صدرت مؤخرا عن دار النشر مكتبة سلمى بتطوان، رواية “إنجيل الأمازيغ” للكاتب عبد الله لحسايني، وهي رواية تعتمد سرد الأفكار والرؤى بتزاوج مع سرد الأحداث، عنوانها غير المعتاد يحيل إلى أسئلة أكثر مما يجيب عنها، فقارئ العنوان يتخيل لأول قراءة احتمالات منها أن يكون الكتاب يعرض نفسه ككتاب مقدس جديد ولو على سبيل المجاز. خصوصا أن العنوان يذيل بعنوان إضافي ” العهد الأخير” .
هذه الإضافة التي تحمل غموضا أكثر مما قد تشرح. فهل يقصد بالعهد الفترة الأخيرة أم المعاهدة على غرار تسمية باقي الكتب المقدسة. وهنا تأتي نسبة الأمازيغ للإنجيل لتزيد القارئ حيرة. فهل سيتحد الكاتب عن معلومات تاريخية حول وجود إنجيل أمازيغي ؟ أم أنه مجرد تخيل لكتاب قومي لا وجود له في التاريخ ؟ أم أنه سيبلور في إطار الأدب الروائي حججا لإمكانية وجود هذا النص المقدس المحلي ؟
“”بشيم إيل حآمون ياكوش يشو ذي زمان ءوامان.”
هذا ما دبج بالورقة مع توقيع وختم مقابله اسم “ءرس أمقداش”. وأوله كما يلي:
باسم إيل -أي الإله-، حامون -والذي هو ترجمة أمازيغية” مقتطف من الرواية.
إن فكرة وجود إنجيل للإمازيغ في الفترة المبكرة للمسيحية هي فكرة غير مستحيلة وإن كانت الأدلة عليها غير متوفرة. ولأن انعدام الدليل ليس دليلا على انعدام الوجود فالحجة الأدبية قد تدعم الإرادة العلمية في البحث التاريخي في هذا المنحى.
لكن هل يبدو هذا الهدف الأسمى للكتاب؟
إن إصرار الكاتب على وضع تجنيس محدد لمؤلفه يجعل القارئ أمام إلزامية الخضوع لقوانين وأعراف هذا الجنس. فالجنس الروائي لا يمكن بحال أخذ معطياته على محمل التقرير المباشر حتى لو أقر الكاتب بذلك صراحة. لأن ما بين دفتي الرواية رواية.
وما يطبع الرواية ويزينها المجاز وخلق عالم خاص بها. ففي السرد والحلم كما في الحب والحرب كل شيء مباح. وفي السرد والحلم لايبقى مجال للغة التقرير ويلزم القارئ إلزاما بالاستعانة بترجمان التأويل.
“إنجيل الأمازيغ” العهد الجديد يبدأ بآية من انجيل متى قد تلخص كل الكتاب. تقول الآية : ” فرأى يسوع صياديْن، فقال : اتبعاني اجعلكما صيادي بشر ..فتركا شباكهما في الحال وتبعاه.” فهو يحكي عن شخص تدرج في التعرف على العقائد واستأنس بمبادئ العلوم فسخر الفيزياء الكمومية للالتحاق بعالم لا هو بالماضي ولا بالحاضر بل كما سماه “عالَم المستقبل الاحتمالي”.
” منسلا إلى إحدى جنبات الزاوية، فكر في المزاوجة بين التركيز التأملي البوذي وبين الحضرة لعله يحصل على قمة الانسجام الصوفي.. وتحقيق التعويذة الالكترونية.” مقتطف من الرواية.
كانت رغبته السفر الزمني لمعايشة أصحاب المذاهب (الهرطوقية) المعارضة للكنيسة الرسمية بعد اكتشافه لمخطوط في إحدى أضرحة الأولياء يتحدث عن مضامين مسيحية بلغات مختلفة في نفس النص ضمنها الأمازيغية.
هذه المحتويات اللاهوتية مختلفة عن ما يتداول في المسيحية الرسمية مما يجعل البطل يعتقد في وجود انجيل أبوكريفي “خفي” للأمازيغ على غرار الأبوكريفيات الأخرى كإنجيل المجدلية أو الطفولة.
” – أليس عجزا يا نيافة القس أن لا يستطيع البيان إلا بغيره؟..
– كلا.. ليس عجزا.. بل هي طبيعة الأشياء….
– وهل يستطيع الفأر أن يحمل جملا؟ كيف يحمل يسوعُ الآبَ بعظمته؟
– أرأيت تلك الفجة التي تمر منها الشمس؟ ألست ترى كرة الشمس عبرها؟ ” مقتطف من الرواية.
