صدر للشاعر الأمازيغي المغربي عبد السلام نصيف ديوان “إيكيك ن تايري د أورشاش ن توجوتين” في حلة جميلة ، وقد جاء الديوان في 189 صفحة من الحجم المتوسط ، في طبعته الأولى يناير 2019م، ولقد جاء العنوان جملتين اسميتين معطوفتين وهما في الحقيقة عنوانان يتقاسمان الشعر الوارد في الديوان ، هذا الأخير الذي يمكن اعتباره ديوانيْن ، الأول ” إيكيك ن تايري” ويتألف من 100 صفحة، والثاني”ئارشاش نتوجوتين” ويألف من 68 صفحة ، وما تبقى من الديوان خصه الشاعر لحِكَم وأمْثال.
الديوان يحمل نظرات الشاعر إزاء المجتمع وما يجري فيه من علاقات وتناقضات تجعله يتأثر ويتفاعل معها كي ينسج حولها قصائد أعتبرُها شخصيا أقربَ إلى الحكمة وأخذ العبرة من منزلقات الحياة وصراعاتها.
وقد كان لي الشرف في قراءة جل أعمال هذا الشاعر الذي عرك الحياة وعركته فصار خبيرا بعقباتها بحلوها وبمرها ، وهو في شعره يشبه الناصح والواعظ الذي اتخذ رحلاته واحتكاكه بأكثر من مجتمع فصار حكيما كونته التجربة والسياحة في أرض الله الواسعة ، وهو يقر بأنه من خريجي مدرسة الشارع ، ونحن معه لكون الشارع وما يحمله من وقائع ومجريات يومية كفيل بأن يجعلنا نكتسب الكثير من الأمور المتعلقة بالأسباب والمسببات والنتائج والمآلات المتعلقة بأمور الحياة.
وقد سبق أن قلت عن الشاعر بأنه شاعر وثيق الصلة بفن القول والصياغة الفريدة لترجمة الإيحاءات إلى تجربة شعرية متفردة ، فهو يحاول أن يفيدنا بشعره المفعم بحكم منبعها الاحتكاك بالواقع ، والاستفادة من الوقائع قصد الإعداد للمتوقع والمنتظر …وبقراءة دواوينه نقف على اتجاهه الذي يميل إلى نقل وجهة نظره حول قضايا كثيرة تعج بها كل المجتمعات الإنسانية ، إنه يحاول أن يعود بالشعر إلى نفعيته ووجاهته في خضم واقع يشهد ضحالة الكلمة وفقر الصياغة وسطحية الدلالة والمعنى…فكثير من الأشعار المتغنى بها لا تحمل من تجارب الحياة ما يستحق أن يذكر…فما هي سوى تكرارات لكلمات جوفاء تحتاج إلى حمولة تخلدها ولو إلى حين.
أما ما يكتبه عبد السلام فيحمل من القيم الكثير عبر إبداعية التركيب والالتزام بالإيقاع المناسب لكل قصيدة على حدة… » 1ص 64.
الديوان مفعم بالصور الجميلة الحاملة للتأملات التي تمليها العلاقات الإنسانية على الشاعر فيحولها إلى عبارات جميلة تمكنك من أخذ الحيطة والحذر مما سقط فيه الغير ، وتقربك بالتالي إلى منابع الإباء والعزة والخير.
وقد كان لي الشرف في أن أترجم مقدمة الديوان مع وضع خطاب غلافه الأخير بطلب من الشاعر ، وجاءت ترجمتي كالتالي”الْكلِماتُ قدْ تُحيلُ على ماهِيَتِها و قد تُحيلُ على ما يُخالفُ ذلكَ، و قد تكون كما يريد بها كلٌّ مِنّا، ولنْ تعرف لذّةَ الشيء سوى بتذوقه و ما لَم تجرِّبه وما لمْ تتذوقْهُ أو تأكلُهُ لن يكون لك أيُّ عِلْم بهِ، وعلى الْمَرْء الاهتمامُ بالبحْث عمَّا لَمْ تَرهُ العيْن وَمَا لَمْ تسْمعْه الأُذْن .الدنيا خادعة ،منْ يَرومُ أن تسعده تَفِرُّ منْه وترْهِقُه، ومن زَهِد فيهَا راودتهُ حتى تُغويَه.
