وقع وزيرا خارجية المغرب وإسرائيل في الرباط اليوم الأربعاء اتفاقات لاستحداث آلية تشاور سياسي بين البلدين وأخرى للتعاون في مجالات الثقافة والرياضة والخدمات الجوية، وذلك خلال أول زيارة رسمية لمسؤول اسرائيلي رفيع المستوى بعد تطبيع العلاقات بين البلدين نهاية العام الماضي.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي مائير لبيد إن هذه الاتفاقات “من شأنها أن تجعل أبناءنا يعيشون في عالم أفضل”، مشيدا بآفاق التعاون و”الصداقة والسلام في المنطقة” التي يفتحها تطبيع العلاقات بين بلاده وبلدان عربية بينها المغرب.
ووقع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الاسرائيلي “مذكرة تفاهم لإحداث آليات للتشاور السياسي واتفاقيتين تتعلقان بالتعاون في مجال الثقافة والرياضة والشباب والخدمات الجوية”، وفق الحساب الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية المغربية في موقع تويتر.
وقال الوزير بوريطة إنه تطرق خلال مباحثاته مع لبيد في مقر الوزارة بالرباط إلى الوضع في الشرق الأوسط وآفاق السلام، موضحا موقف المملكة الداعي إلى “ضرورة الخروج من الجمود الحالي واستئناف المفاوضات”.
وأضاف “هناك اليوم حاجة ماسة للبدء في إجراءات لإعادة بناء الثقة والحفاظ على الهدوء لفتح أفق سياسي للنزاع الفسلطيني الإسرائيلي”.
وفي حين لم يشر الوزير الإسرائيلي في كلمته إلى الملف الفلسطيني، شدد على أهمية تطبيع العلاقات مع بلدان عربية “تظهر أن شيئا ما يتغير في المنطقة”، ونوه إلى عمق الروابط الثقافية بين المملكة والإسرائيليين من أصول مغربية.
وكان المغرب رابع دولة عربية تطبع علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة العبرية برعاية أميركية العام الماضي بعد الإمارات والبحرين والسودان.
جاء ذلك في إطار اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولايات المتحدة الأميركية في ظل إدارة الرئس السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو.
وكشف بوريطة الأربعاء أن 10 اتفاقات تعاون أخرى جاهزة للتوقيع، مشيرا أيضا إلى تحديد مشاريع للتعاون في مجالات البحث العلمي والسياحة والزراعة والطاقة.
ويرتقب أن يفتتح الوزير الإسرائيلي رسميا الخميس تمثيلية دبلوماسية لبلاده في الرباط.
ويضم الوفد المرافق له كلا من وزير الرفاه الاجتماعي مئير كوهين ورئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية رام بن براك، وفق ما قالت الاذاعة الاسرائيلية “كان” بالعربية.
ومن المتوقع أن يزور لبيد ومرافقوه كنيس بيت إيل في الدار البيضاء.
وكانت الرباط استضافت مطلع تموز/يوليو مشاورات بين مسؤولين في وزارتي خارجيتي البلدين حول تطوير العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والثقافية.
وتأتي زيارة المسؤول الإسرائيلي بعد صدور تقارير في يوليوز في عدة وسائل إعلام دولية تتهم المغرب باستعمال برنامج “بيغاسوس”، الذي طورته شركة “ان اس او غروب” الاسرائيلية منذ 2016، بهدف القيام بعمليات تجس س محتملة تستهدف هواتف نشطاء وصحافيين وسياسيين مغاربة وأجانب.
ونفت الرباط بشدة هذه الاتهامات كما رفعت شكاوى قضائية بتهمة “التشهير” ضد ناشريها في فرنسا وألمانيا واسبانيا.
ولم يشر أي من وزيري خارجية البلدين إلى هذا الموضوع خلال تصريحهما الصحافي الأربعاء.
قبل صدور تلك التقارير، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقا للتعاون في مجال الدفاع السيبراني، وفق ما أعلنت إدارة الأمن السيبراني الإسرائيلية على فيسبوك في يوليوز.
يشمل برنامج الوفد الإسرائيلي أيضا لقاء مع وزيرة السياحة المغربية نادية فتاح العلوي، وفق مصدر دبلوماسي مغربي.
وانطلقت رحلات تجارية مباشرة بين البلدين ابتداء من 25 يوليوز، بعدما ظل السياح الإسرائيليون ومعظمهم من أصول مغربية يزورون المغرب عبر رحلات جوية غير مباشرة.
يضم المغرب أكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا تعد نحو ثلاثة آلاف شخص، فيما يعيش نحو 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل.
في المقابل تعلن هيئات سياسية معظمها من الإسلاميين واليساريين معارضتها لاتفاق التطبيع منذ توقيعه، معتبرة أنه “خيانة” للقضية الفلسطينية.
ونددت “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” التي تضم مجموعة من تلك الهيئات في بيان بزيارة لبيد، وقالت إنها “إساءة في حق المغرب والمغاربة وطعنا في حق فلسطين وشعبها”.
وأقام البلدان علاقات دبلوماسية من خلال مكتبي اتصال في الرباط وتل أبيب عقب توقيع اتفاق أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين العام 1993. لكن المغرب قطع هذه العلاقات رسميا بعد الانتفاضة الفلسطينية العام 2000.
ويعتبر الفلسطينيون اتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل “خيانة”، ويدعون إلى حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني قبل أي تقارب.
وأكد الملك محمد السادس الذي يرأس لجنة القدس في عدة مناسبات بعد التطبيع مع إسرائيل استمرار دعم القضية الفلسطينية على أساس المفاوضات من أجل حل الدولتين.