وتنطلق المغامرات بين طيات الرواية، لكن الذي يميزها هو توحد بطل الرواية مع بطل رواية سابقة لنفس الكاتب”بطاليوس عاد إلى مقدونيا”. وكأنها جزء ثان منها. وفي غمرة اكتشاف لاهوت المذاهب والأديان يتجسد أبطال الرواية الأخيرة ويتصارعون لمحق تدخل الكاتب في مصائرهم في خروج على المألوف في الكتابة السردية.
يتحقق للراوي ما يريد ويصل العالم المنشود لكن صدمته لم يوازها إلا الأحداث الجديدة التي تعرضت له . لأن الشخصيات التاريخية ودودة فقط حينما تكون أصناما تاريخية. “أما حين تصبح ضمنهم، وسيسري عليك عدوانهم” سيظهرون ببشاعتهم وعنفهم المعتاد.
والأكثر إثارة من التفاصيل التي تلت هذه الفقرة من الرواية السؤال الذي لا ينفك يراود الكاتب الداخل لهذه المتاهة-الرواية. هل هو بصدد حكاية عن كتاب مقدس أم هو يقرأ الكتاب نفسه على اعتبار أن الكتب المقدسة ماهي إلا سرديات لأحداث ابطالها المتنبئين والمقدسين. إذ أنه يعرض شريعة خاصة صححت مفاهيم العقيدة الإسرائيلية المسيحية “المحرفة” وشرحت مقاصدها الإنسانوية. لكنه في خاتمة الكتاب يتحدث عن نهايته وما بعد نهايته كما تحدث موسى عن نهايته في التوراة.
وينبئ بالمجددين الذين سيقومون ما سيتعرض له كتابه من تحريف المبطلين. في إيحاء بجدلية التحريف والتصحيح لكن بمفهوم غير لاهوتي هذه المرة.
” سنسبح تحت الأمواج ونتعانق في أمان، دون أن يرانا أحد.. لكن ما شأن هذا “الأحد” بنا.. إن كان الرب لا يتدخل ويوقف عناقنا أو يغلق صفحات روايتنا .. فلماذا يسكن المجتمع تحت ملابسنا.. يريد أن يعلم ما نخفي وما نعلن.. بل ويقرر ما نخفي وما نعلن. ألا يمكن الفكاك منك أيها الغول الجاثم على الأنفاس؟” مقتطف من الرواية.
صحيح أن الرواية موجهة للنخبة، لكن الطابع الساخر من الواقع. والمتنوع الأبعاد المعرفية بها يضمن للعامة متعة تعوضهم عن عدم الاستيعاب للمضامين اللاهوتية والفلسفية التي تؤسس لخطاب الرواية.
“وجدتها أوريكا.. الآريوسي كان يقصد أن بولس حرّف تعاليم اليهودية لأجل التركيز على الإنسانية، لا على القبيلة. كان يعلم ومعه الطائفة الأبيونية والنصارى أن المسيح إنما جاء لخلاص خراف بني إسرائيل. لكن ضميره أبى أن ينزل الرب من جديد لخلاص فئة صغيرة” مقتطف من الرواية.
قراءة في رواية “إنجيل الأمازيغ” للكاتب عبد الله لحسايني
الشباب الأمازيغي خدع بأبواق قناة الجزيرة و الإعلام التعريبي.كل مرة يقدمون علماء غير عرب و يسندونهم لعروبتهم العرقية فقط لأنهم استعملوا اللغة العربية في إنتاجاتهم المعرفية.لاكن القليل يعرف ان ما يسمى باللغة العربية اليوم هو نفسه غير عربيي. لأن الحرف هو كوفي من اصل نبطي- ارامي بذون قواعد و لاتشكيل ولا تهميز ولا تنقيط ولا ألف المد.حتى وضع سبويه الفارسي اللغة الفصحى بعد موت النبي بحوالي 170 سنة. اللسان العربي عدة لهجات والحرف المستعمل عند العرب آنذاك هو الثاموذي في مكة والمدينة والسبائي في اليمن. ابن سيناء،عباس إبن فرناس،إبن بطوطة،الفرابي،البخاري،الإمام مسلم،أبو داوود،النسائي،الإمام الترمذي،الإمام إبن ماجة،سبويه،أبوبكر الرازي،صلاح الدين الأيوبي،محمد الفاتح،الخوارزمي،طارق بن زياد، ابن البيطار، ابن منظور،ابن رشد،ابن حزم .هؤلاء كلهم أتراك، فرس،أمازيغ،أو أكراد.ناهيك عن منجزات الأبطال الرياضية والأساتذة والباحثين الذين مازال الإعلام العربي يسندهم لنفسه. ماذا بقي للعرب والتعريبيين غير السرقة والتزوير.