كُلّ ما يريدهُ الكثيرُ منَ النَّاسِ يريدونه وفيرا ، فلا أحد يرْضى أو يشكرُ بالقليل.
الإنسانُ يفَكِّر ويتأمَّلُ فيما يُريدُ القِيامَ بهِ ويَنسى مَن ينتظرونَ ويفكِّرونَ فيما سيفعلونَ به.
أن تمْلكَ أو لا تَمْلك ،أن تكونَ طيِّبا أوْ وقِحاً،أن تكونَ أسْودَ أو أبْيض ،مَكْسِيا أوْ عاريا أمُورٌ عاديَةٌ تَطالُ كلَّ إنْسانٍ ونحنُ نعاينُها ونتعايش معها.
مالا نراهُ هوَ ما يجعل من الإنْسان إنسانا ولا أحدَ يعْلم ما تُخفيه عنهُ البيضة قبل أن تُفْقس.
التأمُّلات هيَ التي تكسِب كلّاً مِنا عِطراً وطِيباً فتجعلنا مُتحابّين يُفيدُ بَعضُنا بعضا.
لِيكُنِ الإنسانُ مَا يمكنهُ أن يكون عليه ، فلن يَعْدو أن يَكون سوى قبضةٍ منْ ترابٍ سيعود إليه يوماً، وهذا ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار كي يُعٍينَ الإنسانُ الإنسانَ عَبْر أخوة ومودّة وتآزر…
أحِبَّ منْ يحبك ومن يكرهك لا ينبغي أن تحبه وتجِلَّهُ. وإن جهلت أحَدا فاظْهرْ أمامه كأنك تعرفهُ ،ومن ناداك إن استجبت لندائه فقد يقصد تحقيق هَدَفِهِ، لكن قد يوجد من يناديك لإفادتك.فَلْيفْتَحٍ المَرْءُ عيْنَيْه بعيدا عَنِ الخوف والتخويف كي يتواءم مع غيرهِ ويعْقِد معهُ مودَّة تفوحُ عِطْراً.
يقول الشاعرفي مقطع من مقاطع الديوان :
ئكا ييسن نربي دار تيرا تاساروت
نتائاس رزمخ ئيل جو ئولا نورم رات ئارمخ
تيفاوين ئادييي كام خيلي مي ثاكيخ
ناكوين نتكل علله ئور سول ئاكو ئاتاحلخ
ئاغراس مكنا كام ؤيخ ئاتن شوكوخ
ئاواناد كا ييوي داس نيت ئاكاخ ئافوس
ئاتلاس ئيناخخي ضرنت نانف خو ئوغاراس ص14.
فهو يعتبراسم الله تعالى مفتاحا للكتابة ، وإليه سيلجأ قصد طرق أبواب وصنوف من القول لم يجربها بعد ، ولن يتعب في ذلك ـ وهو متكل على الله ـ فستكون له القدرة في مواجهة المتاعب وسيسلك الطريق إلى مبتغاه متجاوزا عقباتها حتى يصل ما يرومه لتلذ له الحياة وينتعش قلبه ،فالماء الراكد لا أحد يستَحْليه ولا أحد يروق له.
وهو في هذا المقطع يذكرنا بالشعر الأمازيغي القديم الذي يستهله الشاعر باسم الله والثناء عليه قبل أن ينخرط في غرضه الرئيسي.
