميمها أفقيا وعموديا بجميع بالمستويات الابتدائية داخل المدرسة المغربية لتحقيق تعليم ديمقراطي متوازن خالي من الحيف والتميز في مواد التدريس.
من هذا المنطلق يستوجب على وزارة التربية الوطنية إعادة تنزيل استراتيجية جديدة حول تعميم اللغة الأمازيغية بالتعليم الإبتدائي كما جاء في القوانين التنظيمية رقم 26_16 المتعلقة بشأن تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وادماجها في مجال التعليم بالحرف دون التملص والتعثر والضرب في مشروعية اسمى وثيقة في البلاد، حينما نتحدث عن التعميم أفقيا وعموديا نقصد تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في جميع المستويات وجميع المدارس المغربية بدون استثناء، لابأس أن نذكر بعض العوائق التي يقال أنها تقف حجرة عفرة في مسار تعميم اللغة الأمازيغية، لكن في حالة وجود نية سياسية صافية لدى الوزارة في تنفيذ مشروع التعميم.
أولها أن تنزيل هذا المخطط الشمولي ” التعميم ” سيكلف الوزارة الوصية ميزانية باهضة في تدبير الموارد البشرية اضافة اشكالية قلة خريجي اللغة الأمازيغية في الجامعات المغربية وغيرها من العوائق… كلها مجرد مشاكل بسيطة قابلة لحلول ناجعة وفعلية بتكلفة أقل مما تتصور الوزارة الوصية.
جدير بالذكر في كل سنة مند سنة 2017 إلى حدود الساعة توظف الوزارة الوصية عن القطاع أزيد من 150 إطر تربوي متخصص على الصعيد الوطني لتدريس اللغة الأمازيغية، لكن دون تحقيق ولوا أربعة في المئة في مشروع ” التعميم” لا أفقيا ولا عموديا رغم كل هذه المخططات والاستراتيجيات المعتمدة مند عقود، على هذا الأساس سأقدم جملة من التوصيات والتوجيهات المتواضعة التي بإمكانها أن تساهم في تعميم اللغة الأمازيغية بالتعليم الإبتدائي والإعدادي وحتى الثانوي.
إن أول الخطوات التي ستتخذها الوزارة في تحقيق نجاح التعميم الشمولي للغة الأمازيغية في جميع المسالك و المدارس المغربية بدون اسثتناء.
الشروع في تنظيم دورات تكوينية للأساتذة وأستاذات التعليم الإبتدائي سوء الناطقين أو الغير الناطقين من أجل التمكن من القواعد النحوية والصرفية والإملائية.
اتقان منهجية تدبير مكونات المنهاج الدراسي الجديد والوقوف على بعض الظواهر التربوية الناتجة عن أهمية تدريس اللغة الأم للتلميذ، و التجارب الميدانية داخل الحجرات للإطلاع على النتائج الإيجابية الصادرة من تدريس هذه اللغة من قيم أخلاقية وتربوية، بناء على هذا يمكن تكليف هذه الأطر لتدريس اللغة الأمازيغية حسب الجدوال الزمني الحالي المعمول به مع أساتذة اللغة الأمازيغية 3 ساعات في الأسبوع،
تحويل الفئة المتخصصة في اللغة الأمازيغية للتدريس في الإعدادي والثانوي بهذه الاستراتيجية سنتمكن من تعميم تدريس اللغة الأمازيغية أفقيا وعموديا وفي جميع المستويات بتكلفة أقل في ظرف وجيز و تحقيق النتائج المرجوة في صفوف المتعلمين والمتعلمات.
* أستاذ وباحث في الثقافتين الأمازيغيتين