لم يتوقع أحد من قبل أن تشهد صحراؤنا المغربية هذه الدينامية الدبلوماسية السريعة والناجحة، حيث كانت سنة 2020 نقطة سوداء على العالم أجمع بما فيهم المغرب، بسبب تفشي وباء كورونا الذي جعل معظم المغاربة يعيشون حالة من التأزم النفسي والاقتصادي، إلا أن الحركية السياسية التي تعرفها بلادنا خاصة الأقاليم الجنوبية أنست المغاربة كل هذه الهموم والأحزان، وذلك لما يشكله ملف الصحراء المغربية من حساسية لديهم.
فمنذ العام الماضي والأقاليم الجنوبية للمملكة، تعرف افتتاح قنصليات العديد من الدول عبر العالم منها الاقريقية والعربية وكذلك أمريكيا التي تعتزم هي الأخرى فتح قنصليتها بمدينة الداخلة المغربية بعد اعترافها مؤخرا بالصحراء المغربية ورسم خارطة جديدة كاملة للمملكة المغربية بصحرائه، وقد كانت دولة جزر القمر أول من بادرت إلى فتح قنصلية لها بأقاليمنا الجنوبية، لتشكل بذلك منعطفا جديدا نحو الاتجاه لحسم هذا الملف الذي طال أمده، والذي استنزف من الدولة الشيء الكثير، لتتقاطر الدول الفاتحة لقنصلياتها اتباعا، منها : الكوت ديفوار، هايتي، الإمارات العربية المتحدة… حيث وصلت عدد القنصليات التي دشنت بالصحراء المغربية أكثر من 18 قنصلية، بالإضافة لدول أخرى عبرت عن نيتها في الحدو على نفس النهج الذي سلكته سابقاتها، مما يزيد من قوة المقترح المغربي، والمتعلق بالحكم الذاتي على أقاليمه الجنوبية.
كما أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، شكل صفعة كبيرة وقوية للجبهة المزعومة ولكل من يقف وراءها، ما جعلهم يصمتون صمت المنهزم، وإن أبدو أي ردة فعل ينبحون قليلا ثم يعودون إلى غيهم، حيث ما فتئت عصابة البوليساريو تطلق بيانات وبلاغات كاذبة وفارغة من المحتوى، تحاول من خلالها امتصاص الغضب الشعبي الذي تعرفه مخيمات تندوف، حيث يشكل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتهية ولايته، توجها حاسما في قضية الصحراء المغربية، ويعتبر انجازا دبلوماسيا غير مسبوق، وفي حال حافظ الرئيس المنتخب جو بايدن على السياسة الجديدة التي سنها ترامب (وهو السيناريو القريب للواقع) فسيكون لذلك تأثير كبير على العملية السياسية الأممية، وقد يدفع دولاً أخرى إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، ما سيعمق العزلة الدبلوماسية لكل من الجزائر والبوليساريو.
من جهة أخرى سيشكل الاعتراف بمغربية الصحراء حافزا قويا ومهما لباقي دول العالم خاصة العظمى في السير على نهج ترامب، للاعتراف بالصحراء المغربية، وربما تعلنها فرنسا لأنها تدرس ذلك، وإلى جانب ذلك من المتوقع أن يحتدم الصراع الإعلامي بين المغرب والجزائر، وبالرغم من كون هذه الأخيرة تعرف مشاكل كبيرة وتوثرا على مستوى سياستها الداخلية إلا أنها لا تكف عن مناصرة عصابة البوليساريو التي فقدت كامل صلاحياتها .
اسماعيل المالكي