يقول في مقطع آخر:
ئاد ئيسوينكم ئيدا سران ئاتين لكمن
ئيليخد ئيزري ئيزري كيس فلنتنين ئيتين
ئيكضكام ئيدا غاساد ئاتنين نقيل
ئازكا ييتيد ئاد ئيلكم موحال ئات لكمخ
ئاسي ئافولكي ئار تزمزالات تشوكوت ئاغاراس
يئراد ئينغي ويياض ثايران ئاتين ئافين ص15
فهو مصمم على التفكير فيما يريد أن يبلغه ، وفي أي مكان وكل يمر به يتركه بعد أن يعيش مجرياته لينتقل به الزمن إلى يوم جديد قد يأتي وقد لا يأتي …
والشاعر يعيش متفاعلا مع الزمن في علاقته بما ينشغل في تحقيقه من طموحاته.
وفي مقطع آخر يقول:
يسافارن ئيس رزاكن في ئيليس تن يورمن
ييميماس واطان مضينت ئارت نيت لقين
ئور سول كين وين ئوضينت ئولا وينون ئاصمخ
ئاطان أقديم ئائيكا ئولا حرا لولان. (…..)ص 16
يشير إلى مرارة الأدوية على اللسان لكن المريض المتعايش مع هذه الأدوية يستطيبها فلا يأبه بمرارتها ، صار معتادا المرارة، ولم يعد يتطلع إلى طبيب ولا راقٍ ،فالمرض متجذّر في بدنه ولم يكن وليد اليوم، والله عليم بمصير الفرد وسيريه الطريق المفضي إلى مراده… أيتها الخيول عليكن بطريق واحد حتى لا نسقط في المتاهات فلا نصل إلى المبتغى.
و يقول :
ئاتافوكت ئامي ثيرنزار ئاكلالونم
ئاد ئيصافض ربي فاد ئاكان توفاوت
ئلاد ئيلاح تيلاس ئازال ئات سوفومت
ماد اسوك ريان ئيرا كم ئيسنتل
تاوالا ئات كيت ئاتودرت ئيخ كون تلكم 103
نداء وحوار مع الشمس التي يعتبرها ذات الأشعة التي خلقها الله وسخرها كي تنشر ضوءها فتطرد الظلمات ، فمن يطيق العيش دونها ؟ ومن يطيق حجب أشعتها …
إن شعر عبد السلام مطرز بصور مبنية على دينانية مرسسة على الحوار والتخييل الرافض للثبات علاوة على بنائها على الوجه والالم والأمل ، وتشعر بحضور السردية فيها فهي وإن أسست على إيقاعات محددة تنحو بالقارئ كي يتصور الأحداث التي ترسمها والشخصيات التي تديرها. وهو في كل ذلك يبحث عن الحقائق ، يبحث عما يسعد الإنسان ويسحب الشر بعيدا عنه.
ولا شك أن الشعر في حقيقته تهذيب للذوق ، تهذيب للسلوك وحمل للمخاطبين به على فضائل الصفات ، فالشاعر إلى جانب كل المبدعين في حقيقتهم أساتذة ومربون باعتبار الإبداع إمتاعا وتفسيرا وإرشادا ودعوة إلى التغيير نحو الأرقى والأفضل والأجمل.
انظر كتابي ” قراءة عاشقة لإبداعات أمازيغية ” ص 64.
