حيدر عمر – مؤلف وباحث كوردي: إنه لشرف كبير
تلقيت دعوة، للمساهمة، بل لمشاركة الشعب الأمازيغي الصديق في الاحتفال بمرور عقدين من الزمن على صدور جريدة «العالم الأمازيغي». فقلت بيني وبين نفسي، ربما يتساءل أحد: ما الجامع بين الكورد والأمازيغ ليتلقى باحث كوردي هذه الدعوة وهو على بُعد آلاف الكيلومترات؟.
نعم يا صديقي ربما يرد إلى ذهنك مثل هذا التساؤل، لأنك تجهل ظروف الشعبين. ومن حقك عليَّ أن أضع بين يديك بعض المشتركات مما بينهم.
النسبة الغالبة من كلا الشعبين تدين بالإسلام، ومحرومان في الوقت نفسه من تعاطف المسلمين معهما فيما يتعرضان له من إنكار هويتهما، وما يجره عليهما هذا الإنكار من تبعات ظالمة. وحين أقول الإسلام، فأنا أقصد العرب بالدرجة الأولى.
كلا الشعبين قدما للإسلام خدمات جليلة عجز غيرهما عن تقديمها منذ مئات السنين وإلى اليوم. وإن سألتني متى وأين؟ أقل لك أليس طارق بن زياد الأمازيغي هو الذي فتح الأندلس، ومهَّد لنشر الإسلام والثقافة الإسلامية والعربية فيها؟ أليس صلاح الدين الأيوبي الكوردي هو من حرَّر القدس فيما مضى، وكثيراً ما يُتردَّد على الألسن اليوم بين الشعوب الإسلامية عامة والعربية خاصة، مقولة (نحتاج إلى صلاح دين آخر لتحرير القدس ثانية)؟.
أليس ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع في العالم أمازيغياً؟ وهل سمعتَ باسم المخترع بديع الزمان بن الرزاز الجزري (1136 – 1206م)، الذي يعتبَر من أعظم المهندسين والكيميائيين والمخترعين ليس في العالم الإسلامي فحسب، بل في العالم أجمع، بفضل اختراعاته من مثل آلات رفع المياه والساعات المائية ذات نظام التنبيه الذاتي والآلات الهيدروليكية وصناعة أول روبوت بدائي في العالم، وغيرها الكثير مما تحدث عنه في كتابه (الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحِيَل) الذي قال مترجمه إلى اللغة الانكليزية المهندس البريطاني دونالد هيل «لم تكن بين أيدينا حتى العصور الحديثة أية وثيقة من أية حضارة أخرى في العالم، فيها ما يضاهي ما في كتاب الجزري من غِنى في التصاميم، وفي الشروحات الهندسية المتعلقة بطرق الصنع وتجميع الآلات». والذي تُرجم إلى اللغتين الإيطالية والألمانية أيضاً، بينما لم يزل مخطوطاً عربياً لم يُطبع حتى الآن.
كلا الشعبين يتعرض لسياسة التعريب الممنهج، من خلال منعه من حقوقة الثقافية، ومنع تداول لغته الأم، وما يترتب على ذلك من مآس، تبدأ من محاولة غرس الشعور بالدونية في نفوس أبنائه، ولا تنتهي عند ضياع أو قل تضييع هويته.
كلا الشعبين يعانيان من تجزئة وطنه بين دول عديدة، تستفيد من خيرات أرضه التي تحتوي على خيرات ظاهرة على سطحها وباطنة في جوفها.
أكتفي بما تقدم، وهو غيض من فيض، وأقول، إنه لشرف كبير لي أنا الكوردي العفريني، أن أُدعى لمشاركة الكُتَّاب والمفكرين والصحفيين الأمازيغ في احتفائهم بمرور عشرين عاماً على صدور جريدتهم الغرَّاء «العالم الأمازيغي»، وأتمنى لهم ولها دوام الاستمرار والنجاح والتألُّق.