قراءة وتقديم :لحسن ملواني ـ قلعة مكونة
Il est des havres de recueillement et de contemplation que peu de poètes connaissent. Les ascètes à la quête du ressourcement s’isolent en se détachant momentanément de leurs semblables. Nassef, quant à lui , a élu résidence dans la rue ouverte à tout hasard, à tout aléa, à toute confrontation physique et matérielle; susceptible de l’inattendu et à l’imprévisible. N’est-il pas le poète qui a forgé le jargon du “fils de la rue” que certaines de ses connaissances dans le milieu littéraire amazigh confondent avec le mot “bâtard” par méconnaissance? La rue est pour le poète Nassef l’objet de toute inspiration par excellence, la muse en quelque sorte ou l’école comme il se plaît à la nommer. Le poète Nassef est au cours de son parcours poétique que ce soit ses performances de joutes improvisées sur l’aire d’Ahwach ou à travers ses recueils hanté par l’Invisible, l’Immatériel des airs supérieurs de purification. Ses vers visent à atteindre l’inaccessible volet de l’être, à déclamer l’invisible et à dire l’indicible. La vie n’étant pas uniquement l’existence corporelle et intellectuelle; il est de même important de tenter d’explorer le mystère et l’énigme qu’est la présence provisoire de l’homme ici-bas. C’est dans cette dimension autre que s’insère la poésie de Nassef le visionnaire,le poète qui a roulé sa bosse un peu partout dans le monde pendant des périples qui forment et informent et où il a côtoyé différentes nationalités, civilisations, langues et qui continue dans cette voie que rares sont celles et ceux qui osent l’arpenter spirituellement et en faire part par écrit . Bon vent Nassef, libère-toi du Connu !
Farid Mohamed Zalhoud
Tafraout le 19 novembre 2018
Préface
Le poète mystique amazigh Abdeslam Nassef partage avec ses lecteurs un nouveau recueil de poèmes intitulé:”iggig n tayri d irZmn i urcac n tujjutin”. Comme d’habitude, avant chaque nouvelle publication, il me contacte afin que je participe à la présentation de son ouvrage; parfois comme témoignage, comme traduction partielle de ses poèmes ou comme rédaction de préface.
Pour ce nouvel ouvrage de Nassef , il s’agit de la traduction de “tazwart” : la préface.
Les paroles sont ce qu’elles sont , sont ce qu’elles ne sont pas et sont ce que les nomment tout un chacun.Tu ne sauras la saveur d’une chose que lors tu la goûteras.Tu ne sauras qu’elle te conviendra que lors tu l’essaieras, qu’elle te sera remède que lors tu l’avaleras.Tu n’auras droit de faire part d’une chose que tu n’as pas goûtée, que tu n’as pas essayée et que tu n’as pas avalée.
Cherche ce que les yeux ne peuvent pas voir, ce que les oreilles ne peuvent pas entendre et ce à quoi nul ne pense.
Le monde fuit celui qui est à ses trousses et lui en fait voir de toutes les couleurs. Le monde finit par rattraper celui qui l’évite et l’alourdit de fardeaux.
Évite tout ce que les gens veulent et veulent en faire ce que bon leur semble !
Cherche ce qui est rare et que rares sont ceux qui le cherchent.
L’homme pense à ce qu’il doit faire et oublie ce que certains pensent faire de lui.
Que tu sois riche ou pauvre, beau ou laid, noir ou blanc, vêtu ou nu, ces choses-là sont claires comme le jour. Elles sautent aux yeux de tout un chacun et ne font pas objet de différences aux yeux des sages.
C’est l’invisible qui définit l’homme en réalité. Nul ne sait ce qui sortira de l’oeuf qu’après l’éclosion.
Ce sont les pensées qui élèvent les gens, donnent plus d’éclats à certains et les rapprochent ou les éloignent les uns des autres.
L’homme a beau être ce qu’il est, il déambule et infeste la Terre de sa puanteur. Lors il sera mort, il infestera davantage la Terre.
Il ne faut point avoir peur ni non plus vouloir faire peur; c’est ce qui rend l’homme aérien aux yeux de ses semblables. Aime celui qui t’aime.Tente d’aimer et d’accepter celui qui te hait. Fais semblant de connaître l’inconnu; il pourrait être mieux que ceux que tu prétends connaître. Réponds présent à celui qui t’appelle; il se peut qu’il ne désire que son propre profit; mais il y a celui qui t’appelle pour ton bien. Sois ouvert d’esprit, confiant mais pas méchant; tu retrouveras la clé de l’entente.
Prête l’écoute au tonnerre de la passion au ciel qui pleut une averse de fragrance !
Bonne lecture
Mohamed Farid Zalhoud